الاهرام 15/1/08 رفضت مصر ربط المساعدات الأمريكية التي تقدمها لنا واشنطن بأي شروط أو إملاءات... ولم يكن هذا جديد بل سبق ذلك رفض أكثر من مرة ولكن الجديد في الرفض الأخير هو ما ورد في بيان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية كرد فعل للقرار الذي أصدره الكونجرس بتعليق100 مليون دولار من إجمالي المساعدات الأمريكية لمصر وربط ذلك ببعض الشروط من أن اللوبي المرتبط بإسرائيل قد لعب دورا في هذا القرار للإساءة إلي العلاقات المصرية الأمريكية... وهذا قول حق لا يقبل مناقشة أوجدلا حتي بعد تكذيب إيهود باراك لذلك عند زيارته لمصر أخيرا. ونحن نتحدث عن هذا اللوبي اللعين ونلاقي منه الأمرين دون أن يعرف الكثيرون منا حقيقته والشيء الغريب أننا لسنا وحدنا الذين نعاني لأن السياسة الخارجية الأمريكية خاصة في منطقة الشرق الأوسط تعاني كذلك!!! الأغرب أن هذه الحقيقة غير معروفة لدي الرأي العام الأمريكي إذ لم تكن القلة التي تعرف ذلك وتحسه لتجسر علي الإفصاح عما تدركه إلا اذا كانت علي استعداد لدفع الثمن الغالي كخسارة موقع سياسي مهم تحتله أو الحيلولة دون الوصول إليه أو التعرض لنشر فضائح مستورة رفع الغطاء عنها يعرض صاحبها لابتزاز يدمر حاضره ومستقبله فلا يجد أمامه إلا الاستجابة لما يطلب منه حتي لو كان ضد معتقداته أو ضد المصالح الوطنية لبلاده!!!... كل هذا في مقدور اللوبي أن يفعله. فأن يجسر بعض الأمريكيين علي اختراق المنطقة المحرمة وتجاوز الخطوط الحمراء ويتكلموا ويفصحوا فإن ذلك مغامرة تلفت الأنظار وتستحق منا أن نتوقف أمامها, خاصة إذا كان بعض ممن خاطر وجازف يعدون من أصحاب المواقع المرموقة في الإدارة الأمريكية المعقدة أو من أصحاب الفكر والمعرفة. الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر, علي سبيل المثال وبعد أن ترك الرئاسة في البيت الأبيض نشر كتابا بعنوان سلام فلسطيني وليس تفرقة عنصرية ذكر فيه ما نصه يستحيل تحقيق حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني علي أساس إنشاء دولتين طالما استمرت إسرائيل في خرق قرارات الأممالمتحدة, ومناهضة السياسة الأمريكية وخريطة الطريق العالمية واحتلال الأراضي العربية واضطهاد الشعب الفلسطيني,!! كلنا يلاحظ أنه في أثناء المعارك الانتخابية للرئاسة الأمريكية أن كل المرشحين سواء من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري يتنافسون في وعودهم لمساعدة إسرائيل ومساندتها وهؤلاء تسنح لهم الفرصة لدخول السباق, أما الذين يتجاهلون ذلك فإنهم لا يصلون أبدا الي نهاية الطريق ويخرجون من السباق ربما في أول الطريق أو منتصفه. كان يمكن أن يكون لهذه الظاهرة شيء من المنطقة حينما كان النظام العالمي ثنائي القطبية فتصبح إسرائيل كعامل مساعد في الصراع الدائر أما بعد انتهاء الحرب الباردة وتغير النظام العالمي الي نظام أحادي فإن إسرائيل أصبحت عبئا علي السياسة الأمريكية خاصة في منطقتنا وبذلك يزول المنطق عن الظاهرة وبالرغم من ذلك فهي تستمر حتي يومنا هذا والسبب أن الأمر لا يتعلق بالمصالح الأمريكية وفرضها ولكنه يتعلق باللوبي الإسرائيلي الذي يتوجه إليه المرشحون للمساعدة في الوصول الي المركز المرموق سواء في الكونجرس أو غيره من مراكز