محمد الشماع وقوف ما يسمي بالنخبة السياسية في مؤتمر صحفي خلف الدكتور محمد مرسي المرشح المنافس علي منصب رئاسة الجمهورية إيما كانت التحفظات التي وضعوها، وبرغم تأكيدهم المتواصل انهم ليسوا من الإخوان المسلمين، إلا ان مجرد التواجد خلف الدكتور محمد مرسي يعطي انطباعا مغايرا تماما لما يعتقد البعض عن هؤلاء النخبة. ذلك لأن الوقوف خلف د. محمد مرسي يعني تأييد هذا الرجل رغم الأنباء التي تتردد عن قيام النيابة العامة بالتحقيق في عمليات تزوير واسعة تمت لصالح د. محمد مرسي، ويعني أيضا استباق قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي تعكف الآن علي نظر الطعون المقدمة من كلا المرشحين وهذا الاستباق لا يمثل تجاوزا في حق مفهوم سيادة القانون فقط ولكنه يرسم معالم التقهقر السياسي الذي وصلت إليه الحالة المصرية بعد شهور من التألق، فهل آل مصير الثورة المصرية إلي معارضة القانون في كل اشكاله والمتمثل في رفض حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القانون الذي انتخب علي أساسه مجلس الشعب، وهل أصبح هدف النخبة السياسية هو إسقاط الإعلان الدستوري المكمل رغم انه يأتي مكملا لإعلان سابق طبل له جماعة الإسلام السياسي وزمروا يوم ان دفعوا الجماهير دفعا للتصويت بقبول التعديلات الدستورية، فكيف استقام في وعي تلك الرموز الوطنية ان تتحالف مع من دعم الإعلان الدستوري حينما كان في صالحهم وعارضوا الإعلان المكمل الذي يتعارض مع مصالحهم المستجدة بعد أن قويت شوكتهم؟! إن التناقض بين قبول الإعلان الدستوري، ورفض الإعلان المكمل أوضح من أن نتجاهله، وأن معارضة أحكام المحكمة الدستورية هو حادث خطر لأنه يهدر دولة القانون لصالح صاحب »الشوكة«. كما أن استباق نتائج الانتخابات الرئاسية يضيف تأكيدا آخر للشكل السياسي الذي تتجه إليه الدولة المصرية، فالقانون يأتي في مكانة متأخرة وهذا وضع خطر يهدد مستقبل مصر ويجهض كل المعاني التي سعت إليها ثورة 52 يناير، فقد توافقت الجماهير غاضبة من الفساد السياسي من تزوير الانتخابات البرلمانية، مطالبة بإسقاط السلطة الفاسدة، وها نحن نعود مرة أخري إلي صيغة سياسية لا تحترم القانون ولا تحترم أحكام المحكمة الدستورية. كان أولي بهذه النخبة السياسية ان تطالب الدكتور محمد مرسي بأن يتوقف هو وحزبه عن شحن الجماهير وأن ينتظر قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، حتي لا يعرض أمن البلد للانفجار، وكان علي هذه النخب ان تطالب فرق الإسلام السياسي بأن تعلن قبولها لحكم المحكمة الدستورية العليا تعبيرا منها عن حسن نيتها وعن الالتزام بدولة القانون، ولا يعفي هذه النخب من المسئولية السياسية انها تؤكد عدم انتمائها إلي حزب الإخوان »الحرية والعدالة« لأن في ذلك دعما أكبر وتأكيدا علي أن الاخوان قادرون علي التعاطي مع كل الاتجاهات السياسية. في المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقدته القوي الوطنية بزعامة الاخوان المسلمين ما يؤكد كل هذه المعاني وما يقدم دعما وطنيا لمرشح لم يعلن بعد عن فوزه وسط حشد جماهيري غاضب يتهم المجلس العسكري بالسعي إلي تزوير النتيجة، كما يتهم المجلس العسكري بمحاولة الاستئثار بالسلطة عن طريق الإعلان الدستوري المكمل، ودون ان يتهموا أحدا بالانحياز، فإنني أود أن أوضح ان المجلس العسكري لو كان ينوي تزوير الانتخابات أو لو كانت له أي قدرة علي التأثير علي اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لكان قد تلاعب في النتيجة وأعلن فوز المرشح د. أحمد شفيق، لكن ما حدث هو ان الإخوان هم الذين أعلنوا فوز مرشحهم، الذي قام بتوزيع المناصب في محاولة منه لترضية الشباب والمرأة والاقباط بمنصب نائب الرئيس وتعيين رئيس وزراء مستقل ووزراء من كل التيارات والائتلافات السياسية! بينما بقي المجلس العسكري ساكتا تاركا للجنة العليا تقرير من الفائز في السباق الرئاسي. أما القول ان المجلس العسكري سعي من أجل توطيد سلطته عن طريق الإعلان الدستوري المكمل فإن ذلك مردود عليه انه لو نجحت كل القوي الوطنية التي تتسابق للظهور علي الفضائيات في وضع دستور فإنه بمجرد إقرار الدستور سوف ينتهي عمليا الوجود القانوني للإعلان الدستوري الأصلي والمكمل. لذلك يتضح ان هناك رغبة في الاستخفاف بالقوانين وفي توزيع الاتهامات وفي حشد الجماهير تحت شعارات براقة دون تقدير لدواعي الأمن القومي المصري. ان محاولة فرض أمر واقع عن طريق حشد الناس هو سلوك يمثل نكوصا عن روح المبادئ التي أعلنتها ثورة 52 يناير. لذلك فإنني أختتم كلمتي متوجها إلي القوي السياسية بأن تتقي الله في المسألة، الوطنية وأن تحمي دولة القانون، وألا تستخدم الحركة الجماهيرية في محاولة إبطال تنفيذ القوانين أو فرض أمر سياسي، لأن تلك لعبة خطرة إذا استمرت فإنها قد تقودنا إلي حرب أهلية، وتلك تكلفة ونفقة لا يريدها ولا يتمناها أحد. فلنتق الله جميعا في المصلحة الوطنية ولنجعل الأمن القومي المصري نصب أعيننا، والحفاظ علي دولة القانون هدفنا وإن كان هناك اعتراض علي صحة أي قانون فلنسع إلي تغييره بالآليات التي رسمها الدستور. ولكن أين هو الدستور؟ لقد تمزق وضاعت قضيته تحت سنابك خيل القوي الانتهازية التي قاومت وضع الدستور وتقاوم حاليا أي إنجاز وطني وتقودنا إلي معارك صغيرة، الانتصار فيها لا يغنينا ولا يعوضنا عن هذا التأخير المتعمد لوضع الدستور.