احزنني ما تعرض له صديقي الذي خرج عن لسانه يمين الطلاق بالثلاثة وهو حائر بين من يفتي عبر الفضائيات، سأل أحدهما أيقع الطلاق لتحرم علي زوجتي وقد قصدت طلاقها بالثلاثة أم أنه يحل لي مراجعتها فقال له يقع وتحرم عليك وجن جنونه كيف بلسانه يفقد من أحبها وعاشرها وصارت هي كل حياته وعاد علي فضائية أخري ليسأل نفس السؤال وتأتي الإجابة هي طلقة واحدة ولك أن تعيدها لعصمتك إذا كانت في العدة. علماؤنا الثقات أكدوا أنها واحدة ولكن صديقي ظل علي حيرته أكثر من شهر حتي هداه تفكيره إلي الذهاب لدار الافتاء وهناك كان الرد الصحيح الذي أزال الشك من عقله وهو رد باعتبارها طلقة واحدة. فتاوي الفضائيات للأمانة سببت العديد من المشاكل سواء بطرح مواضيع لا يجب أن تثار أصلا كنكاح المتوفاة وزواج القاصرات فما بالكم بمن يفتي علي غير فهم صحيح في مسائل المواريث وتلك الكارثة مع أن النصوص واضحة وصريحة في كتاب الله لا تقبل الشك. الأمر كان في حاجة لوقفة صارمة خاصة وأن كل الفضائيات وجدت في برامج الفتاوي سوقاً رابحة لتحقيق الذات والربح معاً من خلال آلاف المكالمات التي تنهال عليهم ممن يريد أن يجد التفسير الذي يلائم هواه مع تلك المحطة أو الأخري. الحقيقة تقول إن ما أحدثته تلك البرامج ساهم في فتن كثيرة ومعارك خرجت بصحيح الإسلام عن مضمونه السمح الواضح الذي لا يحتمل البهتان أو الشقاق فعندما يقول النبي صلي الله عليه وسلم »تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي». ومن العجب أننا رأينا بعضا من هؤلاء المفتين يرجعون في فتاواهم معتذرين بأنهم أخطأوا أو فسروا بغير علم مما يفقدهم مهابتهم ويجعل أعداء الدين يستغلون ذلك خاصة من دعاة الإرهاب وهم يتربصون بنا. تربينا من صغرنا علي أن الفتوي لا تأتي إلا من الأزهر أو من دار الإفتاء ولم نسمع بها تأتي بغير ذلك مطلقا. الحديث الذي أدلي به الإرهابي عبدالرحيم المسماري المقبوض عليه في حادث الواحات يؤكد الفهم الخاطئ للدين وللإسلام وللجهاد وجزء كبير من هذا تسببت فيه فتاوي وأفكار خاطئة علقت بفكر من يقودون أمثال هذا الشاب الذي ظهر ثابتاً وكأنه بالفعل يدافع عن عقيدة راسخة وهذا هو الخوف الشديد. من يقودونه هم من المصريين الذين اعتنقوا الفكر الجهادي التشددي سواء جاءت أفكارهم من الداخل أو من الخارج وهو ينادون باستباحة كل ما هو في رأيهم كافر ويدفعون أنفسهم لقتل الأبرياء ويعتقدون أنهم ذاهبون للجنة التي يوعدون. لقد سئل المسماري عما إذا كان قتل الضباط حلالا أم حراما أجاب حلال وبقوة وأن جزاءه الجنة! وللأمانة رأيت بنفسي فرحة واستقبالا جيداً لقرار المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام بقصر الفتوي علي 50 من الثقات من العلماء ممن يعتمدهم الأزهر الشريف هنا رأينا لأول مرة تفعيل ما يطالب به الرئيس من ضرورة تصحيح الخطاب الديني بلا مهاترات والبداية تكون بوقف مهازل فتاوي الفضائيات القاتلة المدمرة التي تستهدف الشباب وبالفعل تم التفاعل مع المؤسسة الدينية الكبري ممثلة في الأزهر لاختيارهم دون غيرهم لبرامج الفتوي أما البرامج العامة والاسئلة العادية فلا حرج عليها طالما كانت في حدود الشرع وهو شيء جيد رغم أن البعض يؤكد أن هناك خلافا بين الأزهر والأوقاف علي القوائم والأسماء وهو ما يجب أن تنأي الجهتان عنه بالاتفاق علي من له حق الفتوي. كل ما يهمنا في الأمر أن يكون من يتم اختياره ممن يمتلكون قدرة الافتاء من جهة وأن يكون واجهة مقبولة تقنع الناس لا تنفرهم من جهة أخري، وحسنا أن أعلن رئيس المجلس الأعلي أن الأسماء كلها ستطرح علي الأزهر وله حق الاختيار وحده.