قبل شروع الرئيس الراحل أنور السادات في عملية السلام مع إسرائيل بعام كامل، وتحديدا في عام 1976 توقعت الCIA أنه سيتم اغتياله، كما توقعت أن الزعيم الفلسطيني المناضل ياسر عرفات سيعترف بإسرائيل وسيطلب التعايش معها لاحقا، هذا هو السيناريو الذي صنعته وكالة الاستخبارات الامريكية وكشفته الاسبوع الماضي عندما سمحت بنشر نحو 1400 وثيقة مصنّفة متعلقة بمحادثات السلام بين إسرائيل ومصر التي جرت في كامب ديفيد عام 1977. وتشمل الوثائق تقارير شخصية حول رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيجن، والرئيس المصري، أنور السادات ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات. وتعرض الوثائق، التي سُمح بنشرها الآن فقط، والتي بقت أغلبيتها سرية، توقعات الاستخبارات الأمريكية حول الشرق الأوسط من أواخر السبعينات. ومن بين أمور أخرى، طرحت الوثائق احتمال سقوط الرئيس المصري في ذلك الحين، أنور السادات، ضحية لاغتيال سياسي: لقد قدر ال«سي آي إيه» أن أمرين فقط يمكنهما عزل السادات عن الرئاسة في مصر: نوبة قلبية أو عيارات شخص يغتاله. وبعد عدة سنوات من ذلك، وفي عام 1981، تحققت الإمكانية الثانية حين اغتال فرد من أفراد الجهاد الإسلامي الرئيس السادات. وقد كتب ال«سي آي إيه» عن طبيعة زعامة الرئيس المصري أن «السادات هو ثوري سابق وعنصري متحمس، لكنه زعيم معتدل ودبلوماسي براغماتي». قُبَيل المفاوضات مع إسرائيل، تم تقديم السادات على أنه داعية سلام يولي أهمية كبرى للشكل الذي سيتذكره التاريخ به. بالنسبة لياسر عرفات، توقعت المخابرات الامريكية أنه منذ عام 1977، سوف يكون عرفات مستعدًا للاعتراف بدولة إسرائيل مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية. وفي برقية مصنّفة تم التبليغ عن أن عرفات يطلب نقل رسالة إلى رئيس الولاياتالمتحدة، تقضي بأنه مستعد للعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل مقابل اعتراف أمريكي بفكرة الدولة الفلسطينية. ولم تستجب الولاياتالمتحدة لإيماءات عرفات في ذلك الوقت، وفي عام 2002 فقط أعربت واشنطن عن دعمها العلني لإقامة دولة فلسطينية. تذكرني الوثائق الأمريكية الأخيرة بما كشفه الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل قبل ثورة 25 يناير عن ضلوع المخابرات الأمريكية في التخلص من الرئيس جمال عبدالناصر، وأن جهاز المخابرات المصرية نجح فى اختراق السفارة الأمريكية فى القاهرة بزرع ميكروفونات فى مقر السفير الأمريكى بعد إذن من عبد الناصر شخصيا، ومن خلال هذه العملية التى اعتبرها هيكل من أنجح عمليات المخابرات المصرية وعرفت باسم «الدكتور عصفور»، توفر كنزاً من المعلومات لمصر، كان من بينها معلومات عن اجتماع بين السفير الأمريكى فى مصر ومسئول المخابرات المركزية بالقاهرة والقائم بالأعمال الأمريكى فى إسرائيل، ودار حول قضايا كثيرة من بينها ضرورة التخلص من جمال عبد الناصر باعتباره عقبة رئيسية أمام علاقات بين مصر وإسرائيل، وأن هناك حالة من الالتفاف الجماهيرى حول عبدالناصر تجعل الوصول إلى هذه العلاقات مستحيلا، وأنه للوصول إلى هذا الهدف لابد من التخلص من جمال عبد الناصر بالسم أو المرض. خلاصة القول، أن المخابرات الأمريكية مهددت وخططت للتخلص من عدوها اللدود جمال عبدالناصر وأيضا من صديقها الحليف أنور السادات بعدما اكتسب كلاهما شعبية جارفة في الشارع المصري والعربي، فما يدرينا ماذا تدبر واشنطن الآن لشخصية الفريق أول عبدالفتاح السيسي الذي أربك حساباتها الدولية واحبط مخططها في الشرق الاوسط الكبير، وأعاد احياء النظام الدولي متعدد الأقطاب ؟!، أتصور ان حلم المصريين بحاجة الى وحدة صف تحميه وليس الى خلافات مذهبية تضيعه.