هناك سؤال يدور فى الأذهان وهو: لماذا تأخر قانون تقسيم الدوائر الانتخابية؟ وهل سبب ذلك هو أن الداخلية تعيد طبخ القانون وسلقه حتى يستوى على المزاج، أم أن الموضوع مجرد كسل طبيعى؟ أم أنه لم تصلهم الأوامر بعد وهم فى الانتظار؟ صحيح أن الانتخابات فى عهد مبارك كانت مزورة بالكامل سواء كان ذلك بتسويد البطاقات أو تغيير الصناديق، وبعد أن أصبح القضاء مشرفاً بالكامل على الانتخابات اختلفت الطرق وأصبح منع الناخبين من الوصول إلى اللجان وغيره من الطرق أمراً روتينياً. نعلم أيضاً أن الداخلية فى مصر، وهى دائماً عبد المأمور فى جميع العهود والأزمنة، كانت تقوم بتقسيم الدوائر الانتخابية بحيث لا تتبع نظاماً جغرافياً محدداً أو طريقة تتبع التقسيم حسب الحكم المحلى أو حسب أقسام الشرطة. بل كان يتم التلاعب بالاتفاق مع الشخصيات الهامة فى الحزب الحاكم وكان الراحل كمال الشاذلى وبعده أحمد عز ملوك تقسيم الدوائر بحيث تخدم مرشحا معينا بتضييق الدائرة على القرى التى له ليها نفوذ فقط وإبعاد المناطق التى ليست له شعبية فيها وضمها إلى دائرة الانتخابية أخرى. وكذلك كانوا إذا أرادوا أن يسقطوا مرشحاً له شعبية فى منطقته قسموها جزأين وضموا جزءاً منها إلى دائرة أخرى وضموا لدائرته منطقة ليس له فيها شعبية. كنت أظن أن هذه ألاعيب تقوم بها الداخلية المصرية المعروفة تاريخياً بعدم العدالة والانحياز للحاكم وزبانيته، ولكنى فوجئت أنه فى الولاياتالمتحدة والتى تعتبر أحد أعمدة الديمقراطية فى العالم قام الكونجرس شخصياً وهو ذو أغلبية من الحزب الجمهورى بإعادة تقسيم الدوائر بنفس الطريقة التى يقوم بها لواء شهير فى الداخلية المتخصص فى تفصيل الدوائر على المزاج. وحيث إن الكونجرس هو سيد قراره ففى خلال فترة قصيرة قام بإعادة تقسيم الدوائر بطريقة غير منطقية من الناحية الجغرافية أو السكانية ولكن فقط لتخدم الحزب الجمهورى فى الانتخابات القادمة، وأصبح الأمر غاية فى الصعوبة أن يحصل الديمقراطيون على أغلبية، وسوف يؤدى هذا القانون الجائر الذى وضعته أغلبية جمهورية إلى تغيير طويل الأمد فى شكل الكونجرس مما سوف يجعل سيطرة الحزب الجمهورى مؤكدة، وما فعله الكونجرس يفعله فى مصر لواء فى الداخلية يستمع إلى الحاكم سواء كان مبارك أو المجلس العسكرى أو الإخوان أو الحكم الحالى، هذا لا يهم لأنه عبد المأمور وهذه طريقة معروفة لمساعدة بعض المرشحين على النجاح وإسقاط المغضوب عليهم وكله بالقانون ودون تزوير. لم أكن أتخيل أن يصل الأمر فى أمريكا إلى هذا الحد وأصبحنا كلنا فى الهوا سوا ولو كان الحزب الجمهورى يعرف المواهب الجبارة للسيد اللواء فى تقسيم الدوائر على المزاج لكان من الممكن إعارته للكونجرس لبضعة شهور ليطبخ الموضوع بطريقة غير ظاهرة للعيان. عاشت الديمقراطية التى يتم التلاعب بها فى كل مكان. قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.