وزارة العمل: 157 فرصة عمل جديدة بمحافظة الجيزة    بعثة طلاب الجامعات المصرية تمثل مصر في البطولة العالمية العاشرة للجامعات بإسبانيا    بعد شكوى أولياء الأمور.. قرار هام من وزير التعليم ضد مدرسة «نيو كابيتال» الخاصة    سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 12-11-2025 في البنوك    7 خدمات تقدمها النيابة العامة عبر تطبيق My Orange    أسعار الفراخ والبيض اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 بأسواق الأقصر    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    الدكتور محمد بن علي كومان يتقلد وسام الإنتربول من الطبقة الخاصة    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    خبر في الجول – الأهلي يقيد 6 لاعبين شباب في القائمة الإفريقية    موعد مباراة مصر وأوزبكستان.. والقنوات الناقلة    مبابي: سعداء بعودة كانتي للمنتخب.. والعديد من الفرق ترغب في ضم أوباميكانو    موعد نهائي كأس السوبر المصري لكرة اليد بين الأهلي وسموحة بالإمارات    من التوصيل للمواد المخدرة إلى السجن المشدد.. عامل بشبرا الخيمة ينتهي عند القانون    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير»    19 ألف زائر يوميًا.. طفرة في أعداد الزائرين للمتحف المصري الكبير    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    «التأمين الشامل» تشارك بحلقة نقاشية حول التعاون المصري الهندي في الرعاية الصحية    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    مجموعة ستاندرد بنك تفتتح رسميا مكتبها التمثيلي في مصر    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بنسبة مشاركة تجاوزت 55%    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    غنية ولذيذة.. أسهل طريقة لعمل المكرونة بينك صوص بالجبنة    وزير التعليم: الإعداد لإنشاء قرابة 60 مدرسة جديدة مع مؤسسات تعليمية إيطالية    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    انهيار عقار بمنطقة الجمرك في الإسكندرية دون إصابات    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    عُطل فني.. مسرح الطليعة يوجه رسالة اعتذار ل جمهور عرض «كارمن»    اليابان تتعاون مع بريطانيا وكندا في مجالي الأمن والاقتصاد    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    منتخب مصر يخوض تدريباته في السادسة مساء باستاد العين استعدادا لودية أوزبكستان    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    ما الحكم الشرعى فى لمس عورة المريض من قِبَل زوجة أبيه.. دار الإفتاء تجيب    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    المشدد 15 و10 سنوات للمهتمين بقتل طفلة بالشرقية    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    غدًا.. عرض فيلم «السلم والثعبان 2» بالسينمات السعودية    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    مارسيليا ولوهافر وبايرن ميونيخ يتابعون مهاجم الأهلي حمزه عبد الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمام مسجد السيدة زينب يكشف منزلة السلام مع النفس والكون فى القرآن
نشر في الوفد يوم 31 - 08 - 2021

كشف الدكتور محمد السيد أبو هاشم، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، منزلة السلام مع النفس والكون فى القرآن.
قال إمام وخطيب مسجد السيدة زينب إن السلامَ له منزلةٌكبيرةٌ فى الإسلامِ؛ والسلامُ مأخوذٌ من السلمِ والأمانِ ؛ والسلامُ من أسماءِ اللهِ الحسني؛ قال تعالى: { الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ}. والسلامُ اسم من أسماءِالجنةِ ؛ قال تعالى: { لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ( الأنعام : 127). وتحيةُ اللهِ للمؤمنينَ في الجنةِ السلام؛ قال تعالى: { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ۚوَأَعَدَّلَهُمْأَجْرًاكَرِيمًا}(الأحزاب: 44).
والسلامُ أحدٌ الحقوقِ الواجبةِ في التحيةِ بين المسلمين؛ فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: " حقُّ المسلمِ على المسلمِ خمسٌ: ردُّ السلامِ، وعِيادةُ المريضِ، واتِّباعُ الجنازة، وإِجابةُ الدَّعْوَةِ وتشميتُ العاطسِ ." ( البخاري ومسلم ).
وأضاف: ولمنزلةِ السلامِ وأهميَّتِهِ ومكانتِهِ وصفَ النبيُ – صلى اللهُ عليه وسلم- من بَخِلَ بالسلامِ بأنَّهُ أعجزُ الناسِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ بِالدُّعَاءِ ، وَإِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلامِ " .(الطبراني والبيهقي بسندٍ صحيحٍ).
