د. على السمان أولاً: من يسمح بالتشكيك في شرعية أحكام القضاء لقد تعودنا الآن علي استغلال واستثمار كلمة الشعب فحينما يخرج مائة أو ألف أو عشرة آلاف إلي الشارع أو إلي ميدان التحرير ويسمحون لأنفسهم أن يتكلموا باسم ثمانين مليونا ويرددون بغرور لغة الحناجر "الشعب يريد" وبطبيعة الحال تأتي القنوات الخاصة لتعطي حجماً هائلا للتذمر والثورة بأنهم أغلبية ساحقة تطالب برفض حكم القضاء. وهنا أضع بعض النقاط علي الحروف: بالنسبة للاحتجاجات والتظاهرات التي تعلن رفضها واحتقارها لأحكام القضاء، أسمح لنفسي بأن أقولها بصوت وبلغة لا تعرف التردد أوالارتعاش سنذهب جميعا إلي جحيم الفوضي إذا نجح هؤلاء في التشكيك في شرعية أحكام القضاء. أتساءل بأي شرعية يعد المرشح الدكتورمرسي بأنه كرئيس للسلطة التنفيذية سيتدخل في أعمال السلطة القضائية ليلغي الأحكام السابقة في قضية النظام السابق اللهم إلا إذا كان القصد هو إنشاء محكمة الثورة..! هل فكر بعض حكماء القانون في دراسة متأنية لأسباب الحكم الذي نطق به المستشار العادل والمحترم أحمد رفعت في قضية لا يملك في بعض أحكامها الإدانة لغياب الأدلة المادية. عودة إلي لغة العقل والقانون لأتساءل حينما يقضي قانون الإجراءات الجنائية بالإعدام أو خمسة وعشرين عاما من السجن كعقوبة لجريمة واحدة يختار القاضي بينهما بضميره لرجل كان رئيس دولة خلال ثلاثين عاماً وأيا كانت أخطاءه أليست خمسة وعشرون عاما كافية لرجل في هذه السن لنقول أن الحكم كاف وفيه قسوة موضوعية، خاصة أن عقوبة الإعدام قد ألغيت في معظم دول العالم. أصارح الجميع أنني لا أحب لأبناء بلدي أن تحكم مشاعرهم روح التشفي والانتقام. ثانياً: تعمد الخلط بين أحكام قضية مبارك وترشيح الفريق شفيق بمعجزة مكيافيللية أي انتهازية أو ما يسمي بلغة الأدب "الغاية تبرر الوسيلة" تحول موضوع الاحتجاجات حول الأحكام في قضية رموز النظام السابق السبت الماضي إلي حرب بلا هوادة ضد الفريق شفيق متهمين إياه بكبائر هذه القضية مثل موقعة الجمل وقضية قتل الشهداء التي حولها منذ اليوم الأول إلي النائب العام. وأكثر من نقطة هنا تستحق وقفة منا: الكل يعلم أن الفريق شفيق طوال كل مدة توليه لمناصبه القيادية بالقوات المسلحة لم يكن له أن يدخل في العمل السياسي والحزبي. وحتي حينما تولي وزارة الطيران المدني لم يدخل إلي صفوف الحزب الوطني بل أن الواقع يؤكد أيضاً أنه لم يكن عضوا في لجنة السياسات ولم يكن يوماً مسئولاً عن مناورات مشروع التوريث. أما عن توليه مسئولية الحكومة بعد ثورة 25 يناير، موازية لتولي عمر سليمان مهمة نائب رئيس الجمهورية فالعالمون ببواطن الأمور يعرفون أن أصواتاً واعية رشحت شفيق قبل الثورة ليكون رئيساً للوزراء بعد نجاح تجربته الرائدة في الطيران المدني وطالبت أيضاً أصوات وطنية بترشيح عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية، ولم يسمح المناخ السياسي وقتها بقبول هذه الفكرة لا سيما وأنها كانت تتعارض مع طموحات القائمين علي مشروع التوريث، وبالتالي لم يستدع الرئيس السابق عمر سليمان وأحمد شفيق إلا بعد أن بدأت المخاوف تتزايد حول إمكانية غرق السفينة. ثالثاً: أفكار عبر عنها شفيق وكان لها وقعها علي الرأي العام في مؤتمره الصحفي رفض المزايدة ممن يطالبون بأن تكون عاصمة مصر الغد هي فلسطين وليست القاهرة علي أساس أن مصر كانت ومازالت تناضل من أجل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. عند توجيهه النقد الشديد لموقف الإخوان في الماضي وعلاقتهم بالحزب الوطني فضل أن يكتفي بالوقائع المسجلة في تاريخ ووثائق مصر الأمنية. كان من الطبيعي أن يؤكد الفريق شفيق مرة أخري علي السياسة التي دفعت أكثر من خمسة ملايين للتصويت لصالحه في الجولة الأولي وهي سياسة الربط بحزم واقتدار بين الأمن والاستقرار من ناحية والاقتصاد والاستثمار ولقمة العيش من ناحية أخري. ولا أعتقد أنه تخطي الواقع وهو يقول إن لديه تجربة رجل دولة كقائد لسلاح الطيران مشارك في معركة أكتوبر فكرا وتخطيطا وتنفيذا ثم في منظومة الطيران المدني الذي جعل منه نموذجاً مشرفاً. والواقع يقول إن المرشح المنافس د. مرسي لم يحظ بمثل هذه التجربة ولا بجزء منها. اللهم اهد قومي إلي ما فيه خير العباد.