انتباه ياعرب.. أجراس الخطرتصم الآذان. لكن يبدو أن الآذان مصابة سلفاً بالصمم..عيب خلقي لا يجد من يداويه ولم تعد تزعجنا أنباء انشطار البلدان العربية.. تعودنا عليها وألفناها. جربنا انشطار اليمن والعراق والسودان واليوم نرقب انشطار العراق بكل هدوء أعصاب، والغريب ان قليلين منا هم من انتبهوا إلي أن شظايا القنبلة الكردية الانشطارية قد وصلت بمنتهي الثبات إلي الأراضي السورية، فقد توارت أنباء انتخابات المحليات التي أجراها أكراد سوريا في شمال البلاد خلف دويّ الاستفتاء الذي أجراه أكراد العراق علي الانفصال عن الدولة المركزية في بغداد وبينما الكل مشغول بأحداث الحرب الأهلية في سوريا. وفي خطوة غير مسبوقة وإن كانت غير مفاجئة أقدم أكراد سوريا علي إجراء انتخابات لاختيار ممثليهم في الأجهزة المحلية في الإقليم الخاضع لسلطة القوات الكردية بالتزامن مع الاستفتاء الكردي العراقي. أقول غير مفاجئة لأن أكراد سوريا بدأوا التمهيد لخطوتهم الانفصالية منذ بدايات العام الماضي، ورويداً رويداً حققت لهم انتصاراتهم علي داعش نوعا من التميز الذي يستحق المكافأة بالاستقلال. ففي مارس 2016 أعلنوا نظاماً اتحاديا من جانب واحد يتمتع بما يشبه الحكم الذاتي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم والمقسمة إلي ثلاث مناطق: الجزيرة والتي هي الحسكة في شمال شرق سوريا ومنطقة الفرات الواقعة شمال وسط سوريا وتشمل أجزاء من حلب واجزاءأخري من الرقة، ثم منطقة عفرين الواقعة شمال غرب سوريا وهي أيضاً جزء من حلب. أعلنوا ذلك في إطار الحكم الفيدرالي الذي أعلن عنه »الحكم الذاتي» المكون أساساً من الحزب الديموقراطي الموحد في سوريا. من المخطط ان تتم عملية الانتخابات الكردية غير المسبوقة في سوريا علي ثلاث مراحل بدأت أولاها قبل اسبوع لانتخاب اللجان المحلية لتصل إلي ذروتها في يناير القادم بانتخاب برلمان لما يطلق عليه الأكراد »غرب كردستان». قبل بداية الصراع الدموي في سوريا في 2011 كان الأكراد يشكلون 15% من سكان سوريا أي حوالي 22 مليون نسمة، وهم كأكراد العراق يحاولون فك ارتباطهم بالدولة الأم ونظام دمشق. مع ذلك يجب الاعتراف بأن أكراد سوريا ليسوا علي قلب رجل واحد فيما يتعلق بالانفصال فهناك المجلس القومي الكردي بسوريا الذي يعد بمثابة معارضة داخل المعارضة الكردية ممثلة في الحزب الديموقراطي الموحد الذي يرفع راية الانفصال عن سوريا أو الاستقلال الكردي. المجلس القومي أعلن مقاطعته للانتخابات المحلية ودعا ابناء الشعب الكردي لمقاطعتها بالمثل لأنها تسيء لنضال الشعب الكردي وفي حين كشف المجلس عن ضغوط تمارس علي الأكراد في سوريا لدفعهم للتصويت في الانتخابات إلا أنه لم يفصح عن الجهات التي تمارس تلك الضغوط. هناك أيضا المجلس الأعلي للعشائر السورية يعارض عملية الانتخابات ويعتبرها الخطوة التمهيدية لتقسيم سوري مع هذا فإن تلك الكيانات التي أعلنت معارضتها للانتخابات قالت انها لن تقف في وجه العملية الانتخابية ولن تحاول إعاقتها!. ويلفت النظر أن اسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تدعم الأكراد في حركتهم الانفصالية وتعلن ذلك دون مواربة وكان علمها هو العلم الوحيد الذي تم رفعه بجوار العلم الكردي في المسيرات التي وقعت في اربيل داعمة للاستفتاء علي الانفصال عن العراق. ومع أن هذا الدعم ليس جديداً وسبق إعلانه قبل بضع سنوات إلا ان تصريح نتانياهو الأخير بدعم »استقلال الأكراد» وهو يأتي متسقاً مع اساسة الصهيونية في إذكاء الروح الانفصالية لدي الشعوب إلا أنه يأتي أيضاً كنوع من المكايدة السياسية مع تركيا ورئيسها أردوغان. ومن المفارقات المضحكة ان اردوغان الذي يرفض انفصال الأكراد عن العراق لحساباته السياسية يتزعم البلد الذي تحدي العالم وعمل علي انشطار قبرص إلي قسميها اليوناني والتركي.. تركيا هي البلد الوحيد في العالم الذي يعترف بقبرص الشمالية »التركية» تماما كما هي اسرائيل الجانب الوحيد الذي سيكون اول من يعترف بدولة كردستان المستقلة. إنه عالم مجنون حقا والمجانين في نعيم..