استوقفني بأدب وابتهاج ، وأنا أتمتع بصحبة جمال كورنيش النيل في بنها ، وقال متلجلجا : حمدا لله أن جعلني أراك يا دكتور ، لقد كنت أبحث عنك منذ شهور ، وعندما حييت مستفهما : خير إن شاء الله ، قال : يقولون : إنك الوحيد في بنها ، القادر على تذوق هذه الرباعيات . دعوته للجلوس ، وقد كنا وقوفا ، في نادي المعلمين ، وانتخبت طاولة تجري من تحتها المياه ، ومنيت نفسي سعيدا بجلسة شعرية ممتعة . أخرج ورقة من جيب بنطاله الصغير ، فكها أمامي ، وبينها لي ، وشرع في قراءتها ، وهو ينظر ساهما في الأفق البعيد ، وقد تلبسته حركات إيمائية كأنه بصدد إتمام طقس وثني . استوقفته بعد السطر الأول في خطأ إملائي ، فهمس في وجهي : ليس مهما يا دكتور ، اسمع فقط حتى النهاية . استوقفته عند السطر الثاني في خطأ نحوي ، فصاح في وجهي : ليس مهما يا دكتور ، اسمع فقط حتى النهاية . استوقفته في السطر الثالث في خطأ عروضي ، فصرخ في وجهي : ليس مهما يا دكتور ، اسمع فقط حتى النهاية . استوقفته عند النهاية في خطأ في روي القافية ، فانفجر في وجهي : ليس مهما يا دكتور ، اسمع فقط حتى النهاية . وعندما نبهته إلى أنه وصل إلى النهاية ، قال لي منتشيا بحبور ، وقد فرغ من إنفاذ طقسه الوثني : قل لي إذا يا دكتور ، ما رأيك بصراحة ؟! .