القبر هو المكان الذي يوضع فيه الإنسان بعد انتهاء أجله، وهو أول مراحل انتقال الإنسان من الدنيا الزائلة إلى الآخرة دار القرار والخلود، وقد ورد في السنة الكثير من الأدلة على وجود حياة أخرى في القبر، سمّاها البعض من العلماء بالحياة البرزخيّة، فقال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (القبرُ روضةٌ مِنْ رياضِ الجنةِ أوْ حفرةٌ مِنْ حفرِ النارِ). سُمّي عذاب القبر تَغْلِيباً؛ لأنّه قد يكون عذاباً في القبر أو عَذَابَاً في غير القبر؛ يعني أنَّ العبد إذا فارَقَتْ روحه جسده فإمَّا أن يُنَعَّمْ وإمّا يُعَذَّبْ، وغالب البشر من جميع الدّيانات والمِلل والنِّحَلْ يُقْبَرون، فلذلك أصبحت سِمَةً للمسألة باسم نعيم القبر أو عذابه، وإلا فحقيقته عذاب البرزخ أو نعيم البرزخ؛ ذلك أنَّ الحياة المقصودة بالتَّنَعُّمِ أو العذاب هي الحياة الثانية، أي الحياة البرزخيّة. فالحياة ثلاث: الحياة الدنيا، والحياة البرزخيّة، والآخرة وهي دار القرار. والمقصود بالحديث عن عذاب القبر بالحياة البرزخية فذلك لكل من دُفِنَ أو من لم يُدْفَن، أو أُحرِقَ وذُرَّ ما تبقى من جسده، أو من أُكِل من سبع فتَفَرَّقت أَجزاؤه، أو رُمِيَ في البحر أو النهر، ولم يُقبَر، فجميع من ذُكِروا صاروا إلى حياةٍ برزخيّة. عذاب القبرعام لجميع فئات الأمة، ويشمل غير المُكلَّفين؛ كمن مات وهو صغير ولم يبلغ سن التّكليف بعد، أو مات وهو مجنون ممّن ليسوا مَحلّ التكليف، ذلك أنّ المُتقرّر عند علماء الإسلام أنّ نعيم غير المُكلَّفين يكون تبعاً لحال آبائهم؛ فإن كان آباؤهم مسلمين كان هؤلاء من أهل الجنة، وعليه فإن الذين يموتون من أطفال المسلمين هم من أهل الجنة ومن أهل النعيم؛ باعتبار أنهم ماتوا الفطرة ولم يَجرِ عليهم التّكليف. فالصغير يكتب الله سبحانه له الحسنات ولا يكتب الله عليه السّيئات؛ لأنّ الصغير لم يَجرِ عليه القلم، فإن عمل بحسنة كتب الله له ذلك ويثاب عليها، وإن عمل بسيئة فالله لا يؤاخذه عليها، فيُعتَبر تنعُّمه في القبر باعتبار الأصل.