لذلك كانَ من هديِهِ – صلى اللهُ عليه وسلم – السلامُ قبلَ الكلامِ؛ فعَنْ ابْنِ عُمَر َ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ:" السّلَامُ قَبْلَ السّؤَالِ، فَمَنْ بَدَأَكُمْ بِالسّؤَالِ قَبْلَ السّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ ".( ابن عدي وابن النجار بسند حسن ) . قال النوويُ:" السنةُ أن المسلمَ يبدأُ بالسلامِ قبلَ كلِّ كلامٍ، والأحاديثُ الصحيحةُ وعملُ سلفِ الأمةِ وخلفِهَا على وُفْقِ ذلك مشهورةٌ، فهذا هو المُعْتَمَدُ في هذا الفصلِ". ( شرح النووي).
إنَّ أعظمَ ما يحسدُنَا عليه اليهودُ هو السلامُ والتأمينُ؛ لما فيهما من الفضلِ العظيمِ والثوابِ الجزيلِ؛ فعَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ"( ابن ماجة وابن خزيمة بسند صحيح).
إنَّ السلامَ هدفٌ أسمى للشرائعِ السماويةِ كلِها، ومن أهمِ غاياتِها في الأرضِ، ومن ثَمَّ جاءتْ الرسالاتُ تترى مؤكدةً ضرورةَ المعاملةِفي ضوءٍ السلمِ النفسيِّ والأسرىِّ والمجتمعيِّ، فهذا نوحٌ- عليه السلام - يخاطبُه رَبهُ بقولِهِ تعالى: { يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ }. ( هود: 48). وهذا إبراهيمُ- عليه السلام - لمَّا وصلَ مع أبيهِ إلى نقطةٍ لا يمكنُ معها الاتفاقُ، وأصرَّ أبوهُ على طردِه، قابلَ كلَّ ذلك بسلامٍ كما قال تعالى: { قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا }. ( 46 ؛ 47 ). فمع كلِّ هذا الوعيدِ والتهديدِ من والدِ إبراهيمَ عليه السلام ، لم يقابلْه إبراهيمُ إلا بما يليقُ بما عليه الأديانُ من سلامٍ مع النفسِ، وسلامٍ مع الآخرِ، وسلامٍ مع الكونِ كلِّه، ومقابلةِ السيئةَ بالحسنةِ{ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّى إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا }، وهذا عيسى - عليه السلام– في أحلكِالظروفِالتي مرت بها أمُّهُ مريمُ عليها السلام؛ وما رُمِيتْبه؛ يُلقى السلامَ على نفسِهِ، فيقولُ: { وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا }.( مريم : 33 ) .
فالسلامُ هو الأصلُ الذي في العلاقاتِ بين الناسِ جميعًا على اختلافِهم، فاللهُ سبحانَه وتعالى عندما خلقَ البشرَ لمْ يخلقْهم ليتعادُوا أو يتناحرُوا ويستعبدْ بعضُهم بعضًا،
وإنما خلقَهُم ليتعارفُوا ويتآلفُوا ويعينُ بعضُهم بعضًا، ويوحدُوه بالعبادةِسبحانَه، وليعيشَ الناسُ في ظلِّهِ سالمينَ آمنينَ على أنفسِهِم وأعراضِهم وأموالِهم.
وللسلامِ صورٌ ومجالاتٌ عديدةٌ تشملُ هذا الكونَ الفسيحَ كلَّهُ بما فيه ؛ ومن ذلك :
السلامُ مع النفسِ: وذلك بِتَطهِيرِها من الفسادِ والعصيانِ؛ والعملُ على تزكيتِها بالطاعةِ والطمأنينةِ والسكونِالنفسيِّ . قال تعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا }. (الشمس : 7 – 10). إنَّفلاحَ الإنسانِ أنْ يزكِّيَ نفسَهُ ويُنميِها إنماءً صالحًا بتحليتِها بالتقوى وتطهيرِها من الفجورِ، والخيبة والحرمانِ من السعادةِ لمن يدسيها . ولذلك كان صلى اللهُ عليه وسلم يُكثرٌ من الدعاءِ بقوله: "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا،أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا" . (مسلم) .
ومنها: السلامُ مع أفرادِ المجتمعِ: وذلك بحسنِ معاملةِالجميعِ ؛ وعدمِ التعرضِ لهم بأذى؛فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ؛ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ». (متفق عليه). يقولٌ الإمامُ ابنُ حجرٍ -رحمه اللهُ-: " يَقتضِي حَصْرُ المسلمِ فيمن سلِمَ المسلمون من لسانِهِ ويدِهِ، والمرادُ بذلك المسلمُ الكاملُ الإسلام الواجب؛ إذْ سلامةُ المسلمين من لسانِ العبدِ ويدِهِ واجبةٌ، وأذى المسلمِ حرامٌ باللِّسانِ واليدِ" أ.ه (فتح الباري).
