الشباب قام بثورة 25 يناير، والشباب قاد موجتها الثانية في 30 يونيو، والشباب قادم ولا سبيل لردعهم للقيام بثورة ثالثة ورابعة وعاشرة.. إن لم تتحقق طموحاتهم واحلامهم التي دفعوا من أجلها دماء غالية من اشقائهم واقاربهم واصحابهم الذين ماتوا بين ايديهم في الشوارع وهم يصرخون عيش حرية عدالة اجتماعية. الشباب حتى الان لم يحصل على ثمن الثورة التي قاموا بها على رئيس فاسد ظل ثلاثين سنة يتحدث عن الديمقراطية ويحكم بالديكتاتورية، ويتشدق بحماية محدودي الدخل ويعمل لصالح حرامية الدخل، وعن توفير فرص عمل للشباب بينما يجهز ابنه ليحصل على كل فرص الشباب.. ولم يحصل الشباب على مقابل الثورة التي قاموا بها على رئيس طرطور جاء بطريقة ديمقراطية فمارس الحكم بطريقة ديكتاتورية، وظل لمدة عام يعمل من اجل التنظيم ولا يعمل من اجل الدولة، ويفخر بلا خجل بانه اول رئيس منتخب مع الجماعة وضد الشعب!! وشعارات الشباب الذين رفعوها في 25 يناير و30 يونية مازالت مستمرة لان ثورتهم مازالت مستمرة.. على عدم استيعاب قدراتهم وافكارهم وابداعاتهم للتغيير والتطوير والتحديث في اساليب الحكم وادارة الدولة.. ويوم ان صرخ الشباب في الشوارع «ثورة ثورة حتي النصر ثورة في كل شوارع مصر» لم يكن ذلك مجرد شعار لإسقاط رئيس فاسد فقط ، ولكن لإسقاط نظام فاسد، ومطلب للثورة على نمطية التفكير وطرق العمل، وللمطالبة باستخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في كل المجالات العلمية والتعليمية والاقتصادية والخدمية، من اجل إحداث نقلة نوعية في كل محاور الانتاج في المزارع والمصانع والسياحة.. خاصة وأن الشباب صنع ثورته وهدم النظام على رؤوس أركانه بأحدث وسائل الاتصالات وشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. ومن يتوقع انه سيوافق بإدارة النظام الجديد بنفس الادوات والاساليب القديمة سيكون ساذجا؟!.. لان هؤلاء الشباب على قناعة ان العقلية التي اوجدت المشكلة لن تستطيع ايجاد حلول لنفس المشكلة.. وهى مقولة واقعية تعكس احباطات الشباب في كل الحلول التي عملت عليها كل الحكومات التي جاءت بعد ثورة 25 يناير ولم تفعل شيئا، ولم تغير وضعا، لأن معظم أعضاء الحكومة من كبار السن والمتقاعدين بداية من رئيس الوزراء، وكان منهم من تجاوز السبعين وعلى مشارف الثمانين، وحتى اصغر الوزراء وبعضهم كاد يبلغ الستين، بل وكان عدد كبير من الوزراء في حكومات سابقة بمن فيهم رئيس الوزراء نفسه، وكانوا جميعهم من الاسباب التي دفعت الشباب للقيام بثورتهم.. فكيف يرتضون بهم أو على الاقل يقتنعون بحلولهم بعد الثورة؟! ولهذا لا سبيل لتقدم حقيقيا الا بالشباب، ولا طريق للاستقرار الآمن الا بالشباب.. ليس بتعيين الشباب في مناصب الدولة ولكن بمواجهة القضايا والمشكلات بحلول شابة وغير تقليدية وبطرق مبتكرة تواكب طرق تفكير الشباب وأساليب ابداعهم وشجاعتهم في اقتحامهم كل من يقف في طريقهم ومستقبلهم.. فان هذا الشباب كان من الجسارة لمواجهة مبارك ونظامه المستبد العنيف بلا خوف حتى تمكنوا من اسقاطه، بينما ظلت المعارضة تحاول ذلك عشرات السنين ولم تزحزحه ولم تهز نظامه مرة واحدة، لأنها كانت تستخدم طرقا تقليدية وثابتة، وهذا الشباب كان من القوة لكسر قوة الإخوان في عام واحد، بينما فشل الملوك والرؤساء والوزراء قبلهم لعشرات السنين في التخلص منهم لانهم كانوا يكررون نفس الطرق القديمة.. ومن يتصور ان هذا الشباب سيوافق على فعل أي شيء بدون علمه أو موافقته سيكون حفر قبره بنفسه مثل مبارك والإخوان، وانه لا سبيل أمام أي حاكم قادم الا بأن يكون شابا في أساليب مواجهته للمشاكل، وشجاعا في قراراته وجسورا في وضع حلول غير تقليدية لهموم المواطن، وأن يكون على قناعة بان الشباب قادم قادم، وأن مصر لن تحصل على المكانة التي تستحقها ان لم يحصل شبابها على المكانة التي يستحقها!!