وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية برواتب مجزية    محافظ سوهاج يتفقد حي شرق ومدينة أخميم.. ويوجه بإغلاق محال مخالفة ورفع الإشغالات والقمامة    بنك التنمية الصناعية يحصد جائزة التميز المصرفي في إعادة الهيكلة والتطوير لعام 2025    أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم.. البطاطس ب8 جنيهات    عائلات الأسرى: نشعر بالقلق بسبب مزاعم جيش الاحتلال بتوسيع العملية العسكرية    إجلاء مئات الآلاف بسبب إعصار ويفا جنوب الصين    الأمطار الغزيرة تودي بحياة 10 أشخاص على الأقل في كوريا الجنوبية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و41 ألفا و990 فردا منذ بداية الحرب    استشهاد طفلة فلسطينية نتيجة مضاعفات سوء التغذية والجوع    وزير الدفاع الإسرائيلي يختتم زيارته لواشنطن ويشيد بعملية استهداف البرنامج النووي الإيراني    المصري يبدأ تدريباته في "سوسة" التونسية استعدادا للموسم الجديد    «الأرصاد»: انخفاض طفيف في درجات الحرارة.. والعظمى بالقاهرة 35 درجة    إصابة شخصين إثر حادث انقلاب سيارة فى أطفيح    إحالة طرفي مشاجرة نشبت بالأسلحة النارية في السلام للمحاكمة    مدمن شابو.. حكاية مقتل شاب طعنا وإصابة اثنين آخرين ببولاق الدكرور    عمرو دياب يتألق ويشعل المسرح ب "بابا" في حفله بالساحل الشمالي    بكلمة ساحرة.. ريهام إبراهيم تفتتح فعاليات الدورة ال18 للمهرجان القومي للمسرح    الصحة السورية تعلن إرسال قافلة طبية عاجلة إلى السويداء    الصحة: اعتماد 61 منشأة رعاية أولية من «GAHAR»    مصرع 3 أطفال أشقاء غرقا داخل حوض مياه ببالبحيرة    إذاعة القرآن الكريم تحيي ذكرى رحيل الشيخ محمود على البنا    إصابة عامل بطلق ناري في مشاجرة بمركز جرجا في سوهاج    المبعوث الأمريكي إلى سوريا: لغة السلام والحوار طريق الخروج من الأزمة الحالية    رسمياً.. فتح باب التقديم للكليات العسكرية 2025 (شروط الالتحاق والتخصصات المطلوبة)    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية اليوم الأحد 20 يوليو 2025    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد في المدارس والجامعات وقرارات وزارة التربية والتعليم للمناهج    بكام الطن؟.. أسعار الأرز الشعير اليوم الأحد 20 -7-2025 ب أسواق الشرقية    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 20 يوليو 2025.. طاقات إيجابية وتحولات حاسمة بانتظار البعض    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    في حفل سيدي حنيش.. عمرو دياب يشعل المسرح ب"بابا"    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    ب9 آلاف مواطن.. مستقبل وطن يبدأ أولى مؤتمراته للشيوخ بكفر الزيات    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم في مصر بعد هبوط كبير تجاوز ال1300 جنيه    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    «حماة الوطن» بأشمون يناقش تعزيز دور الشباب في العمل الحزبي    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    مفتي الجمهورية ينعى الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    ماركا: بعد تجديد كورتوا.. موقف لونين من الرحيل عن ريال مدريد    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف عبدالرحمن سيف النصر يكتب: الديمقراطية على الطريقة المصرية!


شريف عبدالرحمن سيف النصر
عندما تفتق الذهن البشري عن نموذج "الديمقراطية النيابية" كان الدافع إليه أن نموذج "الديمقراطية المباشرة" لم يستطع أن يفي بأغراض الشعوب.
فالناس لا يمكنها أن تتجمع في الميادين والشوارع بالملايين لكي تفصح عن إرادتها، وحتى إذا كان ذلك ممكنا فإن مناقشة أي قرار وسط الآلاف المؤلفة من البشر لا يمكن أن يسفر عن نتائج ذات معنى، كما أن التعبير المباشر عن وجهات النظر السياسية يتضمن احتمال المواجهة بين المختلفين. فكما سينزل المؤيدون سينزل المعارضون، وهنا لن يكون النقاش هو سبيل الإقناع وإنما القدرة على إحداث أكبر قدر من الأذى بالخصم. ومن هنا حلت صناديق الانتخابات محل المواجهات، وحلت فكرة اختيار نواب عن الشعب محل التعبير المباشر عن وجهات النظر، وظل هذا الأمر محل اتفاق بوصفه الأسلوب الأقرب إلى السلمية في المجتمعات المتحضرة.
ولكن القوى السياسية في مصر قررت أن تخالف هذه القناعات، فعادت خلال الأيام الماضية إلى الشارع لممارسة الديمقراطية المباشرة من جديد، متجاوزة بذلك تراثا إنسانيا لم يصل إلى ما وصل إليه من تفضيل الأسلوب النيابي إلا بعد أن خبر مخاطر وأخطاء ديمقراطية الشارع. ليس هذا فحسب ولكن الديمقراطية المصرية أضافت إلى العيوب السابقة عيبا إضافيا وهو اعتمادها بشكل شبه كامل على كاميرات الإعلام، فأضفت بذلك بعدا استعراضيا، يستبدل أصوات الناخبين بحضورهم المباشر والشخصي، ثم ملاحقتهم بالكاميرات لالتقاط حركتهم وإبراز حشودهم. ولكن كاميرات الفضائيات وهي تفعل ذلك فإنها تمارس تحيزات نابعة من تفضيلاتها السياسية ومن مصادر التمويل التي تعتمد عليها، ولذا فإنها لا تظهر الحشود المتقابلة بنفس النسبة، ولا تقدم تغطية متوازنة لها، وإنما تحرص على إبراز كثرة من تؤيدهم، وضآلة من تعارضهم. هذه المتاجرة بمناظر الحشود بهدف إحراز نقاط سياسية تلهب مشاعر المزيد من الناس وتدفعهم للنزول والاعتصام بالميادين دعما لمؤيديهم.
