قال محللون إن خطط السعودية لنشر أسماء المستثمرين الذين يملكون حصصا إستراتيجية في شركات مدرجة في البورصة ستساعد على الحد من المضاربات لكنها لا تصل إلى حد تغيير نظم الإدارة في الشركات المطلوب بشدة من جانب المملكة لجذب المؤسسات الاستثمارية. وأعلنت البورصة السعودية (تداول) خططا الأسبوع الأخير من يوليو/ تموز 2008 بشأن نشر أسماء المستثمرين الذين يملكون حصصا تبلغ 5 % أو أكثر في 124 شركة مدرجة في البورصة بشكل يومي اعتبارا من 16 أغسطس/آب. ورغم أن الخطوة تقرب المملكة من معايير الشفافية المطبقة في الأسواق الغربية، إلا أنها دفعت الأسهم السعودية للهبوط بحدة، وفرت بعض أموال المضاربين من السوق إذ يخشى المستثمرون من أن تصبح أحجام ممتلكاتهم من المعلومات العامة. وقال عبد الحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية إن المناخ التنظيمي بالسوق مازال ضعيفا. ويقول خبراء إن إطار العمل الاستثماري في السعودية -حيث مازالت العديد من الخطوط الإرشادية للإدارة الرشيدة بالشركات طوعية - ينطوي على ثغرات تمكن العازمين على العمل بعيدا عن العيون من الاستمرار في القيام بذلك. والبورصة السعودية هي الأكبر في العالم العربي لكنها مازالت مغلقة في وجه المستثمرين الأجانب. وشجعت البورصة ثقافة مضاربات المستثمرين الأفراد التي تركت المستثمرين الجادين في الأجل الطويل على الهامش لافتقارهم للمعلومات وللثقة. وتجاهد البورصة السعودية من أجل تحقيق الشفافية ووصمت بمزاعم عن تعاملات بناء على معلومات سرية وتلاعبات. وأسعار الأسهم تستجيب للشائعات أكثر من استجابتها لأداء الشركات المدرجة. ويلقى اللوم بدرجة كبيرة على هذه الممارسات في الانهيار الذي شهدته البورصة في عام 2006 الذي أضر بمئات الألوف من السعوديين والعديد منهم يلوم الحكومة على عدم حمايتهم من نفوذ اللاعبين الكبار. ولم تنتعش البورصة من أثر الانهيار فقد خسرت 60% من قيمتها منذ عام 2006 وهي الأسوأ أداء بين بورصات الخليج هذا العام. وأشاد وليد بن غيث الرئيس التنفيذي لشركة المستثمر للأوراق المالية بجهود البورصة لكنه قال إنه يتعين بذل المزيد. وأضاف أن هذه خطوة مهمة لكنها لن توقف المتحايلين فقط ستصعب عليهم العمل. ومن الثغرات الرئيسة في هذا الإجراء أن أي مستثمر سعودي يمكنه إدارة العديد من حسابات الاستثمار المسجلة بأسماء أقارب أو شركات. وليس هناك بيانات رسمية عن أعداد مثل هذه الحسابات لكن بن غيث يقول إنها كبيرة. ويقدر العمري قيمة الحسابات الوهمية بنحو 40% من إجمالي قيمة السوق، وأضاف أن هذا حجم كبير وإن إجراءات تداول لن تكتمل دون قيود أكبر على ملكية المحافظ الاستثمارية. وسعت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم لجعل البورصة وسيلة لتوزيع الثروة من خلال عمليات طرح أولي عام عادة ما يكون بأسعار مخفضة. لكن الافتقار للإجراءات التنظيمية وسلوك القطيع الذي يهيمن على غالبية المستثمرين الأفراد الذين يتراوح عددهم بين ثلاثة وأربعة ملايين حول البورصة إلى ساحة للكسب السريع. وهو ما أكده عبد الحفيظ محبوب، قائلا إن السعودية تحتاج إلى بناء سوق أسهم يعتمد فيه المستثمرون في قراراتهم على عوائد الشركات وليس على عوائد المضاربات كي تعكس الواقع الحقيقي للاقتصاد السعودي. وكثيرا ما تتهم وسائل الإعلام السعودية كبار المضاربين في دولة المليونيرات والمليارديرات الذين يملكون المال وامتيازات الحصول على المعلومات الإستراتيجية باستغلال صغار المستثمرين لتحريك السوق في الاتجاه الذي يخدم مصالحهم. ولم تنجح جهود هيئة السوق المالية السعودية لتنقية السوق بعد انهيارعام 2006 مثل إصدار تراخيص لشركات السمسرة المستقلة وطرح نظام حديث للتداول في تغيير الاعتقاد، بينما رفض متحدث باسم الهيئة التعليق على ذلك. ومن أبرز الأمثلة على هذه المشكلة أن شائعات عن إجراءات البورصة الجديدة تتردد في السوق منذ شهر يوليو 2008 على الأقل قبل إعلانها حسب ما قال العمري وتركي فدعق رئيس المركز العربي للاستشارات المالية. وظلت المؤسسات من دول الخليج الغنية على الهامش كذلك على الرغم من قرار الحكومة السعودية عام 2007 السماح لها بالاستثمار في السوق. وتظهر بيانات البورصة أن المستثمرين الأفراد السعوديين كانوا مسئولين عن 98% من تعاملات شهر يوليو، والنسبة المتبقية كانت من نصيب المؤسسات والمستثمرين الأفراد والمؤسسات من دول الخليج العربية. (رويترز)