النصيحة من حق المسلم على اخيه المسلم كما كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستحب للمسلم أن ينصح لإخوانه المسلمين عموما من غير طلب منهم قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) متفق عليه . ويتأكد ذلك إذا طلب منه أحد المسلمين النصيحة ، والنصيحة هي إرادة الخير للمنصوح ، ونصحه للمسلم أن يصدقه القول ويكونا أمينا في رأيه ولو على حساب نفسه وقريبه ويحب الخير له كما يحبه لنفسه وهو دليل على كمال الإيمان فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) متفق عليه . والنصيحة عامة في كل شؤون الحياة في الولايات والأعمال والتجارات والمساكن والأمتعة والصداقات والعلاقات الإجتماعية وغير ذلك مما يعود على المسلم بالنفع ويحقق له المصلحة في دينه ودنياه ، ومن أعظم أنواع النصح للمسلم أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وتبصيره في دينه وتحذيره من الشرور والفتن والحرص على هدايته ، وللنصيحة آداب : 1- الإخلاص في النصيحة واحتساب الأجر من الله. 2- العلم بالأمر الذي ينصح فيه. 3- الرفق في نصيحة المنصوح. 4- الإسرار في النصيحة وعدم التشهير بالمنصوح. ومما ينافي النصيحة الغش والخديعة والخيانة والغدر قد نهى الشرع عن ذلك وهي ليست من أخلاق الناصحين. وقد أنشد الإمام الشافعي شعرًا، فقال: تَعَمَّدْنِي بِنُصْحِكَ فِي انْفِرَادِي وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ فِي الْجَمَاعَهْ فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ مِنَ التَّوْبِيخِ لاَ أَرْضَى اسْتِمَاعَهْ فَإِنْ خَالَفْتَنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي فَلاَ تَغْضَبْ إِذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَهْ وقال ابنُ حزم: \"وإذا نصحْتَ فانصح سرًّا لا جهرًا، وبتعريضٍ لا تصريح، إلاَّ أنْ لا يَفهمَ المنصوحُ تعريضَك، فلا بدَّ من التصريح". وقد قال الله تعالى لإمام النَّاصحين - عليه الصَّلاة والسَّلام -: " وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا " أيْ: وانصَحْهم فيما بينك وبينهم بكلامٍ بليغ، رادعٍ لهم. واختيارُ الأحوال والأزمنة المُناسِبة: فعلى النَّاصح أن يكون فَطِنًا لبيبًا في اختيار الأحوال والأزمنة المُناسبة، وعليه أن يتقمَّص الفُرَص السَّانحة، فاختيار الحال والزَّمان المناسب من أكبر الأسباب لقبول النَّصيحة، قال ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: "إنَّ للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترةً وإدبارًا، فخُذوها عند شهوتِها وإقبالِها، وذَرُوها عند فترتها وإدبارها"، فهنيئًا لذلك الداعية الذي يَعرف متى تُدْبِر القلوب ومتى تُقْبِل، فيُحسِن الإنكار، ويُجيد مُخاطبة القلوب.