32 ألف طفل معرضون للخطر فى 37 مؤسسة أهالى المنطقة: عشنا ساعات من الرعب، ولم نستطع إنقاذهم بسبب الأسوار العالية ألقى حادث الحريق الذى شهدته المؤسسة العقابية بالمرج منذ عدة أيام، بظلاله على مصر كلها، هذا الحادث الذى أسفر عن وفاة 6 أطفال، وإصابة 25 آخرين، فهى واقعة تعد من أبشع الوقائع التى تعرض لها أطفال المؤسسة، خاصة بعد التقرير الذى أصدرته المؤسسة المصرية لحقوق الأطفال، والذى حملت فيه المشرفين المسئولين عن المؤسسة مسئولية الحادث، وأكد التقرير أن أحد المسئولين قام بإغلاق العنبر على الأطفال والخروج من المؤسسة قبل نشوب الحريق، الأمر الذى أدى لعدم تمكن الأطفال من الهروب من الحريق. هذه الكارثة مرشحة للتكرار فى 37 مؤسسة عقابية فى مصر، إذا لم تراع الوزارة حسن اختيار المشرفين والمسئولين عنها. وكانت غرفة عمليات الشرطة قد تلقت بلاغًا يفيد بنشوب حريق داخل المؤسسة العقابية التابعة لوزارة التضامن بمنطقة المرج، وانتقلت سيارات الإطفاء لمكان الحريق وتمت السيطرة على الحريق وإخماد النيران، وانتقلت نيابة شرق القاهرة الكلية التى أمرت بالاستعلام عن الحالة الصحية للأطفال المصابين فى حريق نشب داخل المؤسسة العقابية بالمرج تمهيدا لسماع أقوالهم، وبالتحقيقات والفحص تبين مصرع 6 أطفال وإصابة 19 آخرين، وتم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم، ونقل الجثث إلى المشرحة، وقررت التحفظ على مسئولين بالمؤسسة العقابية التابعة لوزارة التضامن بمنطقة المرج، تمهيدًا للاستماع أقوالهم، وقررت النيابة استدعاء مدير المؤسسة لجلسة تحقيق، كما اطلعت النيابة على دفاتر حضور الموظفين وانصرافهم، وكشفت المناظرة لجثث الضحايا أن الوفاة حدثت نتيجة إصابتهم بحروق شديدة، وطلبت تفريغ كاميرات المراقبة وسرعة إجراء التحريات. «الوفد» انتقلت لموقع «المؤسسة العقابية» فى منطقة المرج، والتى تقع داخل كتلة سكنية بجوار الطريق الدائري، فى مكان مقفر لا يوجد به إلا قهوة بلدى على ضفاف ترعة مهجورة، ويتلخص دور المؤسسة العقابية فى التحفظ على الأطفال الصادر ضدهم أحكام قضائية فى عمر أقل من ال18 عاما، ويتم وضعهم داخل المؤسسة لحين الانتهاء من العقوبة الصادرة ضدهم. والتقت "الوفد" عددا من المواطنين، الذين فزعوا على صوت صرخات الأطفال أثناء الحريق، وأكدوا أنه بعد انتهاء اليوم داخل المؤسسة وعودة الاطفال إلى عنابرهم للنوم حدث ماس كهربائي، بعد إغلاق العنبر عليهم، وأشاروا إلى أن الحريق نشب ما بين الساعة 8 و9 مساءً، ولم يتمكن المسئولون داخل المؤسسة من إخماد الحريق بعدد محاولات باءت بالفشل، بسبب قوة اشتعال النيران. وأكد ابراهيم سيد 45 عامًا من سكان المرج، أن المؤسسة العقابية مؤمنة تأمينا شديدا، بسبب الحراسة المشددة المفروضة عليها، وأسوارها العالية التى كانت سببا فى عدم تمكن المواطنين من مساعدة الأطفال أثناء الحريق، حيث يتخطى ارتفاع السور 5 أمتار، كما توجد عليه اسلاك شائكة تتخطى الثلاثة أمتار، وكانت هذه التشديدات الامنية سببا فى عدم تمكن أى من نزلاء المؤسسة من الهروب طوال الأعوام الماضية. ورغم تأمين المؤسسة بهذا الشكل، وهو ما يمثل راحة لأهالى المنطقة، إلا أن هناك واقعة كشف عنها عم سيد، تمثل خطورة على المواطنين، بسبب إهمال موظفي الأمن داخل «مؤسسة التثقيف الفكري» المجاورة للمؤسسة العقابية، التى هرب منها بعض الأشخاص، وتكررت