لماذا يصر احمد شفيق علي الترشح للرئاسة ؟ ، لماذا " غار " جميع رموز النظام البائد و تشتتوا بين السجون و الخروج من الحياة العامة نهائيا فيما بقي هذا الرجل وحده " يواجه " علي حد تعبير اعلانه الشهير المدفوع فيه الملايين ؟ و هو يقصد انه يواجه تيار الثورة طبعا . لماذا لا يريد هذا الرجل - صديق مبارك - الذي يري في المخلوع مثله الاعلي ان يرحل و يحل عن سماء مصر و يترك الفرصة لأجيال اخري و افكار اخري و ثقافات اخري ؟
ما الذي يملك هذا الرجل - المتهم بالفساد - تقديمه لمصر و اجيالها الجديدة و ثورتها المدهشة التي اطاحت بالنظام الذي كان شفيق " فردا فيه " ؟
اذا كان " مرشح اسرة مبارك " يراهن علي نجاحه في الانتخابات فإن علينا مسبقا رفض اي نتيجة تصعد بصديق المخلوع المتهم بالفساد و اهدار المال العام الي مقعد الرئاسة ، و ليس هذا رفضا للديمقراطية بل انه تأكيد للمباديء التي قامت من اجلها ثورة 25 يناير ، فالانتخابات ليست هدفا في حد ذاتها لكنها وسيلة لبناء نظام سياسي جديد ، نظام يقوم علي الحرية و الكرامة و احترام حقوق الانسان و العدالة الاجتماعية و لا يجوز ان يبني هذا النظام الجديد وجوه عصر مبارك و رجال الفساد و الاستبداد ، لذلك فإن رفض اي نتيجة تأتي بهذا الرجل المتهم باهدار اموال الشعب المصري لصالح ابناء المخلوع هو انحراف عن طريق ثورة 25 يناير و اهانة لدماء الشهداء الذين سقطوا من اجل نظام سياسي جديد و وطن حر و محترم ، بل ان هذا الرفض – في تقديري – هو امر كاشف لمدي تمسك المصريين بحقهم في الحياة الحرة الكريمة و مدي قدرتهم علي فرض ارادتهم علي الفاسدين و المستبدين و الطغاة الذين يتمسكون بنا حتي آخر نبضة في قلوبهم علي حد تعبير رأس النظام الساقط .
لا تستمعوا كثيرا لمن يقول لكم ان رفض نتيجة الانتخابات اذا جاءت بشفيق هو عدوان علي الديمقراطية ، فهذا كلام لا يستحق الرد عليه ، فالديمقراطية لها قواعد يجب علي المتقدم للعمل العام ان يدركها و يؤمن بها اولا قبل ان يطرح نفسه للانتخابات ، و عندها يكون له الحق في الفوز و الوصول لمقعد الحكم ، مهما كان الخلاف مع ما يطرحه ، اما ان يكون المرشح لا يؤمن الا بالاستبداد و الطغيان و لم يضبط في يوم من الايام مدافعا عن الحرية و كرامة الانسان فلا يمكن ان نسمح له اصلا بالوصول الي مقعد الرئاسة عن طريق شعارات فارغة من المعني و المضمون يدغدغ بها مشاعر البسطاء و هو في الاصل ابنا بارا للفساد و الديكتاتورية ، و لا تنسوا ان هتلر قد وصل الي رئاسة المانيا عن طريق الانتخابات و بعدها اصبح احد اسوأ انظمة العالم قمعا و طغيانا و ديكتاتورية ، فالديمقراطية لا يجب ان تسمح لاحد بالوصول الي مقعد الرئاسة الا المؤمنين بها و المدافعين عنها و الخارجين من رحم ثورة عظيمة دعت للقضاء علي الفاشية و الطغيان و الظلم الاجتماعي و الاستغلال .
شفيق لن يصل لمقعد الرئاسة ، و دماء الشهداء لن تضيع ، لن يعود لحكم مصر رجل يري في مبارك رمزه و مثله الاعلي ، و علي كل الفاسدين و الطغاة الذين يسوقون لنا هذه البضاعة الفاسدة ان يتراجعوا ، فالشعب المصري خرج من سجن الخوف ، و لن يخدعه احد مرة اخري بأوهام " الرجل القوي الذي سيحقق الامن للمواطنين " ، فالامن لن يأتي الا بأن يصل الي مقعد الرئاسة احد ابناء الثورة العظيمة ، و الا سننتظر الملايين مرة اخري في الشوارع ، لتسقط شفيق كما اسقطت مبارك ، و لن ترهب الناس تصريحات شفيق الخائبة عن ان الجيش وقتها سيقمع المواطنين ، فمصر ستستكمل ثورتها بالتخلص من كل بقايا و ذيول نظام مبارك الساقط ، و علي المدعو احمد شفيق ان يجهز نفسه لوقت الحساب ، و ان يدرك ان الكثيرين يرون ان مكانه الطبيعي ليس مقعد الرئاسة بل مقعد في سجن طرة مع قيادات عصر مبارك البائد .