اذا كان من الخطأ التسرع بتوجيه الاتهامات سابقة التجهيز، حسب الهوي السياسي لشخصيات او جهات ومنظمات وحتي دول في تدبير وتنفيذ العمل الارهابي الخطير الذي اسفر عن استشهاد ستة عشر مقاتلا مصريا، فان الخطأ الاكبر ان نتعامي عن رؤية الخطر الذي يتهدد سيناء العزيزة من مجموعات ارهابية استباحت ارضها منذ عام مضي، تفجيرا وقتلا، وتجد دعما لوجستيا لها من داخل وخارج سيناء، يتجلي في حركة نقل الاسلحة الثقيلة عبر الانفاق مع قطاعي غزة. ان التسرع بتوجيه الاتهامات حسب الهوي السياسي قبل تحري ما حدث بدقة وجمع المعلومات الحقيقية السليمة من شأنه ان يضللنا، والاخطر من شأنه ان يمنح الذين دبروا وخططوا لهذا العمل الارهابي ومن نفذوه فرصة الهروب بجريمتهم دون حساب او ثأر لارواح شهدائنا الابرار. فهذا ليس وقت تصفية الحسابات السياسية او النيل من الخصوم السياسيين مثلما فعلت تلك الناشطة السابقة بالطعن في قواتنا المسلحة، او مثلما فعل ذلك القيادي باحد الاحزاب حينما اتهم الرئيس السابق، او ذلك المتحدث باسم احدي الجماعات التي مازالت ترفض توفيق اوضاعها عندما قال ان العمل الارهابي اجهاض للبرنامج الانتخابي في المائة يوم الاولي لرئيس الجمهورية، او ايضا مثلما فعل محللون سياسيون عندما حملوا رئيس الجمهورية مسئولية ما حدث لقيامه بالافراج عن متهمين في قضايا ارهابية منهم من كان محكوما عليه بعقوبة الاعدام ولم يتم تنفيذ العقوبة. لكن هذا وقت الانتباه للخطر الذي يتهدد جزءا عزيزا من ارضنا هي سيناء العزيزة، بل يهدد امننا القومي كله.. وهذا وقت الاحساس بأقصي درجات المسئولية.. فالوطن كله وامنه في خطر.. ولايصح ولايستقيم أن يسعي البعض منا في هذا الوقت الحرج والعصيب الذي وصفه احد القادة العسكريين بأنه يشبه وقت نكسة يونيو 76 لاستثمار العمل الارهابي البشع الذي تعرض له مقاتلونا في سيناء للنيل من الخصوم السياسيين لتحقيق مكاسب صغيرة في الصراع السياسي الدائر الان بقوة والناجم عن اصرار تيار سياسي علي فرض ارادته ومشيئته وحده يقابله رفض لذلك من قبل بقية التيارات السياسية، باستثناء شراذم متناثرة تراهن علي فتات من التورتة السياسية سيلقيها لهم من قبضوا علي ناصية الحكم!. وسبب هذا الخطر الذي تتعرض له سيناء وامننا القومي كله هو تواجد مجموعات ارهابية فيها.. ولم يقتصر الامر علي التواجد او الاحتماء بها فقط، بل ان هذه المجموعات الارهابية استخدمت اراض بسيناء مسرحا لعملياتها الارهابية، واستهدفت كل هذه العمليات اقساما للشرطة وكمائن لها، ثم استهدفت مواقع للقوات المسلحة.. فهذا الاعتداء الاثم الذي تعرض له الموقع العسكري الحدودي في رفح قرب معبر كرم ابو سالم لم يكن الاعتداء الاول الذي استهدف جنودا للقوات المسلحة، وانما سبقته طوال الشهور الماضية اعتداءات اشار اليها بوضوح بيان المجلس العسكري علي موقعه الالكتروني. وهكذا.. لا يمكن لاحد انكار هذا التواجد لتلك المجموعات الارهابية، لانها افصحت عنه في شكل عمليات ارهابية مستمرة تقوم بها.. ومن ينكر ذلك فان أهواءه السياسية عمته عن رؤية الخطر الذي يتهدد هذه القطعة الغالية من ارض الوطن التي استعدناها بدماء ابنائنا من اسر احتلال جثم علي صدرها اكثر من ست سنوات. كما لا يمكن لاحد انكار ان هذه المجموعات الارهابية بغض النظر عن الاسم الذي تنتحله سواء التكفير والهجرة، او التكفير والجهاد، او القاعدة والجهاد او جيش الاسلام وغيرها، لابد وانها تلقي دعما لوجستيا من خارج سيناء ومن وراء الحدود المصرية.. فحتي لو كانت كل عناصر هذه المجموعات الارهابية تحمل الجنسية المصرية وهو امر غير مؤكد فان الانفاق المفتوحة بين مصر وقطاع غزة هي القناة التي يتم من خلالها وصول الدعم اللوجيستي الي هذه المجموعات الارهابية، لان هذه الانفاق لا رقابة مصرية عليها، حتي وان كانت حماس تشرف عليها وتحصل منها رسوما ضريبية!. ولذلك.. فان اي حديث عنالثأر لارواح شهداء مقاتلي القوات المسلحة او الانتقام من الجناة الاثمين يتجاهل كل هذه الحقائق لن يكون سوي مجرد لغو لا جدوي منه.. بل انه سوف يشجع تلك المجموعات الارهابية علي التمادي في افعالها الاجرامية.. اليوم تنشط في رفح والعريش وغدا تنشط في شرم الشيخ والغردقة، وبعد غد في القاهرة والاسكندرية فهل نعي ما نقول وما نفعل. لقد استهدف البعض منا جيشنا علي مدي عدة شهور، وقذفناه بالاوحال والاوساخ ولاحقناه بأقذع وأقسي الاتهامات، وتعامل هؤلاء مع قواته المسلحة كعدو.. وذلك شل قدراتها علي العمل والفعل الايجابي.. وبالتالي لا يصح ان يستثمر بعض المغرضين او المشوشين سياسيا هذا العمل الارهابي الاجرامي في مزيد من التهجم علي القوات المسلحة.. لان ذلك سيمنح الفرصة لتلك المجموعات الارهابية لكي تنمو وتنشط وتزدهر، ويمنح الذين يقدمون لها الدعم اللوجيستي لان يوسعوا من نطاق هذا الدعم. أفيقوا ايها الغافلون.. الارهاب أطل بوجهه القبيح علينا مجددا.. عاد الينا اكثر شراسة وخسة.. انه يهددنا جميعا.. ولابد ان نخوض الحرب مجددا ضده حتي نهزمه.. ولن يتحقق النصر بالقوات المسلحة او قوات الامن فقط انما بدعم شعبي واسع لها، خاصة من اهلنا في سيناء.