نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    لماذا لم يشعر المواطن بانخفاض الأسعار؟.. متحدث الحكومة يجيب    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    يقفز بقيمة 120 جنيهًا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل «بيع وشراء» في مصر (التفاصيل)    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    50 قرشا للرغيف وزن 25 جراما.. تطبيق خفض سعر الخبز الحر من الأحد.. فيديو    أنقذ عائلة إماراتية من الغرق في دبى.. عمل بطولى لمدير ببنك مصر فرع الإمارات (فيديو)    الأسهم الأمريكية تتباين عند الإغلاق وS&P 500 يسجل أطول سلسلة خسائر منذ أكتوبر    مصر تأسف لعجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من عضوية الأمم المتحدة    الرئاسة الفلسطينية: السياسة الأمريكية تدفع المنطقة أكثر إلى شفا الهاوية    فورين بوليسى: الهند تجرى أكبر انتخابات فى العالم وسط فوز متوقع لمودى    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى يشيد بدور مصر فى تحقيق السلام المستدام بالمنطقة.. ونتنياهو يطلب تدخل بريطانيا وألمانيا لمنع إصدار أوامر اعتقال ضده من الجنائية الدولية    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر رد على طهران    الصفدي لنظيره الإيراني: الأردن يريد علاقات طبية مع إيران لكن تحقيقها يتطلب إزالة أسباب التوتر    إيران تحذر إسرائيل في الأمم المتحدة من أي عمل عسكري جديد    فيتو أمريكي يُفسد قرارًا بمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة    محمود عاشور: فوجئت بإيقافى عن التحكيم ولم يرد أحد على استفساراتى    سيد عيد يدخل تاريخ الدورى المصرى.. 4 قصص صعود للممتاز مع 3 أندية مختلفة    أتالانتا يتأهل إلى نصف نهائى الدورى الأوروبي على حساب ليفربول.. فيديو    روما يكرر فوزه على ميلان ويتأهل لنصف نهائي الدوري الأوروبي    تعرف على الأندية الأوروبية المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    رسميًا.. سيراميكا كليوباترا يُعلن إصابة محمد شكري بالرباط الصليبي    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    لإقامتها دعوى خلع.. المشدد 15 عامًا لمتهم شرع في قتل زوجته بالمرج    إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارة زفة عروسين على الطريق الإقليمي    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الجمعة : تجنبوا السفر لمدة 4 ساعات (بيان مهم)    انتهاء عمليات رفع ميكروباص معلق أعلي الدائرى وسط انتشار الخدمات المرورية    غرق طفل أثناء السباحة فى ترعة بنصر النوبة بأسوان    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    متحدث التعليم: لا صحة لدخول طلاب الثانوية العامة لجان الامتحانات بكتب الوزارة    بمناسبة صدور العدد 5000.. جابر القرموطي يجري جولة داخل مجلة روز اليوسف    "عمر ماكان بينا غير كل خير".. نيللي كريم ترد على اعتذار باسم سمرة لها    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    دعاء الضيق: بوصلة السلام في بحر الهموم    رحاب السماء: قوة دعاء السفر في رحلاتنا وحياتنا    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    أبرزهم ولاد رزق 3 واللعب مع العيال.. أعمال فنية ضخمة في موسم عيد الأضحى 2024    نصائح هامة لصيانة التكييف قبل استخدامه لأول مرة في الصيف    جامعة برج العرب التكنولوجية تختتم اليوم