العلاقات بين الدول تحكمها حسابات ومصالح ولا يمكن ان تخضع للعواطف والأهواء والرغبات ولهذا. تعجبت كثيرا من ردود الأفعال المتعارضة حول العلاقات بين مصر وإيران بعد افتتاح خط ملاحي جوي ووصول فوج كبير من السياح الإيرانيين الى مصر.. لا شك ان إيران دولة كبيرة وخلفها رصيد حضاري وإنساني قديم وكانت بيننا علاقات وصلت الى درجة المصاهرة قبل ثورة يوليو حين تزوجت الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق من شاه إيران.. وبعد ذلك شهدت العلاقات المصرية الإيرانية توترات كثيرة في اكثر من عهد ولكنها ساءت كثيرا حين لجأ شاه إيران الى مصر بدعوة من الرئيس الراحل انور السادات ومات شاه إيران على الأرض المصرية.. كانت هناك حساسيات كثيرة بين البلدين بعد الثورة الإيرانية وبعد ان صعد الإخوان المسلمون الى السلطة في مصر بدأت صفحة جديدة ادت الى انقسام حاد حول عودة العلاقات والتقارب المصري الإيراني.. لا شك ان هذه العودة ازعجت أمريكا وإسرائيل ولم تتقبلها دول الخليج بصورة طيبة كما ان التيارات السلفية في مصر اعلنت رفضها الكامل لعودة هذه العلاقات بل انها اقامت المظاهرات احتجاجا على وصول السياح الإيرانيين للقاهرة.. ومن المنطقي ان ترفض أمريكا وإسرائيل التقارب بين مصر وإيران ولكن الموقف الغريب هو رفض التيارات السلفية لهذا التوجه على اساس انه يفتح الأبواب للتيارات الشيعية لدخول مصر.. وهذا التفسير الخاطئ لا يعرف طبيعة الشخصية المصرية ومدى تأثرها أو تأثيرها عبر فترات التاريخ لقد تعرضت مصر لحملات كثيرة منها الديني والإستعماري واستطاعت ان تستوعب ذلك كله لتحافظ على جذورها وثوابتها الدينية والحضارية وانا لا اتصور ان الغزو الإيراني الذي يروج له البعض سوف يحول المصريين الى شيعة امام تيارات دينية متأصلة وثابتة.. ينبغي ان نترك السياسة لأصحابها بحيث تقوم حساباتها على مصالح مصر ومستقبلها وإذا كانت القاهرة تشهد سفارة لإسرائيل فهل يعقل الا تكون هناك سفارة لإيران.. وإذا كان السياح الإسرائيليون يدخلون سيناء بلا تأشيرة دخول.. فإن الأولى ان تفتح القاهرة ابوابها للسياح الإيرانيين لا اعتقد ان سياسة مصر الخارجية يمكن ان يضع قواعدها واصولها رجال الدين والمشايخ. نقلا عن جريدة الأهرام