حمدا لله أن خرج مفتى السعودية الشيخ «عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ» لينفى فتوى غريبة عجيبة شاذة صادمة مشبوهة. فتوى لامحل لها من الاعراب نسبت إليه كذباً وأثارت ضجة، حيث إنها تتيح للزوج أن يأكل زوجته فيما إذا أصابه جوع شديد وخاف على نفسه من التهلكة. والأكل قد يشمل عضوا واحدا من جسدها أو قد يشمل الجسد كله فيما إذا بلغ الجوع منه مبلغا عظيما.أما تبرير هذه الفتوى الشاذة فيرتكز على كونها دليلاً على تضحية المرأة وطاعتها لزوجها ورغبتها فى أن يصير جسداهما جسداً واحداً. ولاشك أن ترويج مثل هذه الأراجيف من شأنه أن ينال من صورة الاسلام الذى أعلى شأن الإنسان وكرمه دون استثناء رجلا كان أو امرأة وحافظ على حقوقه فى دينه ونفسه وعقله وعرضه، فكيف يمكن للمرء أن يصدق أن الإسلام قد أباح ازهاق الأرواح؟ إذ إن أكل الزوج لزوجته سيعنى القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد. وعليه فهذا اللغو ليس من الدين على الاطلاق، فالدين يقدس الحياة ويجعلها فى مقدمة مقاصد الشريعة الخمسة وهى حفظ الحياة وحمايتها وحماية العقل والدين والمال والعرض.الفتوى المذكورة لاتتسق مع تعاليم الدين الاسلامى. قال تعالى: «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» (المائدة:32) . كان من الممكن للمرء أن يصدق هذه الفتوى فيما إذا صدرت عن داعش الارهابى الذى مارس القتل والحرق والبتر وجز الرقاب والتمثيل بالجثامين، وبالتالى لن يعوزه قضم الضحية خاصة إذا كانت امرأة. أما الاسلام فبراء من هذا الافك والتضليل، ولايمكن للاسلام دين الوسطية والسماحة أن يدعو لمثل هذه الفتوى ويجيزها وهو الذى جاء رحمة للعالمين وللبشرية كلها، وبالتالى لايمكن أن يكون مروجا لآكلى لحوم البشر. قال تعالى: «ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث» (الإعراف: 157) ، فتحريم أكل لحم الانسان أمر معلوم من الدين بالضرورة، حيث أنه كرم الانسان «ولقد كرمنا بنى آدم» (الاسراء: 70).كما أن كراهية أكل لحم البشر هى إحدى سمات الطبع السليم والعقل الصحيح. ولهذا قال تعالى: «أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم». (الحجرات: 12) . الفتوى المشبوهة وغير المنطقية أثارت الكثير من الجدل لاسيما فى تعاملها مع المرأة. إذ إنها بدعواها هذه قد أنزلتها منزلة الدواب والبعير، وبالتالى ماكان يمكن لإنسان عاقل أن يفتى بمثل هذه الترهات التى تلطخ سمعة المسلمين بعد أن حولتهم إلى آكلى لحوم البشر. الفتوى هذه نشاز تتعارض مع نصوص القرآن والأحاديث النبوية ومع العقل والمنطق ولايمكن لإنسان يميز بين الغث والسمين أن ينحدر إلى هذه الهوة من الجهل والغباء ناهيك عن أن يكون عالم دين فقيه بوزن وقامة مفتى المملكة العربية السعودية والذى سارع وأكد أنها فتوى مغلوطة نسبت إليه كذباً وافتراء.......