حالة من الغضب والرفض تؤججها المعارضة السياسية والحزبية والثورية والقضائية حول الدعوة التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين لتطهير القضاء، والتي قُوبلت بالرفض العارم واعتبارها دعوة تهدف لأخونة القضاء والانتقام من القضاة الحاليين، وردًا على أحكام القضاء التي صُدرت مؤخرًا على الرئيس السابق ونجليه وعدد من رموز النظام السابق، والتي وصفوها بالمتأخرة التي لم تأتِ في وقتها بعد، في حين لم يكترث الرئيس مرسي لموجة الغضب الصادرة على هذه الأحكام الباطلة التي تهدف لإهدار حق الثورة والثوار.. في حين اعتبرها التيار الإسلامي محاولة أخيرة لتطهير القضاء وأحكامه التي تتعارض مع أهداف ومطالب ثورة يناير خاصة محاكمة الفاسدين. أكد مجدي حمدان، أمين العمل الجماهيري بحزب الجبهة، أن ما تدعو له جماعة الإخوان المسلمين بالتظاهر تحت شعار "تطهير القضاء"، يجعل المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أمرًا ملحًا لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في ظل نظام لا يفعل سوى دفع البلاد إلى مستنقع الحرب الأهلية، خاصة وأن هذه التظاهرات لا تعني سوى رغبة الجماعة في ممارسة المزيد من الضغوط لأجل أخونة القضاء وإضعافه بالتعاون مع مجلس الشورى منزوع الشرعية الذي يسعى لتمكين الجماعة من مطامعهم من خلال مناقشة قانون استقلال السلطة القضائية وإخضاع مجلس القضاء الأعلى لسيطرتهم وهو الذي يتصدى لمشروعهم. وأوضح عبد الحليم قنديل، رئيس تحرير صوت الأمة، أن الرئيس وجماعته وحكومته يسعون لخلط الأمور لتضليل الشعب عن الحقائق التي تكمن في أن حكم الإخوان يكرس للحزب الوطني الذي لم يسقط بعد في ظل ممارسات النظام الحالي التي تسير على نهج الحزب السابق في عدم احترامه القانون، ومنع الفصل بين السلطات عمدًا كما كان بفعل الرئيس مبارك بداية من قمع وظلم الشعب ووصولًا لقتل الثوار والمتظاهرين، مثلما فعل الرئيس مرسي بقتل المتظاهرين وخيانة الثورة التي ذهبت جميع أهدافها هباء على أيدي الرئيس وجماعته التي أعادوا الشعب إلى عصور ما قبل القانون والحرية. الانتقام من القضاة وقال أحمد المقدامي المتحدث الإعلامي لتكتل القوى الثورية: إن عدم مشاركته في التظاهرات التي دعت إليها قوى الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين أمام دار القضاء العالي تحت شعار "تطهير القضاء"، تأتي لرفضه مناقشة قانون السلطة القضائية داخل مجلس الشورى، موضحًا أن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يعد الحل الآمن للخروج من المأزق الراهن، خاصة أن جماعة الإخوان المسلمين تستغل الأحداث للانتقام من القضاء والقضاة من خلال المناقشات التي يقوم بها مجلس الشورى بشأن القوانين المنوط لمجلس النواب مناقشتها وليس مجلس الشورى الإخواني. إن دعوة التطهير محاولة أخيرة للجماعة لتنفيذ سياستهم الديكتاتورية دون الاكتراث لحال الشعب والعمل على رقي الوطن ونهضته الذي يعاني الأمرين في ظل مكوث حكم الإخوان. وأشار هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، بأنه برغم وجود فساد بجميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها سلطة القضاء التي عبث النظام السابق بها كثيرًا، وتحمل الشعب تبعات تلك الكارثة إلى اليوم، إلا أنه يجب مراعاة حساسية المؤسسة القضائية والتعامل معها بصورة تحقق التطهير دون المساس