مشاركتها في مؤتمر «EDU-TECH»    مصطفى بكري: لا يوجد نص دستوري لاستقالة الحكومة فور أداء القسم الرئاسي    الإفتاء تكشف حقيقة حكم صيام يوم الجمعة عند الفقهاء.. مفاجأة    كلوب بروج يعبر باوك ويضرب موعدا مع فيورنتينا في نصف نهائي دوري المؤتمر    جامعة الأزهر تتقدم في 7 تخصصات علمية لأول مرة بالتصنيف العالمي «QS»    الكشف على 1265 مواطنا بقافلة طبية بقرية كوم النصر في المحمودية    نصائح لتفادى تأثير أتربة رياح الخماسين على العين عند السفر    27 أبريل.. فريق «كايروكى» يحيى حفلا غنائيا فى تركيا    خالد الجندي ينصح السيدات باحتساب العمل في المطبخ منح إلهية.. لماذا؟ (فيديو)    علاقة في الظل تنتهي بجريمة.. فضيحة يوتيوبر خليجي بأكتوبر    تكريم سيد رجب وإسلام كمال وأحمد عرابي في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    فيلم السرب.. تعرف على الأبطال وتوقيت العرض في السينمات    "بطلب جوارديولا".. نجم بايرن ميونخ على رأس اهتمامات مانشستر سيتي في الصيف    رئيس مدينة منوف يتابع الخدمات الطبية المقدمة للأشقاء الفلسطينيين    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    مسئول بأوقاف البحر الأحمر: زيارة وكيل مطرانية الأقباط الكاثوليك تعزز روح المحبة    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    وكيل الأزهر ورئيس قطاع المعاهد الأزهرية يتفقدان التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية خالد سعيد‏..‏ بين تطبيق القانون وعدم الثقة في الآخرين‏...‏
نشر في أخبار مصر يوم 10 - 07 - 2010

والآن بعد أن هدأت الضجة الإعلامية والسياسية بشأن موت الشاب خالد سعيد في الإسكندرية وملابسات هذا الحادث‏
وبعد تحويل المتهمين إلي محكمة الجنايات لابد أن نتوقف ونناقش ما حدث بهدوء وتعقل‏.‏ ولكن دعونا نتفق أولا علي أن كرامة أي مواطن هي من كرامة الوطن‏,‏ وكرامة المصري هي من كرامة مصر‏,‏ وأنه لا يوجد قانون يعطي لأي هيئة السلطة في التعذيب أو الإيذاء البدني أو استخدام القوة المفرطة‏.‏ وأن التعذيب هو جريمة بمقتضي الدستور لا تسقط مهما طال الزمن‏,‏ وأن القانون ينظم حالة استخدام القوة بواسطة الشرطة ويربطها بالدفاع عن النفس‏.‏ وبالتالي فإن أي واقعة تعذيب هي مرفوضة قانونيا وأخلاقيا‏.‏ لقد كشفت المناقشات حول هذه الواقعة عن ثلاثة نتائج هامة جديرة بالتحليل‏.‏
النتيجة الأولي هي تسييس الموضوعات وإخراجها من سياقها المحدد إلي اتهامات مرسلة للنظام والحكومة‏.‏ وعلي سبيل المثال تم تحويل تجاوز قام به اثنان من مخبري الشرطة إلي قضية عامة تصل إلي حد تصويرها علي أنها ممارسة يومية اعتيادية تقوم بها الشرطة‏.‏ وجهاز الشرطة بمقتضي الدستور هو هيئة مدنية تقوم علي توفير الأمن للمواطنين في حياتهم‏,‏ ويتداخل نشاطها مع كل جوانب المجتمع من سرقة وسكة حديد ومرور وسياحة وجوازات وسجل مدني وأسواق ومكافحة إرهاب‏...‏ الخ‏.‏ ولا يمكن أن تحقق الشرطة مهمتها دون تواصل وتفاعل مع الناس‏,‏ وبدون ثقتهم في نزاهتها وكفاءتها‏.‏ وبالطبع فإن جهاز الشرطة ليس فوق القانون ولكن شتان بين نقد تجاوز ارتكبه مجموعة من رجال الشرطة في واقعة محددة والمطالبة بالتحقيق في ملابساته وإنفاذ القانون وبين إثارة الشكوك وتوجيه الاتهامات للجهاز بأسره‏.‏