في الديمقراطية على الطريقة المصرية إذن صار الإعلام جزءا من المنازلة السياسية، مهمته الأساسية هي محاصرة الإسلام السياسي على نحو كامل، وذلك للتغلب على معضلة التفوق الانتخابي للإسلاميين، فتم استدراجهم إلى ميدان منازلة جديدة، يفقدون فيها ميزتهم الأساسية، أما إعلان نتائج هذه المنازلة فلا يتم في لجان فرز الأصوات ولكن في أستديوهات التوك شو والبرامج الحوارية، وفي كل الأحوال تكون النتيجة معلنة مسبقاً، وهي انتصار الكتل المعارضة بالأغلبية الساحقة، بعد أن يستبدل اسمها لكي تتم الإشارة إليها باسم "الشعب"، فلا تصبح مجرد قوى معارضة ولكنها تصبح الشعب نفسه، كما لو كانت الأطراف الأخرى غير موجودة في المشهد أصلاً.
نزول المعارضين إلى الشوارع، ودخول الإعلام على الخط ليسا أغرب ظواهر الديمقراطية المصرية، فالأغرب بحق أن الجماهير التي نزلت إلى الشوارع، واعتصمت بالإعلام، ورفضت الاحتكام إلى الصناديق، فعلت كل ذلك لا لكي تحافظ على إرادتها حرة، ولا لكي تمتلك قرارها بأيديها، ولكن من أجل أن تستنجد بالعسكريين وتأتي بهم إلى الحكم، وكأننا أمام نسخة من الديمقراطية الفاشية، التي تقبل ما يفرضه العسكر وترفض ما تفرضه إرادة الأغلبية. ولذا فقد كانت قمة الدراما في الديمقراطية المصرية أن يحتفي المتظاهرون المدنيون، بعودة الجيش إلى المشهد السياسي، وأن يتطلع الكثير إلى أن يحتكر الجيش السلطة، ويقضي على تجربة التحول الديمقراطي المدني بكافة تفاصيلها. وقد شارك في هذا العرض الهزلي كثير من القوى الثورية التي التهبت حناجرها ذات يوم بالنداء الشهير "يسقط حكم العسكر"، هذه أيضا أصبحت لا تمانع في عودة الجيش إلى السلطة مرة أخرى، من أجل أن يبدأ مرحلة انتقالية جديدة، تدوم لعدة أشهر أو بضع سنوات.
لقد كان بالإمكان أن تنتظم القوى الرافضة لحكم الإخوان أمام صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية القريبة جدا، لتعبر عن رأيها بشكل سلمي ومتحضر، فتحصد أغلبية المقاعد وتشكل حكومة جديدة، يتولى رئيسها إدارة معظم الملفات السياسية، ويشارك رئيس الدولة في العديد من اختصاصاته، ولكن هذه القوى أبت إلا أن تختار أكثر الأشكال صخباً للتعبير عن رفضها للأداء السياسي للرئاسة والجماعة، ألا وهو النزول إلى الشوارع، مدعومين بكاميرات الفضائيات، التي لاحقتهم وثبتت صور خلفياتها على مشاهد الميادين وهي ممتلئة بهم، وكأنها تقرر بذلك سابقة سياسية، يتعين على المعارضين في المستقبل أن يحتذوها للتعبير عن رفضهم، وهي أن المباراة السياسية يحسمها الطرف الأقدر على إحداث أكبر قدر من الصخب.
إلا أن هذا الأسلوب هو بالضبط ما يجعل المباراة بلا قواعد، فإعلان المغلوب أنه لن يكمل المباراة حتى تتغير قواعد اللعبة بما يضمن له الفوز، أو طلبه من جمهوره أن ينزل إلى أرض الملعب قبل أن تنتهي المباراة أو حتى يستعين بالصديق القوي (المؤسسة العسكرية) للمساعدة في تطويع النتيجة، كل هذه السيناريوهات تنزع عن عملية تداول السلطة شكلها المؤسسي وتتحول بها إلى نمط فوضوي لا يمكن تكراره في المستقبل.
إشارة أخيرة تحملها ظاهرة التظاهرات أمام الكاميرات تتمثل في الإيحاء بأن الديمقراطية المصرية لم تكن أكثر من تمثيلية؛ تظاهر البعض باحترامها ولكنهم عند الجد أعلنوا عن قناعاتهم الحقيقية إزاءها، وهي أن احترامهم لها لم يكن أكثر من ادعاء. فالمثقفون والنخبة الذين صدعوا رؤوس الناس بالحديث عن الشرعية الدستورية، يستخدمون منابر الفضائيات للحديث عن شرعية جديدة تصنع في الشوارع والميادين، أما القوى الثورية فهي ترحب بتدخل المؤسسة العسكرية، وتحضّر لتسليم الجيش مسؤولية البلاد. وكأنها بذلك تعبر عن قناعاتها بأن الإجراءات الدستورية التي انخرطت وشاركت فيها لم تكن أكثر من حبر على ورق، وأن المسار السياسي تحكمه لغة القوة في المقام الأول، فالمشروعية وفقا لها تخرج من فوهة المدفع، وليس من خلال إرادة الشعب بأي شكل من الأشكال.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.