للوهلة الأولى وبمجرد أن تطأ قدماك حارة احمد حسين المتفرع من شارع الجيش بمنطقة باب الشعرية ، يستوقفك مبنى صغير قديم للغاية تعلوه لافتة صغيرة من الرخام مدون عليها " مطعم فاروق الخيري " وما ان استوقفتنا تلك اللافتة ابتدينا في سؤال أهالى المنطقة من السكان المجاورين لهذا الاثر و الذى مر على تدشينه ما يقرب من ست وثمانون عامًا مضت ، إذ يرجع تاريخه إلى عام 1932 وكان الملك فاروق قام بتدشين التكية عام 1932 ليخدم الفقراء و عابري السبيل ، وأمر بتقديم الخدمة على أعلى مستوى ، و إختار أمهر الطهاه ليقوموا بتحضير المأكولات و الاشراف على الطعام المقدم فيما عرف عن هذا المكان أنه كان يقدم الوجبات مقابل قرش صاغ واحد عن الوجبة المقدمة وهو مبلغ زهيد جدًا في هذا العصر ، و من لا يملك نقود فلا مانع من الحصول على الوجبة و المشروب مجانًا استمرت التكية في العمل قرابة عشرون عامًا وحظيت بشهرة واسعة في أرجاء القاهرة الكبرى ، وكان يستقبل الفقراء من كل مكان و الذين كانوا يأتون للحصول عليها أملا في تذوق اللحوم و المشويات التي لولا وجود التكية ما كانوا تذوقوها ومع حلول عام 1952 و قيام ثورة يوليو تم تأميم المطعم الذى كان ملاذ للفقراء و المحرومون ، وغادر الطهاه المطعم بعد فترة قليلة لعدم حصولهم على رواتبهم ومع مرور الزمن بدأت معالم المطعم فى الإختفاء إلى الأبد و تحول الدور العلوى إلى مبنى إدارى تابع لوزارة الشئون الاجتماعية مختص بصرف معاشات التضامن الاجتماعي و لم يتبقى من معالم المطعم الخيري سوى لوحة تحمل اسم المطعم فقط. تجولت الوفد داخل المبنى بأريحية دون أن يتوقفنا أحد من الموظفين الغير متواجدين فلم نلقى سوى مجموعة من الاوراق و الملفات الخاصة بالمواطنين ملقاه على سلالم المبنى الاثرى ، و مجموعة من المكاتب الخاوية على عروشها و لم نشهد داخل المكان سوى الانارة و المرواح التي تعمل دون وجود أحد أو أي شخص نسأله عن طبيعة المكان أو العمل الخدمى الذى يقدمونه لخدمة المواطنين الآن . و عن تاريخ المكان كان لبوابة الوفد جولة حول الاثر المهمل لرصد آراء المواطنين وقاطنو المنطقة حول ما شهدوه أو سمعوه من أسلافهم عن تاريخ المكان الذى يٌعد أحد الشواهد التاريخية بوسط القاهرة. وفي البداية أخبرنا عم سيد أحد شيوخ المنطقة من التجار و الذى يبعد محله التجارى قرابة خمسون متر فقط تفصله عن مطعم فاروق الخيري ، أنه لا يوجد أية مباني أثرية تحمل اسم تكية فاروق او مطعم و انه يقطن المنطقة منذ قرابة ستون عام مضت الأمر الذى خالف توقعنا خاصة وأنه رجل يبلغ من العمر أرزله وأكد كلامه تاجر أخر يدعى احمد ابراهيم ، شارع الجيش و الشوارع الجانبيه لم تسمع من قبل عن تكية بهذا الاسم و الافضل لك أن تبحث في الشوارع التاريخية المجاورة مثل حارة اليهود أو شارع المعز إلى أن استوقفنا شاب ثلاثيني يدعى محمد سيد احد سكان المنطقة وبسؤالنا له عن التكية أخبرنا أنه يعرف احد ملاك التكية الذي يمتلك بها الجزء الخاص بالمحلات و انه يعرف تاريخ اللوحة المدون عليها عبارة مطعم فاروق الخيري وان صاحب المحلات روى له ما سمعه من جده و ابيه عن الخير الذى كانت تقدمه للفقراء و كل من كان يأتي سائلا الطعام فضلا عن تقديم القائمين عليها انذاك المشروبات أيضًا لرواد التكية.