لو صحت تصريحات نقيب الصيادلة ولم تكن من باب المكايدة مع وزارة الصحة لكنا أمام كارثة بكل المقاييس ما هو الشعور الذي يمكن أن يصيب المواطن المصري مريض فيروس سي وهو يتابع الخناقة الدائرة بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة ويطالع الاتهامات المتبادلة بين اثنين من أهم أجهزة البلد مهمتهما العناية به كمريض وتقديم أفضل خدمة طبية ممكنة للوصول به إلي شاطئ التعافي؟ كيف يمكن لمريض ينهش هذا الفيروس اللعين كبده وأعضاءه أن يأمن إلي سلامة وصلاحية العلاج الذي تقدمه له الدولة ويكلفها مئات الملايين من الدولارات أو يقوم هو بشرائه ويقطع ثمنه من لحم الحي مهما بلغت قدرته المالية بينما يتبادل هذان الجهازان المسئولان عن صحته الاتهامات ويلقي كل منهما علي الآخر بالمسئولية. كلام نقيب الصيادلة الدكتور محيي عبيد لصحيفة الدستور ينطوي علي كارثة حقيقية إذا صحت تصريحاته ولم تكن من باب المكايدة القديمة بين النقابة ووزارة الصحة بسبب تسعير الأدوية ومن أيام أزمة نقص ألبان الأطفال التي لم يحلها سوي تدخل المؤسسة العسكرية. نقيب الصيادلة يتهم وزارة الصحة صراحة وعلنا جهارا نهارا بالتحايل ومد تواريخ صلاحية علاج فيروس سي وبالضغط علي بعض الصيادلة لقبول تلك الأدوية منتهية الصلاحية وتسويقها في صيدلياتهم. النقيب يؤكد - علي مسئوليته - أن الصيادلة قدموا للنقابة كميات من عقاقير علاج فيروس سي مشطوب تاريخها ومدون عليها تاريخ جديد ويؤكد أن النقابة تيقنت من صحة بلاغهم بعد فحص العبوات، وهو يقدر الكميات التي تم التلاعب بتاريخ صلاحيتها ب 49 ألف عبوة. يا نهار اسود!! ويفسر سبب لجوء الوزارة لهذا التلاعب في تواريخ صلاحية أدوية هذا المرض الخطير بالرغبة في تلافي الاتهام بإهدار المال العام ويقدر قيمة تلك العقاقير ب 60 مليون جنيه!! الرجل توجه ببلاغات للنائب العام واستغاث بالصحافة ليحذر من خطورة الموقف، أكثر من ذلك يكشف النقيب عن كذبة أخري لوزارة الصحة حين أعلنت أن نواقص الدوء تبلغ 40 صنفاً فقط بينما يؤكد هو أن النواقص في 1200 صنف! تساؤلات كثيرة ترج رأسي لو صحت تلك الاتهامات: لماذا لم توزع الوزارة تلك العقاقير علي المرضي قبل انتهاء صلاحيتها بوقت كاف؟ وهل كانت تعلم عندما استوردتها باقتراب انتهاء صلاحيتها؟ وحتي لو لم تكن تعلم فلماذا تسلمتها عند وصولها أم أن الخطأ والتقصير من جانبنا فلم تستطع الاحتجاج؟ وما هي المدة التي قامت بتمديدها وهل هي مقبولة علاجياً أم لا؟ وهل الكميات التي أعلنها نقيب الصيادلة صحيحة أم أن هناك كميات أخري في الطريق؟ وهل تم توزيع كميات من هذه الأدوية علي المرضي الذين يعالجون علي نفقة الدولة أم اقتصر طريق التخلص منها بتوزيعها علي الصيدليات حيث يشتري المريض القادر (والله أعلم بحاله) والمضطر من الصيدليات؟ دائما كنت أردد أنه لو تحقق شعار مصر خالية من فيروس سي في 2018 لكفي ذلك المصريين إنجازاً. يبدو مش مكتوب لنا صحوة. ورحل عرفة.. الفار النبيل لم تكن الضحكة تفارق وجهه، خفة الظل والمقالب اللطيفة والمحبة والتسامح، صفاء القلب والرضا بنصيبه وبما قدر الله له.. كلها صفات كانت تلازمه؛ هي جزء لا يتجزأ من شخصيته. لم يشكُ بغياً ولا ظلماً ولا مرضاً. من يلقاه للمرة الأولي لا يمكن أن يشعر بأن به بأساً أو يعاني جوراً وكدحاً وكأنه لا يحمل للدنيا هماً. تداهمه الأيام بالأمراض فيقابلها بتسليم صوفي مدهش تغشي عينيه عتمة بغيضة تؤثر علي بصره فلا تحرمه البصيرة هكذا كان محمد عرفة وبغير ذلك لا يكون. من عشرين سنة ونيف جمعتنا رحلة إلي شمال سيناء، »شلة» غيّب الموت كثيرا من أفرادها وغيّب التقاعد الباقين علي قيد الحياة. كل متاعب الإقامة ومشقة السفر بددها بضحكاته وقفشاته. بسبب كثرة الفئران في مقر إقامتنا أطلق علينا عرفة شلة الفئران تأسياً بشلة »الحمير» التي أسسها الكاتب الفيلسوف الراحل توفيق الحكيم. وتحولت أسامينا إلي أرقام ومقاسات الفار نمرة واحد.. الفارة الكبيرة وكنت الفارة الصغيرة رغم كبر حجمي لكنني كنت أصغرهم سناً.. ورحل الفار الكبير بكل نبله وبساطته وإخلاصه. رحم الله محمد عرفة وجعل كل خير قام به أو ألم أصابه في ميزان حسناته.