القاهرة تختنق.. الانتقال في شوارع القاهرة هو رحلة عذاب من حيث المعاناة والجهد والوقت الضائع والتكلفة والفرصة الضائعة والبديلة لما يمكن عمله وكذا للحوادث للمخاطر الكبيرة للسيارات الطائشة وعدم الانضباط والاختناق العام.... عاصمة مصر هي ثاني أكثر المدن ازدحاما في العالم بعد مانيلا عاصمة الفلبين والتي تصل الكثافة السكانية بها إلي 14 ألف نسمة/كم2... وتشير المؤشرات إلي أن القاهرة- الآن- تنافس علي المركز الاول في أكثر الدول في العالم اختناقا... واتساءل هل يمكن ان نترك إنسانا يختنق؟ فكيف نترك مدينة تحتضر؟... مدينة القاهرة من أكبر مدن العالم من حيث المساحة بينما تحتل مرتبة متوسطة من حيث توافر البنية التحتية في حين تحتل مرتبة متأخرة في مؤشر أغني المدن في العالم وكذا المدن المالية والتجارية ومن أسوأ مدن العالم في النقل... المواطن المصري في رحلة العذاب اليومية وصل إلي ما يمكن توصيفه بالاختناق... اختناق شعب واختناق مدينة... فهل سنظل نواجه أزمة النقل والمواصلات في مصر بعدم مبالاة؟ أو بحلول جزئية؟... المطلوب الآن هو مواجهة شاملة مع مشكلة تحولت إلي أزمة كبري... قضية النقل في مصر هي قضية مجتمع وليست فقط قضية وزارة نقل أو عدة وزارات أو حكومة أو حزب... مصر في أزمة... هي خطيرة بكل المعاني والمقاييس ونحن قادرون علي حلها مثل أزمات كثيرة... علينا فقط أن نعترف بها ونواجهها ونتبع الأسلوب العلمي والعملي الشامل والمتكامل لحلها... مصر ال 08 مليون نسمة تعيش علي تخطيط نقل وشوارع تم ل 04 مليون نسمة من أكثر من خمسين عاما... للأسف الشديد حدثت جرائم كبري من حكومات ومن بعض من كان مسئولا علي ملف النقل والمواصلات اوصلتنا لهذه الكارثة الكبري... ما نحن فيه اليوم هو نتيجة جرائم الأمس!!... نتيجة لعدم التخطيط، ولعدم الاستفادة بقمم العلماء والمتخصصين في تخطيط النقل والمواصلات، ولتنحية قيادات متميزة في ثلاثين عاما، ولإهمالنا البناء المؤسسي لقطاع بالكامل وهيئاته خلال نفس الفترة، ولاعتمادنا سياسة المسكنات الجزئية بدلا من المنظومة الشاملة، ولمضاعفة الترخيص لسيارات دون توفير شوارع وأماكن انتظار لها، وللاهمال الكبير لقطاع النقل العام ولسوء تخطيط وتكامل وسائل النقل المتعددة العامة والخاصة والنقل الثقيل والترام والقطار والنهري والأجرة، وللتطبيق السيئ للمرور، ولعدم الانضباط في الطريق، وللترخيص لغير المؤهلين وغيرها... ووصلت الحالة إلي معاناة يومية في رحلة عذاب- متكررة ومتواصلة- ورحلة رعب لكل مصري... والسؤال: هل سنترك الحل لكل محافظ؟ أم لوزير النقل؟ أم سنتركه ليكون بند من بنود حكومة مزدحمة بأجندة انتخابات ومستوي معيشة ومشروعات وتعليم وصحة وغيرها؟... التعامل مع قضية النقل والمواصلات يجب أن يكون من منظور مجتمعي وبفلسفة أحداث نقلة نوعية، وبمنهج الإسراع بالتنمية، وبأسلوب متكامل وليس جزئيا، مخطط وليس عشوائيا، متعدد الوسائل وليس أحادي الوسيلة... يضيع علي الاقتصاد القومي ربع وقت العمل في الانتقال وهذا غير مقبول ولا يمكن الصمت عليه... إذا اضفنا إلي هذا ان مصر سيولد بها أكثر من 08 مليونا علي الأقل في الأربعين عاما القادمة حتي عام 0502 فإننا سنجد انفسنا امام تحدي بناء وطن من جديد بمدنه وقراه وبشبكة طرق ونظم مواصلات تواكب هذه الزيادة... أي أن المطلوب هو أولا حل مشاكل الماضي المتراكمة عبر أكثر من ثلاثين عاما وثانيا مواجهة التحدي العاجل ل 061 مليون مواطن علي الأقل في عام 0502 مطلوب أن يعيشوا..،. وينتقل كل منهم بأمان... فكيف ننقذ شعبا ومدينة تختنق؟. وللحديث بقية [email protected]