بهيبة هذه المؤسسة وقدرتها التي اُنتهكت كثيرًا على أيدي تيارات الإسلام السياسي التي مارست الكثير من التجاوزات أمام العالم ككل وأمام جماعة الإخوان المسلمين التي لم تحرك ساكنًا عندما تم محاصرة المحكمة الدستورية العليا لعدة مرات دون أن يتدخل رئيس الجمهورية الإخواني ضد هذه الأساليب التي تهدد هيبة الدولة والقانون، مستنكرًا من التعامل السياسي مع المؤسسة القضائية خلال التظاهرات التي من شأنها تعميق أزمة "تسييس القضاء" والتي لن تساعد على حل المشكلة بل تزيد من حدتها، مضيفًا أن تطهير القضاء يجب أن يتم ذاتيًا من داخل المؤسسة القضائية وبالطرق الدستورية والقانونية وبدون ممارسة أية ضغوطات سياسية خارجية. ومن جانبه يرى نادر بكار، المسئول الإعلامي لحزب النور السلفي، أن النظام الحاكم الآن في مصر يحاول الانتقام من القضاء منذ صعوده لسدة الحكم دون وجه مبرر لهذا العداء، وإن كان عليه التأكيد على احترام القضاء وأحكامه التي يحاول طوال الوقت الخروج عنها بشكل يهدد استقلال القضاء واحترامه أمام الشعب المصري ككل، موضحًا أن تطهير مؤسسات الدولة من الفوضى والفساد يأتي من خلال المسار القانوني والمسار الثوري، وإن كان المسار القانوني عن طريق القضاء ووزير العدل ومجلس الشورى، بينما يكون المسار الثوري عن طريق التظاهر والاحتشاد وقلب الرأي العام على تلك المؤسسة، إلا أن الإخوان المسلمين وأنصارهم يسيرون في الاتجاهين القانوني والثوري في آن واحد، وبالتالي تكون الأحداث والتأثير عليها وتوجيهها لصالحهم طول الوقت. وطالب أحمد شكري، أمين عام حزب العمل، بمقاطعة جميع الدعوات التي تحاول النيل من القضاء والقانون وأحكامه، وإن كان يجب أن تأتي على رأس أولويات مؤسسة الرئاسة التي ترى العبث بالقضاء وبهيبته دون أن تتحرك لتنقذ الوطن من الفوضى والدم إذا انتهكت حرمة القانون والقضاء، مطالبًا الرئيس مرسي بتوفير البيئة القانونية والتشريعية الصحيحة التي تضمن للمؤسسة القضائية العمل دون سيطرة أو توجيه وفق مبادئ استقلال القضاء الذي يأتي بتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات الذي يتضمن حرية كل سلطة واستقلالها لضمان نزاهتها، ومنع السلطة التنفيذية في التغول والتدخل في عملها، موضحًا أن شعار تطهير القضاء هو في الحقيقة "شعار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب" على حد تعبيره. وطالب "شكري" بالتوحد من أجل مواجهة الثورة المضادة حتى تهدأ الأمور في مصر، وأن القوى السياسية التي تتمتع بالقيادة أن تتخلى عن منهجها الذي يجعلها تسير على طريق نظام مبارك، مؤكدًا أن الأمانة العامة للحزب ترى في الاستجابة لمطالب الثورة مخرجًا للظروف الحرجة التي تعيشها مصر الآن. الجماعة الإسلامية على جانب آخر أكد خالد الشريف، المستشار الإعلامي لحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، أن الحزب اجتمع مع القيادي الإخواني د. محمد البلتاجي عضو المكتب التنفيذي بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين للتنسيق حول مواقف الجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وحزبهمها للخروج في مظاهرات الغد للمطالبة بتطهير القضاء .. موضحًا أن القوى الإسلامية اتفقت على تنظيم مليونية حاشدة تحت عنوان "مليونية تصحيح مسار القضاء" للرد على أحكام البراءة التي حصل عليها الرئيس السابق ورجاله خلال الفترة الماضية