تطل شمس يوم جديد علينا و لا يزال القادة الأوروبيين عاجزين عن وضع حلول نهائية لأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو التي كان لها الأثر السلبي على أداء القطاعات الاقتصادية و مستويات النمو في القارة العجوز، و من هنا فأننا اليوم على موعد مع القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة خلال الربع الأخير من العام الماضي، فأن الاقتصاد الملكي سيكون السباق بالكشف عن ادائه و الذي يتوقع أن يعكس انكماشا وسط تفاقم أزمة الديون في منطقة اليورو. تدور التوقعات بانكماش القراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي البريطاني خلال الربع الأخير من العام الماضي عند0.1% مقارنة بالنمو المتواضع خلال الريع الثالث من العام الماضي بنسبة 0.6%، و هذا بتأثير مباشر من السياسات التقشفية الصارمة التي أضرت بالاقتصاد البريطاني. بدأت تأثيرات التخفيضات العميقة في الانفاق العام تظهر بوضوح على مستويات النمو في الأراضي الملكية من رفع ضريبة المبيعات لمستويات 20% منذ بداية العام الجاري مع تسريح العديد من موظفي القطاع العام بالظهور على الاقتصاد الملكي، أضاف إلى ذلك تفاقم أزمة الديون الأوروبية التي أضرت بالاقتصاد البريطاني مع التراجع الحاد و الواضح في الصادرات وسط الإشارات السلبية من الاقتصاديات العالمية. تتزايد الضغوط السلبية على الاقتصاد البريطاني فمستويات النمو هشة جدا و قريبة جدا من الوقوع في دائرة الركود الاقتصادي، و هذا مع انكماش القطاعات الاقتصادية المختلفة أضاف إلى ذلك ارتفاع معدلات البطالة لأعلى مستويات منذ 16 عاما عند 8.4% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في تشرين الثاني، و لا يقتصر الأمر على هذه الصعاب بل تواجه المملكة ضغوطا تضخمية مرتفعة جدا فوق المستويات المقبولة. حاول البنك المركزي البريطاني تسخير الجهود لدعم الاقتصاد الملكي حيث أن السياسة النقدية البريطانية الحالية ميسرة جدا بإبقاء أسعار الفائدة عند مستويات متدنية أي عند 0.50% وهي المستويات الأدنى تاريخياً بالنسبة لبريطانيا، بالإضافة إلى رفع برنامج شراء السندات الحكومية إلى 275 مليار جنيه استرليني، و يتوقع في حال انكماش الاقتصاد البريطاني بوتيرة أعمق أن يلجأ البنك المركزي لتوسيع برنامج شراء السندات الحكومية. وسط الأوضاع الاقتصادية السيئة فلن يكون أمام أعضاء لجنة السياسة النقدية التسعة إلا الإجماع على إبقاء السياسة النقدية عند المستويات الراهنة دعما لمسيرة النمو في البلاد، فالأحوال الاقتصادية السيئة مع احتمالية العودة إلى دائرة الركود الاقتصادي دفعت صانعي القرار للتضامن لدعم الاقتصاد الذي يقع على شفا الوقوع في دائرة الركود الاقتصادي. لم يأتي اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي أمس بقرارات جديدة أو حاسمة، حيث أكد أولي نائب الرئيس ومفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية في المؤتمر الصحفي الذي عقب الاجتماع أن التباطؤ الاقتصادي سوف يستمر، وثمة عدة عوامل تشير إلى ركود معتدل، على الأقل في النصف الأول من هذا العام. أما عن المحادثات بين الدائنين من القطاع الخاص والحكومة اليونانية فقد أكد أنها أحرزت تقدماً جيداً وباتوا قريبين جدا من التوصل الى إتفاق. من الأفضل التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة، أي في يناير كانون الثاني بدلا من شباط فبراير.” كانت أوروبا قد شددت لهجتها حيال اليونان مشترطة منها بذل جهود اضافية للحصول على اي قروض جديدة ومطالبة دائنيها من الجهات الخاصة بالقيام ببادرة اكبر لخفض دين البلد وتجنيبه الافلاس. ضمن حديثنا عن منطقة اليورو فأننا اليوم على موعد مع مؤشر IFO لمناخ الأعمال خلال الشهر الجاري و التوقعات تدور ببقائها حول المستويات السابقة، إذ من المتوقع أن يسجل 107.6 من السابق 107.2 ، أما عن قراءة المؤشر للأوضاع الراهنة من المتوقع أن تسجل 117.0 من 116.7 ، و أما عن القراءة المرتبطة بالتوقعات فمن المتوقع أن تظهر 99.0 من السابق 98.4. يترقب المستثمرين اليوم بشغف قرار الفائدة من البنك الفدرلي إذ من المتوقع أن بيقي سعر الفائدة المرجعي عند المستويات الصفرية لفترة زمنية محددة دعما لمستويات النمو أما عن سياسة التخفيف الكمي فمن المتوقع أن لا يقوم البنك بتوسيعها مع الإشارات الايجابية بأن الاقتصاد بدأ يسير بخطى ثابتة للعودة إلى المسار الصحيح. عزيزي القارئ، تبقى الأضواء على الاقتصاديات العالمية وسط موجه التباطؤ المسيطرة عليها ، و هذا ما دفع صندوق النقد الدولي لتخفيض التوقعات المسقبلية لنمو الاقتصاد العالمي.