صدر عن مجموعة الوسط الليبية للنشر كتاب بعنوان "محمد الزواوي متعة السخرية"، حررته الباحثة فاطمة غندور، والتي ذكرت في تقديمها له أنه "يندرجُ في سلسلة استعادة الذاكرة الوطنية، عبر الإبانة عن رموز ليبيا الفاعلين في مسارب عدة، نأمل أن نقدم لذكراه بيننا، تحية وعرفاناً بجهده المُبرز في مجال الفن الساخر، الذي وصل به لمصاف العالمية". ويضم الكتاب ملحقًا لرسومات الزواوي وبعض المقابلات التي أجريت معه، بجانب دراسات ومقالات حول رسوماته لواحد وعشرين كاتبًا من ليبيا والعالم العربي منهم يوسف الشريف، أحمد إبراهيم الفقيه، فتحي العريبي، منصور بوشناف، والكاتب الفلسطيني رشاد أبو شاور، والشاعر التونسي المنصف المزغني، والتشكيلي السوري رائد خليل. كما تضمن الكتاب إعادة نشر مقدمات كُتب الزواوي وعددًا كبيرًا من لوحاته ورسوماته الكاريكاتيرية. ويعتبر الروائي إبراهيم الكوني، أن "السخرية في فنّ الزواوي ليست مجرّد فلسفة، لكنّها رسالة. فهو لا يسخر من نماذجه الدنيوية لكي ينفّر، أو لكي يكفّر، أو لكي يُدين، ولكن لكي يُنبِه، كي يُحذِّر، لكي يقرع نواقيس الخطر. وهو عندما يفعل لا يفعل من موقف سلطة، سواء أكانت سياسية أو أخلاقية، لكنّه يفعل من موقف الحبّ. يفعل كأنّه يشارك إنسانه الليبي سيّئاته. كأنّه يتضامن مع نموذجه في خطاياه الصغيرة. إنه في الواقع عندما يكشف لنا عن سلبيّاتنا، إنّما يتعاطف معنا في سلبيّاتنا، ويقول لنا إنه قرينٌ لنا في هذه الخطايا، بل إنه لا يحبّنا إلاّ لوجود هذه الخطايا فينا، لأن الإنسان لم يكن ليكون إنساناً لو لم يعترف بالخطايا. الإنسان بلا خطايا ملاك وليس إنساناً. وهو لهذا يكاد يدعونا لكي نتباهى بهذه الخطايا، لأنها البرهان على إنسانيتنا". وفي خاتمة الكتاب، يحيي عبد الرحمن شلقم الفنان الراحل، راويًا بعض المشاهد من صداقتهما وعملهما معًا في الصحافة فيقول: "حين عملنا في (الفجر الجديد) عام 1973. كان للوحاته مساحة محدودة وسط الصحيفة. قلت له يوماً: أستاذ محمد سأعطيك صفحة كاملة. ضحك كعادته بهدوء وقال: فكنَّي من المشاكل. قلت له: ولا يهمك، لا مشكلة. ومرت الأمور بنجاح. وعملنا معاً في الأسبوع السياسي. رحمه الله… كتلة من الإبداع، يتقبل الأفكار، وإذا اقتنع، يجسدها باللون وروح التعبير. كان ومضة إبداع ساخرة، تخترق صمت اللامبالاة. يخاطب الأستاذ، والتلميذ، القارئ، والأمي، بدقات البساطة الملونة بالسخرية التي تجلس ببهجة البسطاء في مربوعة الصمت الليبي". ويتابع شلقم: "تواصلت العلاقة بيننا لسنوات خاصة بعدما توليت رئاسة تحرير الصحيفة سنة 1975. أفردت لأعماله مساحة أوسع. كنا نناقش معاً ما سيرسمه، وكان يستشير، ويستمع للرأي برحابة صدر، مع ابتسامة وقفشات كعادته. كان شخصاً بسيطاً ودوداً لكنه حساس جداً. يجد نفسه في الرسومات الاجتماعية، التي تنتقد السلوك الاجتماعي الذي يعكس مظاهر التخلف، والسلوك غير المقبول. يمكن أن نطلق عليه الناقد، والمصلح الاجتماعي".