يخوض المنتخب الفلسطينى لكرة القدم اليوم أولى مبارياته فى نهائيات أمم آسيا أمام اليابان.. وعلى الرغم من المباريات الكثيرة بمفارقاتها ومفاجآتها التى شهدتها هذه البطولة منذ انطلاقها فى أستراليا.. إلا أن مباراة اليوم يبقى لها مذاق خاص ومعنى أعمق وأكبر من مجرد مباراة لكرة القدم.. ليس لأنها المرة الأولى التى تتأهل فيها فلسطين لنهائيات هذه البطولة وبالتالى هى مباراتها الأولى على الإطلاق. وإنما لأن فلسطين ستلعب اليوم بعد أقل من شهر على فشل مشروع القرار الذى تم تقديمه لمجلس الأمن وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإعلان إقامة الدولة الفلسطينية.. أى أن فلسطين التى فشلت فى إقناع الأممالمتحدة بأنها دولة مستقلة ستلعب اليوم مباراة رسمية فى كأس آسيا، ما يعنى اعتراف الفيفا باستقلال فلسطين كدولة لها حق اللعب والمشاركة.. وفى بعض الأوقات الاستثنائية.. قد يكون اعتراف الفيفا أهم وأشهر من اعتراف الأممالمتحدة.. وهو الأمر الذى أدركه الرئيس الفلسطينى محمود عباس وبدأ يحاول استغلاله بالفعل حتى قبل سفر المنتخب الفلسطينى إلى أستراليا.. وقال عباس أكثر من مرة إن كرة القدم فى عالمنا اليوم باتت سلاحا يمكن استخدامه لترويض السياسة. وبالفعل سافر مع المنتخب الفلسطينى كثيرون إلى أستراليا وهم ليسوا مسؤولين أو صحفيين يرافقون منتخب كرة يشارك فى بطولة قارية.. وإنما سافروا لإقناع العالم بأنهم يمثلون دولة حقيقية وقائمة بالفعل.. وبينما كانت كل المنتخبات المشاركة فى تلك البطولة تنشغل بأمورها الفنية ونتائجها ونتائج منافسيها وحساباتهم.. كان المنتخب الفلسطينى وحده مشغولا بالأممالمتحدة وإسرائيل والإعلام السياسى العالمى الذى لابد من يوم يعترف فيه بحق الفلسطينيين فى الحرية والسيادة وتحقيق أحلام الست وخمسين سنة منذ قيام دولة إسرائيل. وقال جبريل الرجوب، رئيس اتحاد الكرة الفلسطينى، إنه لم يأت إلى أستراليا باحثا عن انتصارات الملاعب وكؤوس وميداليات، وإنما جاء مثل كل الفلسطينيين باحثا عن اعتراف عالمى واقعى على الأرض بكل حقوق بلاده التاريخية والسياسية.. وهكذا بات جميع الفلسطينيين يتحدثون نفس اللغة ويستخدمون نفس المفردات سواء الذين هناك فى أستراليا أو داخل فلسطين أو فى أى مكان آخر فى العالم.. وكان الله فى عون أحمد الحسن، المدير الفنى للمنتخب الفلسطينى، الذى لا يسمعه أحد ولا يهتم كثيرا بأى أمور فنية.. فبقى الرجل وحده تقريباً مشغولاً بأفضل السبل لمواجهة المنتخب اليونانى القوى وحامل لقب البطولة.. وستلعب فلسطين بعد مباراة اليوم مباراتين تاليتين مع العراق والأردن.. وعلى الرغم من أن أحمد الحسن يدرك أنه لا أحد سيعاتبه عند الخسارة إلا أن الرجل ولاعبيه يريدون الفوز أو يحلمون به على الأقل.. بل إنهم لم يلتفتوا حتى لجريمة إسرائيلية جديدة تمثلت فى رفضها سفر اللاعب سامح مراعبة ومنعه عبور جسر الملك حسين إلى العاصمة الأردنية عمان لمرافقة منتخب بلاده إلى أستراليا.. ولم يصغ الفيفا كالعادة لكل الشكاوى والصرخات الفلسطينية.. ولم يعد الفلسطينيون يهتمون بذلك لأنهم يعرفون أنهم باتوا قريبين جدا من حلم استقلالهم وحلم دولته.