جريمة باريس هزت وجدان الجميع... ولا أعنى بالجريمة عملية القتل فقط... لكن نشر الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم أيضا جريمة... فليس بالرسوم المسيئة يمكنكم هدم دين يزيد أتباعه على المليار... ولا يخلو بلد فى العالم منهم... وليس بالقتل أيضا ندافع عن ديننا... ولا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. فما يوجد فى ديننا من تعليمات السماحة يكفى للدفاع عنه... وما فى ديننا من أوامر بالدعوة والنقاش حوله لا تدفعنا للقتل... وما تحلى به نبينا الكريم من صفات الرحمة والتسامح يكفينا لنفخر به... وإذا كنا كمسلمين لا نملك مؤقتا من القوة ما يجعلنا نفرض قانونا يمنع الإساءة إلينا كما فعل اليهود... فإننا نملك دينا...وتاريخا... وسيرة عطرة يمكننا أن ندفع بها الأذى عن أنفسنا... وعن ديننا... وعن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم... ويكفى أن نتذكر... ونذكر رواية من جاء إلى المدينة ليقتل النبى صلى الله عليه وسلم... ودخل المسجد... رفع سيفه فأمسكه الصحابة وكادوا يفتكون به... إلا أن نبى الرحمة نهاهم فربطوه فى المسجد ثلاثة أيام... وطوال الأيام الثلاثة كان نبينا يطعمه... ويسقيه بيديه الشريفتين... ويعرض عليه الإسلام وهو يرفض... فأمر الرسول الكريم بإطلاق سراحه... فتعجب الرجل وأعلن إسلامه... الحكاية كافية لأن نبحث فى أصول ديننا... وفى حياة نبينا عن جوانب الخير وهى كثيرة ... هذا تحديدا ما فعلته الاعلامية الكبيرة هالة العشرى... بحثت فى الدين بعد أن استفزتها الرسوم المسيئة التى نشرتها صحيفة دانماركية... وشيئا فشيئا تفرغت تماما لوضع فكرة البرنامج المميز الذى تحاول تنفيذه للدفاع عن رسولنا الكريم ولا تجد من يتولى انتاجه... وهالة لمن لا يعرفها صحفية ومقدمة برامج متميزة... عملت فى بعض المحطات الخليجية فى التسعينيات... ثم نذرت نفسها للدفاع عن رسول الله إعلاميا... وتفرغت لدراسة شخصية النبى.... وسيرته... ثم كتبت برنامجا جيدا تدافع به عن رسول الله... البرنامج من وحى سيرة الحبيب المصطفى... من أحداث وأقوال وأفعال تظهر تسامح هذا الدين الحنيف... وكرم رسوله الأمين... وحصلت على موافقة الأزهر الشريف... وعلى مباركة مجمع البحوث الاسلامية... وأنتجت بالفعل حلقة يسمونها فى عالم البرامج بايلوت... إلا أنها لا تجد حتى اليوم من يتشجع لتبنى البرنامج... كل أصحاب القنوات الفضائية قالوا إن الفكرة جيدة لكن مطلوب راعٍ لها... لا اصحاب الفضائيات استجابوا... ولا الرعاة تحمسوا... حتى البعض ممن يتمسحون فى الدين .. ويدعون أنهم حماته... والمتحدثون باسمه... والأكثر غيرة عليه كلهم لوى وجهه عن الدفاع عن الدين باللغة التى يقبلها الآخر.... كلهم ابتعدوا... وتخلوا عن الدفاع عن الدين الحنيف... والرسول الخاتم الأمين. علينا أن نتوقف كثيرا أمام حكاية هالة العشرى....وجريمة باريس... فالرصاصات التى أطلقت فى مجلة الكاريكاتير الفرنسية... وقتلت عددا من صحفييها أضرت الإسلام... ووصمت كل المسلمين بالإرهاب... وفى سبيل تنفيذ العملية أنفق بعضهم الملايين... ولن تمنع هذه العملية آخرين من نشر رسوم جديدة تسىء إلينا وإلى ديننا... وحتى لو كان هذا جهادا... فإن برنامجا واحدا لن يتكلف ما تتكلفه حرب تمكن أعداء الإسلام من أرض المسلمين وبلادهم... وإذا كان القتل جهادا... فإن الكلمة أيضا جهاد فى سبيل الله... كلنا يغضب للرسول...لكن لا أحد يرضى أن ينفق جنيها على برنامج يدافع عنه... إنه الهوان نصنعه بأيدينا.