محمد العريان يكتب : الخطوة المقبلة ل"الأحتياطى الفيدرالى

أدت هشاشة الاقتصاد العالمي، وضعف الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة،
والتصريحات التي أصدرها بعض مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
مؤخرًا، إلى القبول المتزايد بعدم رفع البنك المركزي أسعار الفائدة هذا العام.
أما بالنسبة لهؤلاء الذين يتوقعون تأجيل مجلس الاحتياطي الفيدرالي أول
زيادة له في أسعار الفائدة منذ نحو 10 سنوات حتى مارس (آذار) 2016، قد
يسيئون قراءة السياق المحلي والدولي بشكل أوسع.
وعن طريق الحد من الطلب على الصادرات، وتثبيط إيرادات الشركات من المبيعات
في الخارج، يميل ضعف الاقتصاد العالمي إلى كبح التوسع الأميركي. لكن نطاق
ومدى هذه الآثار يعتبر ضئيلا بالمقارنة مع تأثير التطورات الداخلية. وفي
الحقيقة، لن تدخل الأوضاع العالمية في حسبان مسؤولي مجلس الاحتياطي
الفيدرالي إلا بشكل هامشي إذا كان هذا الضعف لا يساهم في عدم استقرار
الأسواق المالية.
وعلى سبيل المثال، أدت المخاوف الاقتصادية بشأن الصين إلى تقلبات مالية
واسعة النطاق في الأسابيع التي سبقت اجتماع لجنة السوق المفتوحة التابعة
للمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.
وكانت الانخفاضات في الأسعار على نحو غير منظم، جنبًا إلى جنب مع الآثار
السلبية على فئات الأصول، بمثابة دوافع مهمة لقرار البنك المركزي بعدم رفع
أسعار الفائدة حينها.
والآن، استعادت الأسواق في مختلف أنحاء العالم وضعًا أفضل، ولا تعد الرياح
المعاكسة الخارجية قوية، رغم أن النمو لم ينتعش بعد في الصين وفي بقية
العالم الناشئ.
وعندما يتعلق الأمر بالاقتصاد الأميركي، يواجه رفع أسعار الفائدة تحديات
تفرضها المؤشرات الأخيرة حول ضعف المستهلك، وتأثيرها على تجارة التجزئة.
وفي هذه الحالة أيضًا، يعتبر السياق الأوسع مهمًا.
وعقب البداية البطيئة المحبطة في مرحلة ما بعد الأزمة، كان الاقتصاد
الأميركي مثيرًا للإعجاب في خلق فرص العمل. ويعتمد المزيد من التقدم على
القضايا الهيكلية المهمة التي لا تعالجها سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي
بسهولة. وفي غضون ذلك، تبدأ ضغوط الأجور والتضخم في البناء، لكن ببطء. ولا
تزال المخاوف بشأن الإفراط في المجازفة - أحد الآثار الجانبية غير المقصودة
لاستخدام البنك المركزي السياسة النقدية غير التقليدية لفترة طويلة - أبعد
ما تكون عن الاستقرار.
وبناء على ما سبق، على الرغم من استبعاد رفع أسعار الفائدة في أكتوبر
(تشرين الأول) الحالي، سيكون من السابق لأوانه استبعاد تطبيق مجلس
الاحتياطي الفيدرالي الزيادة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ناهيك
بالتوقعات بتأجيل الزيادة حتى مارس من العام المقبل. ومن شأن المزيد من
مؤشرات الضعف في الاقتصاد المحلي فقط، بالإضافة إلى عودة عدم الاستقرار في
الأسواق المالية العالمية، أن يجعل تأجيل رفع أسعار الفائدة أمرًا مؤكدًا.