عاشت «الدستور» 14 ساعة مع أهالي منطقة الطالبية بمنطقة فيصل في الظلام؛ فمع دقات الساعة الرابعة عصرا واستعداد ربات البيوت لتجهيز طعام الإفطار لأسرهن انقطع تيار الكهرباء قبل أن تعقبه المياه نظرا لاعتماد تلك المنطقة علي مواتير المياه، واستمر انقطاع التيار حتي حلول المساء. حاول الأهالي الاتصال كثيرا بخط الطوارئ ببولاق الدكرور ولكن دون جدوي، وكان الرد يأتي دائما بأن «النور جاي بعد ربع ساعة»، حتي فرغت الكشافات وذابت الشموع. تأتيك صرخات من بيت في منتصف شارع عبد الرحمن العدوي وعندما تستفسر عن السبب تأتيك الإجابة: سيدة مسنة أصابتها غيبوبة السكر وأولادها لا يدركون مكان الدواء وعندما حاولوا إنقاذها سقطت فأصيبت بجرح غائر في رأسها.. وتسمع صرخات أخري من بيت آخر يحاول أصحابه إخراج أحدهم من المصعد، بعد أن ظل محبوسا فيه ما يقرب من ثلاث ساعات حتي تم سحبه. وبعد صرخات من الأهالي وتوسلات لشركة الكهرباء قدم ثلاثة رجال فوق دراجة بخارية - بدأوا عملهم في الساعة العاشرة مساء وهم يستفسرون عن سبب انقطاع الكهرباء من الأهالي. «الدستور» رافقت وفد شركة الكهرباء الذي يتكون من فني كهرباء واثنين من المساعدين الذين أخذوا يبحثون عن «الكابل» الرئيسي في المنطقة، واستمروا في بحثهم هذا حتي الساعة الثانية من صباح اليوم التالي، وعندما سألناهم «أليس لديكم خريطة لكابلات المنطقة»، اكتشفنا مدي العشوائية التي تعمل بها شركة الكهرباء، فلا توجد خريطة للكابلات، وتركيبات الأسلاك وتوصيلاتها نموذج مجسم للعشوائية. 15 كشك كهرباء مر عليها فنيو شركة الكهرباء للبحث عن «الكابل» الرئيسي، معظمها ذات أسلاك متهالكة و«فيوزات» لا تعمل أكثر من نصف ساعة قبل أن «تضرب» مع أقل حمل زائد؛ بينما أهالي المنطقة وأطفالها يصرخون من الحر وانقطاع المياه، وقتها فقط تأكدنا أن الغاز ليس وحده المسئول عن انقطاع الكهرباء، كما حاول مسئولو وزارة الكهرباء الإيحاء للجميع. يستمر انقطاع التيار مع محاولات الإصلاح العبثية؛ بينما يحاول أصحاب محال الألبان والسوبر ماركت إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بضائعهم وألبانهم عن طريق ألواح الثلج التي أصبحت بديلا للثلاجات المعطلة، خاصة أن درجات الحرارة تجاوزت ال 38 درجة. فجأة يسمع الأهالي صوت سيارة إسعاف قادمة فيحاولون إنارة الطريق لها عن طريق إشعال النيران في بعض الألواح الخشبية، حتي تتمكن السيارة من إسعاف المريض الذي أصيب بنوبة ربو حاد، وضيق في التنفس؛ فضلا عن أخري هاجمها مخاض الولادة. وخلال جولتنا كان وفد الشركة يبحث عن أي وسيلة للهرب من الأهالي والاختفاء عن الأعين إلا أن الأهالي كانوا مدركين لذلك فلم يتركوا لهم مساحة تمكنهم من ذلك. وعندما سألنا: لماذا لا ينزل مهندس للمنطقة لعدم تمكن فريق العمل من حل المشكلة واستخدامهم لأدوات غير صالحة من أسلاك وفيوزات؟! جاء الرد: المهندسين بينزلوا في مناطق الكبار والشوارع الرئيسية فقط .