ما يؤكد الأمل والتفاؤل في بلادنا هذه الأيام هو هذا الرفض القوي والفوري لتصريحات الرصاص التي أدلي بها بعض النواب في مجلس الشعب, ولم يقتصر الرفض علي عموم الناس وحدهم في بر مصر, بل وصل إلي النخبة, وحتي أهل الحل والعقد أكدوا رفضهم لها بكل حزم وعزم. (1) هذه التصريحات تكشف واقع ان لدينا نوعية معينة من النواب أعضاء مجلس الشعب علي اتم استعداد لتبرير أي شيء مهما كان فظيعا, تصور فقط إن أعضاء المجلس الذين من المفروض فيهم أنهم يمثلون الشعب, ويرفعون مطالبه, ويدافعون عن قضاياه, تصور, أن هؤلاء بالذات هم الذين يحرضون الأمن عليه, وتصور انهم ينتقدون حنية وزير الداخلية تجاه المتظاهرين, ويطالبون رجال الشرطة بأن يفتحوا النيران والرصاص علي المتظاهرين مباشرة؟ لماذا؟ لأن هؤلاء المتظاهرين يمارسون حق التعبير عن الرأي!. وعندما يدرس الإنسان هذه الأقوال, يتساءل ألا يعرف هؤلاء السادة الأعضاء, انها لا يمكن أن تكون إلا أسوأ دعاية وتمثيل للحزب الوطني؟ هل يتصور عاقل أن حزبا سياسيا أيا كان نوعه, يمكن أن يقبل مثل هذا الكلام في عام انتخابات؟ أعتقد وبكل صراحة أن هؤلاء النواب, يجب إحالتهم إلي لجنة القيم في مجلس الشعب, ثم بعد محاكمتهم أمامها تحال أوراقهم إلي لجنة الشئون التشريعية, ثم بعد ذلك يقترع البرلمان بكل هيئته علي فصلهم وطردهم وحرمانهم مدي الحياة من الترشح لعضوية المجلس الموقر. (2) يجب أن يكون واضحا أن هؤلاء النواب أسوأ من نواب المخدرات, والكيف, وأسوأ من نائب القمار ومن نائب الراقصة والكباريه.. ومن نواب التزييف والتزوير والقروض.. فكل هؤلاء ارتكبوا جرائمهم بعيدا عن العيون, وبعضهم لا تعود جرائمهم بالضرر علي أحد سواهم, وكلهم هدفهم الثراء والمباهاة الاجتماعية.. أما هؤلاء فلا يبتغون الأموال, ولا الجاه, ولا تعود نتيجة ما يحرضون عليه اليهم وحدهم بل تنعكس علي المجتمع كله, هل يعتقدون أنهم بذلك يعززون فرص اعادة ترشيحهم وفوزهم في انتخابات مجلس الشعب المقبلة في أكتوبر؟ المفروض أن تبدأ من الآن جمعيات المجتمع المدني في توزيع صور هؤلاء السادة النواب بحيث ينصرف عنهم الناس جميعا فلا يجدون من الأهالي واحدا يقبل التصويت لأي منهم ولا حتي أولاده وأخص أقاربه. ونحمد الله أن الدولة في بلادنا لا تعير لآراء أمثال هؤلاء أي التفاتة.. فهي تدرك جيدا أي نوعية من البشر هؤلاء, وهي أول من يعلم معادن الناس. لنتذكر فقط انه في عام1977 كان يوجد في مصر وزير داخلية اسمه سيد فهمي, وعندما اندلعت مظاهرات يناير1977 المعروفة بمظاهرات الاحتجاج علي ارتفاع الأسعار, رفض هذا الرجل بكل قوة وحسم الدعاوي التي طالبته بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين, وقال ان الشرطة في مصر هي من هذا الشعب ولا يمكن أن تفتح النار علي اخوانها وأبنائها.. صحيح أن الرجل ترك الوزارة, ولكنه كسب احترامه لنفسه واحترام الشعب له علي مر الأيام. (3) علي الحزب الوطني أن يدرك جيدا أن مثل هؤلاء النواب غير الموقرين يجب أن يتم استبعادهم تماما ونهائيا من قوائمه, أن وجود واحد فقط من هذه النوعية علي قوائم أي حزب سيكون فضيحة سياسية ما بعدها فضيحة, يكفي أن هؤلاء النواب الثلاثة قد أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا عنهم نددت فيه بأقوالهم ولن تتورع العفو الدولية إذا حدث وتم وضع اسم أي واحد منهم علي قوائم الحزب الوطني في الانتخابات المقبلة أن تقول في معرض تحليلها للانتخابات العامة في مصر.. إن قوائم الحزب الوطني لم تخل من أسماء نواب حرضوا الشرطة علنا داخل مجلس الشعب علي إطلاق الرصاص ضد شباب المتظاهرين, وساعتها ستكون الفضحية أوسع وأقوي من قدرة أي وسيلة إعلامية علي التبرير أو التفسير.. وللحقيقة فإن المرء يبادر إلي القول بأن الهزيمة في دائرة أو دائرتين أو عدة دوائر أفضل وأكرم من الفوز بفضل مثل هذه النوعية من النواب. ثم إن انتشار القول بأن الحزب الوطني قد ضحي بهؤلاء النواب بالرغم من قوتهم وأهميتهم في دوائرهم بمحافظاتهم النائية سيكون هو أفضل دعاية للحزب, وسيجعل الناس يلتفون حوله بقوة, ثم إنه سيجرد خصوم الحزب من شن دعاية مضادة خطيرة وفتاكة تقول إن الحزب يلجأ إلي المحرضين علي القتل لكي يفوز في الانتخابات.. كلمة أخيرة.. نواب الرصاص هم أعدي أعداء الحزب الوطني ويجب التخلص منهم فورا وطردهم ليس من الحزب فقط بل من البرلمان وحرمانهم من الترشح مدي الحياة. *نقلا عن صحيفة الاهرام