توقفت قليلا امام السلوكيات المرفوضة التى طرأت على المجتمع ، وأصبحت من صفات الشارع المصرى ، حوادث غريبة على المجتمع ،حوادث لايصدقها عقل، ما حدث خلال أيام قليلة مضت من حوادث غريبة ومرعبة تجعلنا ندق ناقوس الخطر ، ( بالتأكيد لن أذكر تلك الحوادث والجرائم حفاظا على الذوق العام ) ، حتى السلوك الأخلاقي لم يسلم منه المجتمع في الأونة الأخيرة ،وغيرها من حوادث العنف والإنحلال التى تصيب بالفزع وتسلب الطمأنينة وتعكر المزاج العام السؤال هنا : من وراء تغير مجتمعنا المعروف عنه التسامح والتعاون وكل مكارم الأخلاق ؟ هل الدراما بنوعيها التليفزيونى والسينمائى وبرامج الفضائيات التى انتشرت بشكل مرعب ، وأصحابها الغير المؤهلين لينفثوا سمومهم من خلالها، لتتحول الى ابواق للسباب والعنف والمخدرات والدعارة ، ، فبات امرا طبيعيا ان تتحول العبارات الخارجة والقيم الاأخلاقية الى الشارع لتصبح من صفات المواطن ، فأصبح عبده موته والالمانى هما الاسطورة، وبات تاجر المخدرات والبلطجى محور الاهتمام … أم أن التربية الأخلاقية داخل الأسرة انقلبت موازينها بسبب كثرة الطلاق والانفصال والمشاكل الأسرية الغير معقولة ولا مقبولة ، ولا أحد ينكر غياب الدور السلوكي والأخلاقي للمؤسسة التعليمية ، وأصبحت المدارس تخرج أجيال بلا أخلاق ولا تعليم .. الأمر خطير ، والفرصة لا تزال سائحة أمامنا جميعا … ولذا أوجه دعوة صريحة وواضحة الى جميع المسئولين عن التربية والتعليم بصفة عامة ؛ وإلى معالي وزير التربية والتعليم بصفة خاصة ؛ اقول فيها ( اجعلوا مادة الاخلاق علما قائما بذاته فى مناهج ومقررات التعليم فى جميع المدارس والجامعات ليتخرج فى هذا العلم المتخصصون الذين يستطيعون تعليم هذا العلم لابنائنا واجيالنا ) ، فعلم الاخلاق هو اول طريق الاصلاح فى حياتنا اليومية ، ولا يقل عن اى مادة علمية فى قيمتها ، لكى يخرج الطالب من محرابه الدراسي قادراً على تمييز الأفكار المنحرفة ، لتكون «التربية الأخلاقيّة» منظومة متكاملة من خلال معلِم متمكن مدرك لرسالته في بناء الإنسان المعتز بهويّته وتقاليده وإرثه التراثي، الفاعل في حاضره، والمتطلّع لمستقبل مشرق …. فمبادرة التربية الأخلاقية ليست توجهاً حكومياً تربوياً تعليمياً فقط ، وإنما مشاركة مجتمعية لكل شركاء الوطن ممن يدركون خطورة الخطوبِ وحتمية الحلول المستلهمة من قيمنا الدينيّة الراسخة وحضارتنا الزاخرة لتأهيل طالب واع لذاته وسلوكه وأهدافه ونتائج تصرفاته ومدرك لكل جوانب مجتمعه وعالمه الواقعي والافتراضي المعقد ، فمنهاجنا القويم المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قائم على الأخلاق ، فعدد آيات القرآن الخاصة بالعبادات لا يزيد على 110 آيات، بينما آيات تهذيب الأخلاق تبلغ نحو 802 آية، وآيات النظام الاجتماعي وردت في 848 آية، لندرك أن بين أيدينا موروثاً إسلامياً إنسانياً أخلاقياً قِيما يجمع بين متون العبادات وواحات الأخلاق والمعاملاتِ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً» ، لنؤمن بأن من أجل وافضل الغايات التى تسعى اليها رسالة السماء وتعاليم الأديان وتعمل على تحقيقها ان يكون الانسان صاحب خلق سليم ونظيف لتكون الحياه سليمة ونظيفة وفاضلة وشريفة . فالأخلاق هي الأساس القوي الذي تُبنى عليه الحضارات، ويحمي المجتمع من المشاكل الاجتماعية والسياسية وغيرها من كل ما يسىء للمجتمع من فوضي وفساد وانهيار ، فما أحوجنا اليوم؟ ونحن تعاني الكثير من ويلات المشاكل الخطيرة، كالحروب ، والارهاب وحملات التضليل المغرضة وغيرها، بل اننا نعيش في حالة من عدم التوازن، بل والتخبط نتيجة غياب القيم النبيلة والمفاهيم الصحيحة، فالمفاهيم المغلوطة عن القيم والأخلاق الفاضلة هي التي يتعامل بها للأسف الشديد الكثير من الناس . اننا أمام مسؤولية أخلاقية، وليس مجرد منظور ووجهات نظر في ضرورة التطبيق الفعلي للقيم والأخلاق النبيلة في إطار العلاقات المتبادلة بين الأفراد والجماعات ، وعلى كل واحد منا أن يعود إلى نفسه، وأن يكون جريئا معها ،ويسألها عن حقيقة الأخلاق التي تحملها ومدى صدقها وثباتها؛ ويحدد مكامن خللها لإصلاح عيوبها لتصبح متوافقة مع سلوكياته وتصرفاته الخفية والظاهرة. وينبغي أن يتذكر الإنسان دائما على أن أي خسائر قابلة للتعويض مهما كان حجمها، الا الخسائر الأخلاقية لا يمكن تعويضها أبدا ، لأنها تفتك بالمجتمعات على المدي البعيد