إنَّ المسلمَ كما يؤجرُ على فعلِالطاعاتِ, كذلك يؤجرٌ على كفِّ الأذَى, قال أبو ذر: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: تَكُفُّ شَرَّكَ عَنْ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْك عَلَى نَفْسِك " (متفق عليه).
ومنها: السلامٌ مع الجيرانِ:وذلك بمدِّ يدِالسلمِ والعونِ لهم ؛ ورفعِ الضرِّ والأذى عنهم؛ لأنَّ الأذى وإن كان حرامًا بصفةٍ عامةّ فإن حرمتَه تشتدُّ إذا كان متوجِهًا إلى الجارِ، فقد حذَّرَ النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم من أذيةِ الجارِ أشدَّ التحذيرِ , فعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: الْجَارُ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا بَوَائِقُهُ ؟ قَالَ : شَرُّهُ". (البخاري) . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: " هِيَ فِي النَّارِ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: " هِيَ فِي الْجَنَّةِ " . (أحمد وابن حبان والحاكم وصححه) .
ومنها: السلامُ مع الدوابِّ والطيورِ:وذلك بعدمِ إيذاءِ هذه الدوابِّ والطيورٍ والبهائمِ المعجمةٍ التي لا تنطقُ؛ والتي سخرَها اللهُلنا ؛فعن عبداللَّهِ بن مَسعودٍ قالَ: " كُنَّا معَ رسولِ اللَّهِ في سفَرٍ؛ فانطلقَ لحاجتِهِ فرأَينا حُمَّرةً معَها فرخانِ, فأخذنَا فَرخَيها، فجاءتِ الحُمَّرةُ فجعلتْ تفرِشُ، فجاءَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: من فجعَ هذِهِ بولدِها؟
ردُّوا ولدَها إليهَا. ورأىَ قريةَ نملٍ قد حرَّقنَاهَا فقالَ: مَنْ حرَّقَ هذِهِ؟ قُلنًا: نحنُ. قالَ: إنَّهُ لا ينبَغي أن يعذِّبَ بالنَّارِ إلَّا ربُّ النَّارِ" .(أبو داود والحاكم وصححه).
ومنها: السلامُ مع غيرِ المسلمين: فقد أمرَ اللهٌ المسلمين في القرآنِ الكريمِ بِبِرِّ ومُسَالمةِ مُخالفِيهم في الدينِ، الذين لم يتعرضوا لهم بالأذى والقتالِ؛ فقال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8).
قال الطبريُّ: "عنى بذلك لا ينهاكم اللهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدينِ من جميعِ أصنافِ المللِ والأديانِ أنْ تبروهٌم وتصلوهُم وتقسطُوا إليهم .. وقولُه: { إنَّ اللهَ يحبُّ المقسطين } يقول : إنَّ اللهَ يحبُّ المنصفين الذين ينصفون الناسَ ويعطونهم الحقَّ والعدلَ من أنفسِهم، فيبرون مَن برهم، ويحسنون إلى مَن أحسنَ إليهم."
واضاف الدكتور محمد السيد ابو هاشم امام وخطيب مسجد السيدة زينب قائلا:
هذه دعوةٌ لجميعِ المسلمينَ إلى التعاملِ بسلامٍ مع جميعِ أطيافِ المجتمعِ؛ مع المسلمين وغيرِ المسلمين؛ مع الأهلِ والجيرانِ ؛ مع الأصدقاءِوالخِلَّانِ ؛ مع النباتِ والجمادِ والحيوانِ ؛ مع الكونِ كلِّهِ ؛ علينا أنْ نُظْهِرً للعالمِ والكونِ كلِّه السلامَ والأمنَ والأمانَ في دينِنَا الحنيفِ ؛ فيكونُ ذلك دعوةٌ عمليةٌ لدخولِ الغيرِ في الإسلامِ ؛ ولهذا أمرَ اللهُجميعَ المؤمنين أنْ يدخُلٌوا في السلمِ والسلامِ فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[البقرة: 208].
إنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم كان مثالًا حيًّا للأمنِ والأمانِ والسلامِ؛ ففي طريقِ الهجرةِ– ونحنُ في شهرٍ الهجرةِالنبويةِ المشرفةِ- فرضتْ قريشٌ دِيَّةً جائزةً لمن يأتي بمحمدٍ؛ فقامَ سراقةُ بن مالك وتبعَ النبيَّ صلى اللهُ عليه وسلم وصاحبَه أبا بكرٍ ؛ فلما رآه صلى اللهُ عليه وسلم دعَا عليه ؛ فساخَتْ قدمَا فرسِهِ في الأرضِ ؛ فنادى الأمانَ يا محمدٌ ؟! فأعطاه النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم الأمانَوالسلامَ ؛ وكتبً له كتابًا بذلك ؛ ووعدَهُ بأنه يلبسٌ سواري كسرى ؛ فقال: كيفَ بك يا سراقة إذا لبستَ سواري كسرى وتاجَهُ؟!!
فلما فُتحتْ فارسُ والمدائنُ؛ وغنمَ المسلمون كنوزَ كسرى؛ أتى أصحابَ رسولِ اللهِ بها بين يدي عمر بن الخطاب ، فأمرَ عمرُ بأن يأتوا له بسراقةَ؛ وقد كان وقتها شيخًا كبيرًا قد جاوزَ الثمانينَ من العمرٍ، وكان قد مضى على وعدِ رسولِ اللهِ له أكثرَ من خمسِ عشرة سنة؛ فألبسَهُ سوارَي كسرى وتاجَه؛ وقال له ارفعْ يديكَ وقل الحمدُ لله الذي سلبَهُما كسرى بن هرمز وألبسَهُما سراقةَ الأعرابي . أ. ه
وهكذا كان السلامُ والأمانُ من النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم سببًا في إسلامِ سراقةَ ولبسِه سواري كسرى .
إنَّ السلامَ يعملُ على نشرِالمودَّةِ والمحبَّةِ بين المسلمين؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ؛ وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ؛ أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ".(مسلم). ولذلك قال عمرُ رضي اللهُ عنه: «ثلاثٌ يصفين لك ودّ أخيك: أن تُسلِّمَ عليه إذا لقيتَه، وتوسّعَ له في المجلسِ، وتدعوه بأحبِّ أسمائِهِ إليه».( البيهقي في الشعب).
إنًّ كلمةَ السلامِ بمدلولِها الشاملِ والعامِ تشيرُ إلى تحيةِ السلامِ بين المسلمين؛ ونشرِ السلامِ العالمي بين المسلمين وغيرِهم من خلالِ نصوصِ القرآنِ والسنةِ؛ فكما أسسَ الرسولُ – صلى اللهُ عليه وسلم – الدولةَ الجديدةَ في المدينةِ المنورةِ على أسسٍ ثلاثةٍ: المسجدٍ؛ والمؤاخاةِ؛ والمعاهداتِ. فكذلك نحنُ في هذه المرحلةِ نحتاجُ إلى هذه الأسسِ الثلاثةِ في بناءِ وطنِنَا الحبيبِ؛ وذلك من خلالِ السلامِ مع اللهِ بامتثالِ المأموراتِ واجتنابِ المنهياتِ وإقامةِ شرعِهِ وأحكامِه؛ والسلامُ مع المسلمين بالتحيةِ والحبِ والأمانِ؛ والتعايشِ السلميِّ مع غيرِ المسلمين؛ ولذلك كان النبيُّ – صلى اللهُ عليه وسلم- يبدأُ كتاباتَه لغيرِ المسلمين بالسلامِ ويختِمُها بالسلامِ؛ لأنَّ الإسلامَ دينُ السلامِ؛ فالزَمُوا السلامَ في أقوالِكم وأفعالِكم وتعاملاتِكم ؛ فكم دُفِعَ من شرٍ بسببِ كلمةِ "السلامُ عليكم"! وكم حلَّ من خيراتٍ وبركاتٍ بسببِ كلمةِ "السلامُ عليكم"! وكم وُصِلَتْ من أرحامٍ بكلمةِ "السلامُ عليكم"! وبذلك نعيشُ في جوٍ من الحبِّ والإخاءِ والأمنِ والأمانِ والاستقرارِ محليًا وعالميًا؛ فالمسلمُ حين يُلقي السلامَ على أخيهِ كأنَّهُ يقولُ له بلسانِ حالهِ: عِشْ آمنًا مُطمئنًا، ولا تخشَى مني على نفسِكَ وعرضِكَ ومالِك، وهذا بدوره يحققُ الأمنَ والأمانَ والاستقرارَ بين أفرادِ المجتمعِ المسلمِ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.