من الأحكام القضائية، التي جاءت عكس مطالب الثورة والشهداء الذين أُزهقت أرواحهم في ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011، والتي يحاول أعداؤها الإجهاض عليها لنجاح الثورة المضادة التي بات مخططها يتضح خلال الأيام الماضية. إضافة لتأكيد أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، على الاحتشاد لمليونية تطهير القضاء والدفاع عن ثورة 25 يناير في مواجهة الثورة المضادة التي اتضحت معالمها بعد حملة البراءات المتوالية للرئيس السابق ورموز النظام السابق الذين تسببوا في إفساد الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية التي يدفع الشعب ثمنها الآن من حقه ومستقبله ومستقبل الأجيال القادمة أيضًا، إضافة لحق الشهداء الذين ثاروا من قبل في وجه الفساد والظلم والاستبداد الذي طالما مارسه النظام على الشعب حتى قيام الثورة، إلى أن تم تبرئة المتهمين وإهدار دم شهداء مصر على أيدي القضاء الذي يطلق الأحكام المغايرة للحقائق والوقائع من خلال تبرئته لقتلة الثوار، لذا يجب الخروج على هذه الأحكام والتنديد بالقضاء لحين إعلان كلمة الحق، التي تأتي من خلال وحدة الصف بين كل قوى الثورة الحقيقية لمواجهة عناصر الثورة المضادة. وأكد أيمن عبد الغني، عضو الهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة، أن مظاهرة تطهير القضاء تأتي استكمالًا لتحقيق مطالب الثورة والتي تتمثل في مطالبة مجلس الشورى بإقرار قانون السلطة القضائية، والذي يحقق استقلال السلطة القضائية.. موضحًا أن هذه التظاهرات لا تهدف للفوضى والخراب أو الانتقام من أجل أخونة القضاء كما يروج البعض خطأ، وإنما تهدف الدعوة لتطهير كافة مؤسسات الدولة من الفاسدين واتخاذ الإجراءات الثورية المناسبة لذلك، والتي تأتي في مقدمتها إعادة محاكمة الرئيس السابق وجميع رموز الفساد في حكمه ومحاسبتهم على جريمة قتل الشهداء من الثوار الأحرار، بجانب معاقبتهم على إفساد الحياة السياسية والعمل على استرداد الأموال المنهوبة. القضاة يحذرون وعلى صعيد القضاة أكد المستشار عبد الله فتحي، وكيل أول نادي القضاة، أن هناك محاولة للنيل من القضاء والتي تهدف لزعزعة ثقته داخل نفوس الشعب، لتصبح استمرارًا لمحاولات الاعتداءات على السلطة القضائية والتي من شأنها انتهاك القانون، من خلال تصريحات قيادات الجماعة بالتظاهر للمطالبة بتطهير القضاء والتي تهدف لفرض سيطرتهم على القضاء وهذا لن يحدث على الإطلاق. وأضاف وكيل أول نادي القضاة، إن قضاة مصر لن يرهبهم أي تظاهرات أو مليونيات، خاصة وأنهم لن يسمحوا بأن يقوم مجلس الشورى المطعون في شرعيته بأن يصدر أو ينظر قانون السلطة القضائية. وبدوره أوضح المستشار محمود حلمي الشريف، المتحدث الرسمي لنادي القضاة، أن دعوات التظاهر ضد القضاة لن تعطي حلولًا جوهرية من أجل الخروج من النفق المظلم الذي تمر به البلاد، محذرًا من الاستماع لقوى التيارات الإسلامي الداعية للتظاهرات دون استخدام العقل والحكمة قبل اتباع المخربين للوطن، خاصة وأن القضاة هم من تلقوا البلاغات بعد الثورة وقاموا بمحاسبة الرئيس السابق مبارك ورموز نظامه، وإن قد أُخلي سبيله في بعض القضايا فهو محبوس على ذمة قضايا أخرى، مطالبًا جميع القوى للتكاتف لمنع حدة الاحتقان لحين وضع مجلس النواب القادم ليقوم بممارسة مهامه في تشريع القوانين وإصدارها بشكل لا يتعارض مع القانون.