كان الشهيد عبدالمنعم رياض يقول إن تحرير الأرض لابد أن يتم بالقوة، وأن الثأر لهزيمة 67 ليس فقط إعادة للاعتبار، وإنما هو ضرورة حياة لدولة بحجم مصر، ولشعب لابد أن يثبت لنفسه وللدنيا أنه غير قابل للانكسار. رحل عبدالمنعم رياض قبل أن يشهد النصر الذي كان أحد صناعه. أما من عاشوا مثلنا أيام النصر العظيم فيدركون كيف انفتحت أمامهم الدنيا من الآمال في أن يكون اكتوبر هو بوابة العبور للمستقبل العظيم الذي يليق بمصر وبالعالم العربي الذي لم يتوحد يوما كما توحد تحت راية أكتوبر وما تحقق فيه من انجاز فاق كل التوقعات، ومن انتصار وضع نهاية لاسطورة جيش العدو، وكتب السطر الأول في كتاب كان علينا أن نكمله وفاء للشهداء وانتصارات لوطن يستحق الأفضل علي الدوام. ما حدث بعد ذلك هو أنه في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأسبق انور السادات أن أكتوبر هي آخر الحروب!.. فإن أعداء أكتوبر لم يتوقفوا لحظة واحدة علي مدي اربعين عاما! عن حربهم ضد كل ما تمثله أكتوبر في ضمير الشعب!! كانت أكتوبر هي حرب الجيش والشعب معا، الكل كان في واحد، والصف كان يضم الجميع. الملايين التي خرجت في 9 و10 يونيو لترفض الهزيمة كانت تعرف أن عليها أن تتحمل كل شيء لتثأر لنفسها ولمصر، ولتوفر كل ما يلزم جيش المليون مقاتل الذي بنته مصر من الصفر. والجيش الذي قيل له إن عليه أن ينتظر عشر سنوات ليقف علي قدميه، كان يحارب في رأس العش بعد أسابيع، وكان جاهزا لحرب الاستنزاف بعد عامين، وكان مستعدا للعبور بعد أن انجز حائط الصواريخ الذي قبل عبدالناصر من أجله مبادرة روجرز وهو يعرف انها لن تقدم ولن تؤخر، ولكنها توفر الفرصة والوقت لاتمام الخطوة الأخيرة اللازمة من أجل العبور. خرجنا من حرب أكتوبر بنصر عزيز يمكننا من استئناف مسيرة التنمية والتقدم وتعويض سنوات الانتكاسة بعد 67، ويفتح أمامنا الباب لقيادة الوطن العربي نحو تعاون يعكس ما حدث في أكتوبر في كل الميادين، ويستغل الطفرة التي حدثت في أسعار البترول ليبني نهضة اقتصادية عربية تستفيد من كل الامكانيات البشرية والفنية والمالية التي تتوافر لدي العرب وتعطيهم الفرصة ليكونوا كما كان يقال يومها القوة السادسة في العالم. اقتصاديا وعسكريا وسياسيا. كيف بددنا كل ذلك؟ وكيف- بعد انتصار بحجم اكتوبر - نترك 99٪ من اوراق اللعبة في يد امريكا ونترك معها مستقبل مصر والمنطقة يقرره غيرنا؟ وكيف اكتفينا بترديد اكذوبة أن أكتوبر هي آخر الحروب.. بينما كانت اكتوبر نفسها، وعلي مدي اربعين عاما تتعرض لأبشع الحروب وأحط المؤامرات، لينتهي الأمر بنا إلي هذا المصير الذي آل إليه الوطن العربي، والذي كادت مصر أن تسقط فيه لولا المعجزة التي انقذ بها شعب مصر وجيشها هذا الوطن باسقاط حكم الإخوان الفاشي في 30 يونيو؟ اسئلة كثيرة.. لعل محاولة الاجابة عنها هي خير ما نقدمه تحية لاكتوبر المجيد، وشهدائه الأبرار، ولشعب رفض الهزيمة ولجيش لم يفرط يوما في الأمانة ولم يكن له يوما ولاء إلا لشعب مصر العظيم!!