عندما يعبر الإنسان عن قناعاته وأفكاره، بشكل منطقي أو عقلاني يعتمد على الحجة والدليل، قد يوصف بأنه يغرد خارج السرب، أو يسبح ضد التيار، خصوصًا عندما يكون مختلفاً فيما يعتقده مع تيار عارم يصعب مواجهته أو جموع لا تتقبل الحوار أو ثقافة الاختلاف الذي لا يفسد للود قضية. لذلك نعتقد أن روحانيات الشهر الفضيل فرصة عظيمة يجب استغلالها بقبول الآخر والاختلاف معه، لأنه ليس بالضرورة التماهى والتوافق مع الأفكار والمفاهيم والمواقف الجماعية بشكل دائم، خصوصاً تلك التي تتعارض مع العقل والمنطق! لعل الهدوء النفسي الذي يصاحب الصيام يجعلنا في أمس الحاجة إلى ترسيخ مفهوم الاختلاف وثقافة الحوار والابتعاد عن التشكيك أو التفتيش في النوايا، وألا نلجأ إلى إقصاء من نختلف معهم، لأننا بالفعل نحتاج إلى التركيز على البناء والأمل. وبما أننا نعيش أياماً مباركة أكثر أريحية لتقبل طرح أسئلة شائكة، يبقى التساؤل: متى كان إجماع الغالبية على رأى أنه صواب، وما المعايير التى يقاس على أساسها أن غالبية الناس هي فعلاً مع ذلك الرأى؟.. لأنه من الصعب أن نجد في أي زمان أو عصر، توافقاً أو إجماعاً كلياً ورأياً موحداً على قضية ما أو أشخاص بعينهم، لأننا سنكون وصلنا إلى مرحلة من التماهي والتطابق، لم يصل إليها السابقون أو اللاحقون.