النتيجة الثانية هي خطورة الأفكار المسبقة والتصورات غير المؤسسة علي سند من الواقع مثل الترويج لأن الشاب قد فقد حياته بسبب التعذيب واعتبار ذلك حقيقة مؤكدة‏.‏ ومن المشاهد الدالة علي ذلك هو ما حدث في البرنامج الذي قدمه الأستاذ عمرو أديب يوم إصدار النائب العام قراره بإعادة تشريح الجثة بواسطة لجنة أخري من الطب الشرعي‏,‏ وكان اتجاه المشاركين هو الإشادة بقرار النائب العام ولكن عندما سأل عمرو أديب المشاهدين عن رد فعلهم إذا جاء تقرير اللجنة الجديدة مؤيدا للتقرير السابق فكان تعليق أغلب المشاركين هو الرفض وأن اللجنة الجديدة تكون غير محايدة‏.‏ وهكذا‏,‏ فقد أصبح لدي هؤلاء اعتقاد جازم وتصور مسبق عن سبب الوفاة وليسوا علي استعداد لتغييره‏.‏
وساعد علي ذلك بقصد أو بدون قصد عدد من وسائل الإعلام التي نشرت تحقيقات أو بثت برامج أصدرت حكمها في الموضوع‏,‏ وأرتبط بذلك الصورة التي نشرتها بعض الصحف لخالد سعيد دون توضيح عما إذا كانت قد التقطت قبل التشريح أم بعده حتي يمكن تفسير الكسور الواضحة علي الفك‏.‏ ومن ذلك أيضا التصريحات التي أدلي بها رئيس الطب الشرعي السابق ورد الرئيس الحالي عليه‏.‏ وهي كلها أمور تثير اللبس والارتباك في الأذهان وتساعد علي نمو الأفكار المسبقة وتؤكد مشاعر عدم الثقة في الآخرين وفيما يصدر عن الهيئات الرسمية من توضيح لما حدث‏.‏
والنتيجة الثالثة تتعلق بضعف قرون استشعار الحكومة والجهات المسئولة عن إدارة هذا الموضوع وعدم إدراكها المبكر بأنه موضوع رأي عام ولا يمكن التعامل معه بشكل روتيني وبيروقراطي وهو ما أتاح المجال لخصوم الحكومة السياسيين في انتهاز الفرصة واستغلال المناخ لتأكيد إدانة وزارة الداخلية وأن النظام يسعي إلي للفلفة الموضوع والتكتم علي ما حدث‏.‏ لم تنشط قرون الاستشعار في الوقت المناسب رغم أنه كانت هناك تحذيرات مبكرة فقد تمت اتصالات من جنيف حيث يوجد المجلس الدولي لحقوق الإنسان وفي القاهرة من عدد من الأشخاص والجمعيات التي أشارت إلي وجود اهتمام متزايد بما حدث وضرورة التصرف السريع تحقيقا للعدل والقانون‏.‏
وأريد أن أربط بين هذه النتائج وما تشير إليه البحوث الميدانية من تراجع لمستوي الثقة العامة في المجتمع ومن أهمها نتائج المسح الاجتماعي للقيم الذي أشرف عليه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عام‏2008‏ والذي أشار إلي أولوية مشاعر الحذر والشك في الآخرين وأن من لديهم ثقة في الآخرين بين الشباب لا يتجاوز‏16%‏ مقارنة بالمتوسط العالمي وهو‏23%‏ وأن مصر تشغل المرتبة الأدني من الدول القريبة أو المشابهة لظروفنا مثل تركيا والمغرب وإيران والبرازيل‏.‏ وبالعكس فإن أعلي مشاعر للثقة تتجه نحو أفراد الأسرة والهيئات الخيرية والإنسانية‏.‏ كما أوضح البحث أن الثقة ترتبط بالعلاقات الاجتماعية المباشرة ومع الأشخاص الذين يعرفهم الإنسان معرفة شخصية كالأقارب والجيران ثم تقل الثقة بعد ذلك في أي أشكال أو مؤسسات أخري بشكل حاد‏.‏
وهذا النوع من القيم هو أقرب إلي ثقافة المجتمعات التقليدية التي تقوم الثقة فيها علي علاقات القرابة والمعرفة والجيرة‏.‏ وليس ثقافة المجتمعات الحديثة التي تنهض علي علاقات مؤسسية ينظمها القانون ويكون التشريع وليس العلاقات الشخصية والاجتماعية هو المحك والقياس والمعيار للسلوك الاجتماعي‏...‏ القانون هو العنصر الحاسم في الانتقال إلي الدولة الحديثة‏...‏ وتطبيق القانون علي الجميع هو عنوان المواطنة والديمقراطية وتكافؤ الفرص‏...‏ هذا هو الدرس الذي يجب استيعابه من عدد من الأزمات التي مرت بنا في الشهور الأخيرة‏.‏
* نقلا عن جريدة الاهرام المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.