بحلول يوم غد يكون قد مر عام على رحيل فنانة ومطربة كبيرة بمعنى الكلمة، شادية، حبيبة مصر التى أجمع على حبها الملايين وسكنت وجدان كافة طبقات الشعب المصرى. ظهرت على الساحة الفنية كمطربة وممثلة من طراز رفيع فى أواخر أربعينيات القرن الماضى، عندما شاركت الموسيقار الراحل محمد فوزى بطولة فيلم «العقل فى إجازة» لتصبح بعد ذلك إحدى نجمات السينما والغناء فى مصر والعالم العربى. عندما تتحدث عن شادية كمطربة نقول إنها انفردت بلون خاص فى الغناء بصوت عذب ورقيق وشقى فى نفس الوقت، وأثبتت وجودها رغم أن الساحة كانت مليئة بمطربات من العيار الثقيل جداً أم كلثوم وليلى مراد وغيرهما. قدمت شادية على مدار ما يزيد على 35 عاماً هى عمرها الفنى مئات الروائع الغنائية ما بين أغنيات عاطفية ووطنية ودينية حتى أغنيات الأم استطاعت من خلالها غرس أرق المشاعر فى وجدان الملايين وكانت رحمها الله تتمتع بالقبول لدى الكبار والصغار. نذكر من أغنياتها العاطفية على سبيل المثال وليس الحصر «الحب الحقيقى» و«بوست القمر» و«يا روح قلبى» و«شباكنا ستايره حرير» و«مسيرك حتعرف» و«ليالى العمر معدودة» و«يا قلبى سيبك» و«بحبك أوى» و«حاجة غريبة» و«ما تهونش عليا» و«آه يا لمونى» و«خدنى معاك» و«القلب معاك» و«على عش الحب» و«الحنة» و«لو القلوب يا حبيبى ارتاحوا» و«أول حب» و«آخر ليلة» و«غاب القمر يا ابن عمى» و«أبيض يا ورد» و«قطر الفراق» و«إن راح منك يا عين» و«قولوا لعين الشمس» و«خلاص مسافر» و«مكسوفة» و«دور عليه تلقاه» و«همس الحب» و«النبى وحشتنا» و«مين قالك تسكن فى حارتنا» و«أصالحك بإيه» و«أقوى من الزمن» و«نعمل إيه» و«اتعودت عليك» و«غالى» و«جالى الوداع» و«الله يا زمن». أبدعت شادية فى الغناء الوطنى، وعبرت بصدق عن الوطن فى عصور الانكسار والانتصار. وتبقى أغنيتها الشهيرة «يا حبيبتى يا مصر» من أروع الأغنيات الوطنية على الإطلاق، وغنتها لأول مرة فى ديسمبر 1971 لزرع الأمل والحماس فى نفوس المصريين قبل عامين من نصر أكتوبر والروائع الأخرى «يا أم الصابرين» و«عبرنا الهزيمة»، وشاركت فى أوبريت «الوطن الأكبر» و«الجيل الصاعد» و«رايحة فين يا عروسة» و«ادخلوها سالمين» و«مصر اليوم فى عيد». ولا ننسى أغنيتها الرائعة فى رثاء الرئيس السادات «مصر نعمة ربنا مصر غنوة حبنا مصر عاشت قبلنا مصر باقية بعدنا». وأبدعت أيضاً فى أغنيات الأمومة وغنت روائع «سيد الحبايب» و«ماما يا حلوة» و«أمى» و«برجالاتك» و«يا نور عينيه» و«ياختى عليه». وفى الغناء الدينى لا ننسى «اللهم اقبل دعايا» و«خد بإيدى» التى اعتزلت بعدها نهائياً يوم الخميس 13 نوفمبر 1986، لتكون هذه الأغنية الرائعة فى مدح الرسول عليه الصلاة والسلام خير ختام لمشوارها الطويل المشرف وغنتها فى حفل الليلة المحمدية الذى أقيم على مسرح الجمهورية. أعطت شادية الكثير للسينما وتفوقت على نفسها فى بطولة عشرات الأفلام الرائعة وهى من أكثر المطربات نجاحاً فى عالم السينما. نذكر من أفلامها الرائعة «المرأة المجهولة» و«لحن الوفاء» و«شاطئ الذكريات» و«ربيع الحب» و«قدم الخير» و«معلهش يا زهر» و«معبودة الجماهير» و«زقاق المدق» و«لوعة الحب» و«الستات ما يعرفوش يكدبوا» و«ليلة العيد» و«ارحم حبى» و«ميرامار» و«عفريت مراتى» و«سر الهاربة» و«اللص والكلاب» و«أغلى من حياتى» و«مراتى مدير عام» و«لمسة حنان» و«شىء من الخوف» و«الشك يا حبيبى» وأخيراً «لا تسألنى من أنا» عام 1985. وقدمت للإذاعة مسلسل «الشك يا حبيبى» 1977 والذى تحول فيما بعد لفيلم سينمائى. اتخذت شادية قرار الاعتزال نهائياً فى نوفمبر 1986 وعلى مدى 31 عاماً لم تظهر على الإطلاق واتجهت للعبادة، واحتفظت بحب وتقدير الملايين لتبقى على الدوام أيقونة مصرية خالصة، ما زال صوتها يحيا بيننا، وكان رحيلها يوم 28 نوفمبر 2017 خبر حزين للملايين، رحم الله حبيبة مصر شادية، وسوف تبقى ذكراها وسيرتها خالدة فى وجدان الملايين.