أصبحت وزارة النقل والمواصلات أشهر وزارة من بين (36) وزارة في مصر بفضل هيئة سكك حديد مصر التابعة لها ، ولم تأتي هذه الشهرة بفضل انجازاتها ، وإنما بفعل حوادث قطاراتها المتهالكة وطرقها السيئة ، والتي من كثرة حوادثها أصبحت تنافس على الدخول الى موسوعة جينيس باب عجائب الدنيا ، وأصبحت أخبارها السيئة تتصدر نشرات الأخبار ، وصور حوادثها تملأ مختلف وسائل الإعلام ، وأصبحنا نضع أيدينا على قلوبنا في كل مرة نسمع فيها خبرا عن وزارة النقل ، حتى أصبحت أخبارها تسبب هلعا لكل من يسمع لها . بالأمس القريب وقع حادث قطار أسيوط وراح ضحيته قتلى ومصابين ولم تعلن الجهات المختصة نتيجة التحقيق حتى الآن ، ليأتي هذا الحادث الجديد بالبدرشين ليضاف إلى قائمة حوادث القطارات التي تنتظر الدور في التحقيق ، وربنا يعطينا العمر الطويل لنعرف نتيجة التحقيق وسبب ما حدث ، ومن هو المسئول عن قتل (19) شخصا وإصابة (117 ) آخرين في هذا الحادث . بالتأكيد وراء هذا الحادث الإهمال وغياب الضمير ورخص الدم المصري الذي لم يعد يساوي قيمة تذكرة القطار المنكوب ، وضعف الرقابة وربما انعدامها ، والدليل على ذلك مبادرة عدد من مهندسي الهيئة المذكورة بعد وقوع الحادث بإصلاح الجزء المتسبب في الحادث والذي ترتب عليه خروج عربتين من قطار البدرشين وذلك بفك القضبان وتركيب قطعة جديدة بدلا من القطعة التالفة التي كانت سببا رئيسيا في وقوع الحادث ، وكأن الهيئة كانت تنتظر هذا الحاث ليبادر مهندسيها إلى إصلاح ما كان يجب إصلاحه من قبل ، وليؤكد عدد من المجندين الذين كانوا يستقلون القطار المنكوب ان القطار تعطل (6) مرات في طريقه من أسيوط حتى البدرشين دون ان يتحرك أحد من المسئولين أصحاب المكاتب المكيفة خوفا على صحتهم من موجة البرد التي تعاني منها البلاد حاليا . لنفاجأ بتصريح أبرد من البرد الذي تعاني منه مصر حاليا لأحد أعضاء المجلس القومي لحقوق الانسان يعلن فيه أن حادث قطار البدرشين لا يستحق كل هذا الاهتمام الاعلامي ، وبالتأكيد كان سيغير رأيه هذا لو أن أحد أبنائه من بين القتلى أو المصابين ، كما يؤكد برأيه هذا أن المجلس الذي هو عضوا فيه لحقوق الانسان في المريخ وليس في مصر ، فاتقي الله ( يا دكتور ) فحرمة دم الإنسان أعز عند الله من الكعبة المشرفة ، هكذا علمنا الإسلام . ليتكرر السيناريو ( الممل) الذي حفظه الشعب المصري من كثرة تكراره بنفس التفاصيل وإن اختلفت الأشخاص أو موقع الحادث ، حيث يقوم فريق من النيابة العامة على الفور بمعاينة موقع الحادث ، ويقطع رئيس الوزراء جولته التي كانت مقررة لإطلاق إشارة البدء لتوصيل الغاز الطبيعي لمنازل منطقة المعصرة ، ويتفرغ لمتابعة الحادث لحظة بلحظة ، والاتصال على الجهات المعنية لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات فورية قبل ان يتوجه لتفقد موقع الحادث والتقاط بعض الصور التذكارية بجوار القطار المنكوب ، ثم التوجه الى مستشفى المعادي للاطمئنان على المصابين ، والتبرع لهم بالدم وتوثيق ذلك بالصور حتى لا تنكره المعارضة لتتصدر هذه الصور صدر نشرات الأخبار . لينتهي اليوم المأساوي باجتماع الرئيس مع رئيس الوزراء ووزير النقل للوقوف على تداعيات الحادث المؤلم وبحث آليات جديدة لوقف نزيف الدم المصري ، قبل أن يتوجه الرئيس بالعزاء للشعب المصري وأهالي الشهداء وأسر الضحايا ، ثم التوجيه بإجراء تحقيق فوري لمعرفة أسباب الحادث ومعاقبة المقصرين . يظل الدم المصري رخيصا ...... رخيصا على أرضه ، ينزف دون توقف بسبب القطارات ومن قبلها العبارات ، ومن بعدها طلقات الخرطوش ، ولا ندري ما التالي ، دون أن تذرف دمعة ولو بالخطأ من عين أحد أعضاء المجلس القومي ( لحقوق الإنسان ) الذي يبدوا أنه يحتاج إلى إلحاق أعضائه بندوات مكثفة بكليات الحقوق ليعرفوا ما يجب أن يكون للإنسان من حقوق . **كاتب مصرى مقيم بالسعودية