تشهد مدينة القدس معركة جديدة حول أراضيها بين سلطة المحليات الإسرائيلية والكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، فبينما أقرت لجنة البناء والتخطيط في بلدية القدس بناء 176 وحدة سكنية لليهود علي أراض متنازع علي ملكيتها، تأتي الضجة الكبري التي أثارتها صحيفة هاآرتس في حملة مضادة للبطريرك المسيحي الأنبا ثيوفيلوس رئيس الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية بالقدس الذي اتهمته الصحيفة ببيع أراض وعقارات مملوكة للكنيسة في قلب القدس بأسعار زهيدة جدا وصفتها الصحيفة بحرق الأسعار مما يثير الشك في ان الكنيسة ترغب في التخلص من املاكها تلك بأي ثمن، ولمشترين غامضين مجهولين. تهدف بلدية القدس بقرارها للبناء إلي توسيع حي »نوڤ تسيون» الواقع في منطقة جبل المكبّر في جنوب شرق المدينة بحيث يتحول الحي اليهودي إلي أكبر مستعمرة يهودية في قلب الأحياء العربية بالمدينة. ويعترف نير حسّون عمدة القدس بأن الغرض النهائي من هذه الخطة هو توحيد المدينة وإزالة أي عوائق او فواصل طبيعية بين شطريها تمهيداً لاعتمادها عاصمة أبدية للاحتلال الإسرائيلي.، فيقول نصاً وبكل وقاحة: »نحن نواصل البناء وتقوية القدس وفي ذكري مرور خمسين سنة علي توحيد المدينة فإننا نقوم بتوحيد القدس عبر أعمال واقعية علي الأرض». المعروف ان مستوطنة »نوڤ تسيون» بنيت منذ ست سنوات علي يد شركة عقارات خاصة والمستوطنة تشرف علي البلدة القديمة لكنها محاطة بالأحياء العربية، ولتغيير هذا الوضع فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمد إلي الاستيلاء علي أراضي الفلسطينيين وتبني عليها المستوطنات اليهودية لتتسلل تدريجيا وتمحو الأحياء العربية من القدس ليحل محلها مستوطنات يهودية. لعل هذا الغرض هو الذي جن جنون الإسرائيليين ودفعهم للتشهير بالأنبا ثيوفيلوس الثالث بطريرك القدس وشن حملة صحفية ممنهجة ضده وضد الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية التي تعتبر ثاني أكبر مالك للأراضي والعقارات في اسرائيل بعد »هيئة أراضي اسرائيل». الصحيفة العبرية تقول ان البطريرك دأب منذ بضع سنوات علي البيع الهادئ لممتلكات الكنيسة في أنحاء اسرائيل سواء في يافا او قيصرية أو الرملة او الناصرة بخلاف القدس. ولفتت الصحيفة النظرإلي ان كل المشترين عبارة عن شركات اجنبية مسجلة في ملاذات ضريبية بما يعني استحالة الحصول علي معلومات تخص مالكي تلك الشركات، وما يثير القلق في اسرائيل هو انه خلال بضعة عقود من الزمن حين تنتهي صلاحية عقود الإيجار الخاصة بتلك العقارات فسيكون الملاك الجدد متحكمين في تلك العقارات. وتؤكد هاآرتس ان الكنيسة حصلت علي ملكية تلك العقارات في القرن التاسع عشر. وعادة لا تبيع الكنيسة الأصول التي تملكها بل تؤجرها لمدة 99 عاماً وفي الغالب يكون التأجير لإحدي الهيئات العامة كالصندوق القومي اليهودي أو »هيئة الأراضي في اسرائيل» المذكورة في اول التقرير والتي قررت توسيع المستوطنة اليهودية علي حساب الأحياء العربية. وتواصل الصحيفة ان صفقات بيع املاك الكنيسة اصابت قاطني تلك العقارات بالرعب لأنهم سيكونون تحت رحمة الملاك الجدد كما انهم لن يتمكنوا من بيع عقاراتهم بعد ان بخست الكنيسة أسعارها. وتنسب الصحيفة الإسرائيلية لبعض المسيحيين الفلسطينيين والأردنيين توجيه اتهامات بالفساد للبطريرك كانعكاس للاستياء والغضب المتصاعد من تصرفاته لدرجة العمل من اجل ازاحته من رئاسة الكنيسة باعتبار ان التخلي عن املاك الكنيسة قلص من سيطرتها وقدرتها علي التعبير عن مصالح الأرثوذكس. ولم ينس التقرير العبري ملاحقة تحركات البطريرك الأخيرة حين التقي ببابا الفاتيكان والعاهل الأردني لشرح مبرراته.