الصّابئة في اللّغة: من صبأ يَصبَأ صُبوءًا، فهو صابئ. وصبَأ الرَّجُلُ : ترك دينَه إلى دين آخر، وصَبَأَ عَلَيْهِ: خَرَجَ عليه، أَوْ هَجَمَ، وصَبَأَ من شيءٍ إلى شيءٍ: انتقل، ويقال أيضًا: صبأ الرّجل إذا عشق وهوى، وكذلك يقولون الصّبوة: تعني الانحلال عن قيد الرجال، إذًا فصَبَأَ من دين إلى دين، أي خرج فهو صَابِئٌ، ثمّ جُعل هذا اللّقب "الصّابئة" علمًا على طائفة من الكفّار ولذلك سمّو الصّابئة لميلهم عن سنن الحقّ وزيغهم عن نهج الأنبياء. وقال الطّبري: والصّابئون والصّابئة: جمع صابىء، وهو الإنسان المستحدث غير دينه دينًا كالمرتدّ من أهل الإسلام عن دينه، وكلّ خارج من دين كان عليه إلى آخر. وسيأتي لاحقًا معلومات عن الصابئة. أقوال العلماء في الصابئة اختلف العلماء في الصابئة هل هم من أهل الكتاب أو لا، فكان للشّافعي قول: "هم صنف من النصارى، وقال في موضع ينظر في أمرهم؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين، ولكنهم يخالفونهم في الفروع، فتؤخذ منهم الجزية، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية." وقد ذكر ابن القيّم: "بأنّ الأمم قبل الإسلام منقسمون إلى قسمين: قسم وثنيّون كفّار، والقسم الآخر: منهم السّعيد ومنهم الشّقيّ، كاليهود والنّصارى والصابئة والصابئة فرق متعدّدة وليسوا فرقة واحدة فمنهم الحنفاء ومنهم المشركون ومنهم الفلاسفة ومنهم صابئة يأخذون بمحاسن ما التزمه أهل الملل والنّحل من غير أن يتقيّدوا بملّة ولا نحلة، ومنهم من يقرّ بها جملة وتفصيلاً، ومنهم من يقرّ بالنّبوّات جملة ويتوقّف في التّفصيل ومنهم من ينكرها جملة وتفصيلاً ويعمل الصابئة على الأخذ بمحاسن أهل الشّرائع، ولا يعادون طائفة على حساب أخرى"، ولذلك قال عنهم بعض السّلف: بأنّهم ليسوا يهودًا ولا نصارى ولا مجوسًا. معتقدات الصابئة وأماكن تواجدهم كما تقدّم ذكره فقد اختلف أهل العلم في الصابئة، فقال بعضهم: هم من أهل الكتاب، تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم، وقال آخرون: هم طائفة يشبهون النّصارى، ولكن قبلتهم باتّجاه مهب الجنوب، ويزعم غالبيّتهم بأنّهم على دين نوح، وقال آخرون من العلماء: بأنّ الصّابئة قوم امتزج دينهم من اليهوديّة والمجوسيّة، ولذلك فلا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم. وقد جاء ذكرهم في القرآن الكريم في ثلاث سور، فوصفهم بالمؤمنين في سورة البقرة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ..}. وفي سورة المائدة: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. وقرنهم بالمجوس والمشركين في سورة الحج بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.