القرار... ولهذا ثمن كما نري ونحس. اللوبي الذي نتحدث عنه ليس تنظيما محددا بهياكل ثابتة ومحددة برئاسة واضحة وأعضاء معروفين, ولكنه مجموعة من الجماعات والأفراد ليس شرطا أن يكونوا من اليهود بل مجرد مواطنين يدفعون اشتراكات العضوية للمساعدة في تسيير الأمور وهم ليسوا علي رأي وإحد في التفاصيل ولكن يجمعهم غرض واحد هو التغلغل في سراديب اتخاذ القرار لتوجيه الأمور للعمل لصالح إسرائيل وهم بذلك يؤمنون تماما بالفرض الذي يعملون من أجله يساعدهم في ذلك الميل الغريزي لأصحاب القرار في الغرب أو أغلبهم إن أردنا الدقة لكراهية كل ما هو عربي واعتبار الشعب الإسرائيلي منهم ولكنه وجد في مكان آخر يجب أن يبقي ويسود فيه وهي احدي مجموعات المصالح المنتشرة في الولاياتالمتحدة وتعمل في الظاهر وبحركات مكشوفة ليست تآمرية وبذلك يمكن لأفرادها الاقتراب من مراكز القرار للتأثير عليهم لتكون قراراتهم خاصة تلك التي تتعلق بالشرق الأوسط بوجه عام وبالصراع العربي الإسرائيلي بوجه خاص في صالح إسرائيل بغض النظر عما في ذلك من تأثيرات سلبية علي الأمن القومي الأمريكي أو الدول الأخري فقد ربطهم الرئيس جورج بوش علي سبيل المثال في حرب العراق أو في موقفه الخاطئ في أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير علي لبنان وما جره ذلك من خراب ودمار علي العراق ولبنان كذلك من تزايد الكراهية للسياسة الأمريكية المتحيزة ضد شعوب المنطقة كل ذلك يدل علي مدي تأثير هذا اللوبي في السياسة الخارجية الأمريكية خاصة في منطقتنا وعلي قضايانا وبدأ بعض الكتاب والمسئولين الأمريكيين يدركون خطر هذا اللوبي علي سياسة بلادهم, بل أخذ بعض من هؤلاء يفصحون ويكتبون وهذا شيء إيجابي تماما يجب علينا تشجيعه واستغلاله لتكوين لوبي عربي يعمل من أجل قضايانا وهي عادلة اذا تمكنت أمريكا من التخلص من تأثير اللوبي الإسرائيلي اللعين. وقبل أن نختم علينا أن نثير قضية مهمة تستحق البحث والدراسة.. هل نحن نريد ونرغب في وجود اللوبي العربي؟ والإجابة أننا نرغب ونتحدث فيه دائما دون أن تنقلب الأماني إلي واقع!!! هل لدينا الإمكانات التي تفتح لنا الطريق إلي ذلك؟ نعم وبكل تأكيد وهي إمكانات قادرة وضاغطة مثل: البنوك الأمريكية التي نودع فيها مليارات إيراداتنا التي توظف في الخارج وربما في إسرائيل نفسها, شركات البترول التي تستخرجه وتنقله إلي الخارج نظير مليارات الدولارات, مصانع الأسلحة وشركات نقلها وتوزيعها والتي تحصل منا علي مليارات أخري علاوة علي أنها تحل مشكلة البطالة أمام الإدارة الأمريكية, ملايين المواطنين العرب الموجودين في كل أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية, سفاراتنا وأجهزة إعلامنا المنتشرة هنا وهناك.. كل هذا موجود وأكثر منه ولكن هل حققنا ما نرغب فيه؟ كلا فهناك فجوة بين رغباتنا وقدرتنا علي تنفيذ ذلك وهذا يطرح السؤال الأخير وهو اذا كنا نرغب واذا كانت الامكانات متوفرة فهل نحن نعرف الطريق السليم لتنفيذ ما نريد؟ الظاهر هو أننا لا نعرف فالفجوة الموجودة أساسها عدم المعرفة وليس عدم الرغبة ولا عدم توفر الإمكانات. وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.. بالعمل وبالمثابرة والإرادة والمعرفة... المزيد فى أقلام وآراء