من يملك الشجاعة الكافية أن يحاسب نفسه قبل ان يحاسب الناس.... يصارح نفسه بعيوبه قبل أن يبرز عيوب الآخرين. يتحدث عن الفضيلة وهو لا يملكها. يتحدث عن الحلال والحرام عن الخير والشر وهو حياته كلها خطايا وشرور يتحدث عن الحق وهو على باطل. أصدقائى فى زمننا هذا الذى يتصرف بتلقائية وشفافية وإن كان فى بعض تصرفاته شىء من الخطأ، ينصب البعض له المشانق وعلى الرغم أنه حتى فى فعل الخطأ يفعله فى وضوح أمام الجميع وغيره يفعله فى الخفاء ويظهر أمام الجميع بشكل ملاك خال من العيوب. يُكذب من ينطق بالحق والصدق. يزنى فى الخفاء ويمسك حجرًا ويرجم من يقع فى الخطيئة أمام الجميع مدعيا الطهارة والفضيلة. «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!»» (يو 8: 7). يسرق ويدعى الشرف، يغتاب وأمام من يغتابه يدعى الأخوة والصداقة والعيش والملح. يحقد ويكره ويطعنك بخنجر من خلفك وأمامك يحضن ويقبل ويمدح. يدعى العشرة والأخوة والصداقة وهو خائن لها. وغير ذلك الكثير. من أعطى لك الحق أن تنصب نفسك قاضيًا تصدر حكمًا.. وجلادًا فى يديك سياط تجلد إنسانًا على خطأ وأنت فى الخفاء تفعل أفظع منه... «لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِى فِى عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِى فِى عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟» (لو 6: 41). فالجميع زاغوا وفسدوا «الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ.» (رو 3: 12). .. والفساد هنا له أشكال كثيرة جدًا. أقلها هو أن تكون كاذبًا وغير صادق مع نفسك. فى حديثك. وأخيرا قبل أن تلوم على الآخرين فى إخطائهم وتحكم عليهم حاسب نفسك أولًا. جميعنا نحتاج الى حبة صراحة بين أنفسنا نحتاج إلى ضميرا يكون قاضيًا يقظًا بداخلنا.. نحتاج إلى رقيب داخلى على تصرفاتنا وأفعالنا. نحتاج إلى إنسان داخلنا يعرف الحق ويفعله ويعرف الباطل وينهره نحتاج الى محبه وطهارة وعفه وفضيلة وخير. أنا لست مدعيًا للفضيلة ولكن من وقت للآخر أيقظ نفسى. أحاسبها... على شرورى. كثيرا لا أعيب على أخطاء الآخرين بافضاحها وكشفها لأنى دائما أذكر نفسى باخطائى.. وأخيرًا نحتاج الى .. حبة صراحة. ليكون بداخلنا إنسان بكل معانى الإنسانية ولا نحتاج إلى أقنعة نخفى خلفها شرور أنفسنا وعيوبنا ... فلنحترس أن يموت الإنسان بداخلنا.