شريف عبد الهادي - عمرو أبو بكر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتقٌ من النار.. هكذا تعلمنا منذ الصغر.. ولكننا حولناه ل"مرق" و"حلق" و"خرق"..! من هذا المكان نحاول جاهدين أن نعيد رمضاننا إلى أصله وأن نملأ جوفنا بالذكر بدلا من الطعام وقلوبنا بالطاعة بدلا من الشهوات ونفوسنا بالرضا بدلا من البطر. يا دوب يبدأ رمضان من هنا بفطوره وسحوره وخشافه وكنافته والذي مِنّه، وفجأة تلاقي ودنك بتسمع: "دق البدر بدري.. والأيام بتجري.. والله لسه بدري والله يا شهر الصيام".
ومن جديد، تتعاد نفس الملحمة الأسرية والنقاش "المتحضّر" بين الأب والأم والأولاد على هدوم العيد، بعد ما تكون الأم رتّبت خطتها مع الأولاد، واتفقوا على الأب للحصول على أكبر قدر ممكن من "الكاشات"، في حين إن الأب هو كمان بيكون غالبا مجهّز خطة عكسية للاحتفاظ بأكبر قدر من القرشين اللي لسه قابضهم.
جرّب ساعتها تقول لهم يا جماعة انتبهوا إن دول العشر الأواخر من رمضان؛ يعني ليلة القدر وختم المصحف ده غير العتق من النار و.... هوب هتلاقوهم على صرخة واحدة قاطعوك وقالوا: عايزين نكمّل كلامنا عن هدوم العيد اللي قرّبت تخلص من السوق، ونلحق ننزل ونلف براحتنا في الروقان قبل ما الدنيا تتزحم والعتبة والموسكي ووسط البلد ما يبقاش فيهم مكان لرِجل، وبعدين نبقى نشوف الموضوع ده.
وبعد استكمالهم للمناقشة المتحضّرة، بيكشتف الطرفين في النهاية إن المجد لبائعي الرصيف، وعلى رأي المثل: البيّاع صديق الإنسان!
"عيّد معانا.. اشتري أي 2 تي شيرت, وخُد التالت مجانا.. خصم يصل إلى 65%.. أي حاجة ب7 جنيه ونص.. كله مستورد ولا استغلال المحلات، مين قال للبس العيد هات".. كلها شعارات بتملأ الشوارع في العشر الأواخر من رمضان، وبيردّدها البيّاعين في كل حتة بصوت عالي بيغطّي على أصوات صلاة التراويح اللي في الجوامع اللي حواليهم، وقدام كل بيّاع هدوم كتير مالهاش أوّل مِن آخر.
وبعد ما يفرح الأب بالأسعار الرخيصة اللي وفّرت عليه كتير، بيكتشف -متأخّر- إن الأم والأولاد بدل ما يجيبوا طقم جابوا طقمين وتلاتة باعتبار إن "أبو بلاش كتر منه"، لتصبح المحصلة النهائية إنه دفع في الرخيص نفس اللي كان هيدفعه في الغالي، وإن ربنا ممكن يعتقه من نار جهنم في العشر الأواخر من رمضان، لكن البني آدمين مش هيرحموه من نار أسعار الهدوم والذي منه، ويجعله عامر.
أصدقائنا الأعزّاء.. إذا كان الجنان السابق ذكره يشبه رمضانكم في كثير من أحداثه.. فاحذروا فلم نرزق رمضان لنفعل هذا.. بل لهذا
مش معنى كلامنا، إن إحنا بنقول ماحدش يشتري هدوم جديدة علشان العيد؛ لأن مِن سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في العيد لبس الجديد، ولكن....
هل مِن المعقول إن إحنا نضيّع ليالي العشر الأواخر من رمضان وليلة القدر، وليالي العتق من النار في الأسواق والفصال والشراء؟؟
فقد روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدّم من ذنبه".
مش هنطوّل عليكم كتير.. والخلاصة إن رمضان مش شهر الأكل وبس، ومش شهر الكحك وبس.. ومش شهر هدوم العيد وبس، رمضان شهر عبادة وطاعة وسعادة.. بنستنّاه من السنة للسنة؛ فيا ريت مانضيعهوش بأمور ما أنزل الله بها من سلطان.
وكرّرنا خلال حلقاتنا اللي فاتت إن مش معنى كلامنا إننا ماناكلش أو مانفرحش، ولكن نعمل بكلام الله عز وجل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
اعمل جدول ليك في رمضان، ونظّم فيه مواعيدك، وحط فيه العبادات اللي ناوي تعملها؛ هتختم القرآن كام مرة.. هتستغفر ربنا وتسبّحه كام مرة.. هتصلّي التراويح فين.. ناوي تعتكف أو حتى تصلّي التهجد فين.. هو ده اللي لازم يشغل تفكيرنا.. وصدّقونا.. لو عملتم كده هتحسّوا بسعادة وفرحة ومتعة شهر رمضان.
تقبّل الله منكم الشهر الكريم،،،
اقرأ أيضا رمضان.. أوّله رحمة ولّا مرق؟! شهر رمضان.. أوسطه مغفرة واستعداد لكحك العيد