المسألة أكثر من مرة، وكان آخرها شابا مختلا عقليًا وجده الأهالى فى شارع عبدالله الرفاعى بمنطقة المرج، وكان يدعى أنه يعمل فى اكتشاف علاج للمواطنين من تلال القمامة، وعند التأكد من عدم اتزانه العقلى تدخل شباب المنطقة للسيطرة عليه والتمكن منه، ووجدوا انه يحمل سلاحا ابيض، استخدمه اثناء تعرض أحد المواطنين له، وتوجه شباب المنطقة إلى «مؤسسة التثقيف الفكرى» لتسليمه ووجدوا الحراس يغطون فى النوم. ومن جانبه، قال عم احمد عامر 61 عامًا صاحب قهوة بلدى أمام المؤسسة، إنه وجد سيارات اسعاف ومطافى تسرع للدخول إلى المؤسسة العقابية وانتشر رجال الأمن فى كل مكان لتأمين المؤسسة، ومنع السيارات والتكاتك من المرور حتى تم الانتهاء من اخماد النيران وانقاذ المصابين، وعلمنا من أحد سائقى المطافئ أن النيران اشتعلت فى إحدى غرف الأطفال، وأن عددا من الأطفال أصيبوا فى الحريق، وتمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على النيران، حتى لا تتمكن من الوصول إلى العنابر المجاورة، ووجدنا المسئولين فى حالة من الذعر والقلق الشديد بسبب وفاة عدد من الأطفال فى الحريق. جدير بالذكر أن مصر بها نوعان من المؤسسات العقابية الخاصة بالأحداث، أولهما يدار بشكل مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة الشئون الاجتماعية، وثانيهما يدار بمعرفة وزارة التضامن وحدها، ويوجد فى مصر 37 مؤسسة موزعة على كافة أنحاء الجمهورية، منها المؤسسات المغلقة، وهى المؤسسة العقابية بالمرج التى وقع فيها الحادث، والمخصصة للذكور، وسجن دار الملاحظة المخصص للفتيات. وهذه الدور يتم إلحاق الأطفال بها من سن 15 إلى 18 سنة، إذا صدر ضدهم أحكام بالحبس مع الشغل والنفاذ، وترعى هذه المؤسسات أكثر من 32 ألف طفل فى العام الواحد. وأشارت انجى عبد ربه مستشارة قانونية، إلى أن القانون نص فى المادة رقم 4 من قانون الاحداث على ان تختص لجنة رعاية الأحداث بالنظر فى مشكلات الأحداث المعرضين للانحراف والأمر بإيداعهم فى أماكن الرعاية المناسبة، ومتابعة تأهيلهم وتشغيلهم وإعادتهم للانخراط فى المجتمع وتلبية احتياجاتهم بالتنسيق مع الجهات المختصة، والطلب من المحكمة إعادة النظر فى التدابير الصادرة منها ضد الحدث، وإصدار القرارات باتخاذ تدبير تسليم الحدث لمتولى رعايته أو لعائل مؤتمن او لإحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث أو المستشفيات العلاجية المتخصصة، وذلك فى حالات تعرض الحدث للانحراف وفقًا للشروط المبينة فى هذا القانون، موضحة أن المادة رقم 11 نصت على أن يكون الحكم بإيداع الحدث فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، وإذا كان الحدث من ذوى الإعاقة او الاحتياجات الخاصة يكون الإيداع فى معهد مناسب لتأهيله أو أحد المستشفيات العلاجية المتخصصة، وتحدد المحكمة فى حكمها مدة الإيداع على ألا تزيد على عشر سنوات فى جرائم الجنايات وخمس سنوات فى الجنح، وثلاث سنوات فى حالات التعرض للانحراف، ويجب على المؤسسة التى أودع بها الحدث ان تقدم للمحكمة تقريرًا عن حالته وسلوكه كل ستة أشهر على الأكثر لتقرر المحكمة ما تراه فى شأنه على ضوء تقرير مراقب السلوك. ووفقا للقانون، فالمؤسسة العقابية ليست مجرد مكان لإيداع الأطفال المحكوم عليهم فى الجرائم، ولكنها ملزمة أيضا بإعادة تأهيلهم تمهيدا لانخراطهم فى المجتمع بعد انقضاء فترة العقوبة.