كتب - أشرف كمال: ومن الحب ما قتل، أقاويل قيلت فى الحب منذ قديم الزمان، وثبت صدقها، فهناك من تتملكه مشاعر الحب الفياضة، وينسج خياله الخصب، أن الحبيب المنتظر لفتاة أحلامه، حب من طرف واحد، يتعايش معه المحب، وكأنه حقيقة واقعة، وأن فتاة أحلامه هى ملكه وحده، يستحيل الحياة دونها، لا يفرقه عن حبه سوى الموت، نعم الموت وحده هو من يهزم مشاعره، ويفصله عن واقعة الذى يعيشه فى برج عاجى، وقصر أحلامه، تلك هى قصتنا التى وقعت أحداثها قرية الطيبة إحدى قرى مركز سمالوط، شمال محافظة المنيا. حيث عاش «علاء» قصة حبه مع ابنة قريته الطيبة، ظل يراقبها منذ سنوات طويلة، وهو يحلم بأن يكون فارساً لأحلامها، وأن تكون زوجته على سنة الله ورسوله، الحب أعماه عن حقيقته، وهى أنه فشل فى دراسته وأصبح عاطلاً، وهى متعلمة، وتعمل مدرسة بإحدى مدارس القرية، لكن حبه الكبير، جعله يتصور أنه هو الوحيد الذى قدر له أن يكون زوجاً ل«إيمان»، فالحب لا يعرف الطبقات الاجتماعية ويكسر كل الحواجز والأعراف. تقدم «علاء» لطلب يدها من والدها، والذى رفض رفضاً باتاً وقاطعاً لكونه غير متعلم، فكيف لأب يعمل فى مجال التعليم كمعلم، وابنته إيمان تعمل بنفس المهنة، أن يوافق على زواجها من «عاطل»، لا يملك من حطام الدنيا سوى حبه، تردد علاء عدة مرات يتوسل موافقة أهلها على زواجه من ابنتهم، لكن الأسرة أغلقت كل الأبواب، الأهل رفضوا تدخلات بعض رجالات القرية، وكان ردهم مقنعاً، من منكم يقبل لابنته والتى تعمل معلمة أن يزوجها لغير متعلم وعاطل عن العمل. اسودت الدنيا فى عين علاء، فهو لا يرى سوى «إيمان» زوجة له، هكذا صور له حبه الكبير، انزوى علاء بعد رفض والدها وكل افراد الأسرة والأهل زواجه من حبيبة قلبه، ليدخل فى حالة نفسية سيئة، وخاصة بعد قبول والدها زواج ابنته إيمان من أحد شباب القرية وهو زميل وبنفس مدرسة خطيبته، لتزداد حالة علاء النفسية سوءاً، وأصبح لا يتحدث مع أى شخص، تقوقع داخل غرفته وجلس علاء يفكر فى خلوته داخل إحدى غرف المنزل، وهنا كان أنيسه الوحيد هو الشيطان، يفكر ويرتب له ماذا يفعل، فهو الوحيد الذى أصبح يتحدث معه، وسلمه «أذنيه»، وأصبح منقاداً لكل أفكار إبليس الشيطانية. تارة يحدثه عن أن «إيمان» ما كانت تنفع إلا أن تكون زوجة له، وتارة أخرى يحدثه عن كيفية الانتقام من عريس «الغفلة»، الذى هدم أحلامه بالزواج من حبيبة قلبه، وتارة يحدثه عن الانتقام من والدها، والذى وقف حجر «عثرة» فى إتمام زواجه من حبيبة قلبه، ليدخل علاء ويمسك بسكين عازماً الانتقام، فلم يعد لحياته معنى ولا قيمة بعد زواج حبيبته. خرج وهو ك«المسحور» مسرعاً، منتظرا والدها وزوجها، وسوس له الشيطان، أنه لا بد من الانتقام من الاثنين دفعة واحدة، يدخل وراءهما المسجد، وأثناء صلاة العشاء، ينهال بتسديد الطعنات لوالد العروس «خيرى» وزوجها «على»، المصلون أصيبوا بالرعب والذعر، بعدما سقط الاثنان فى بركة من الدماء. وفور وصول الأمر للواء ممدوح عبدالمنصف حبيب، مدير أمن المنيا يكلف رئيس وحدة المباحث الرائد أحمد الصفتى، بسرعة ضبط الجانى وسلاح الجريمة، دقائق معدودة، ويلقى رئيس مباحث المركز القبض على «علاء»، توضع الكلبشات بيديه، وهو فى حالة دهشة وذهول، بعدما كان حبيباً هائماً بحبه لفتاة أحلامه، أصبح متهماً بالشروع فى القتل، بعدما أنقذت العناية الإلهية والد العروس وزوجها من موت محقق على أيدى مجنون «إيمان» مرت مرحلة الخطورة، ولكن أصبح علاء يندب حظه العاثر داخل حيطان السجن المظلمة، كل ردود فعله أكدت لرجالات الشرطة ووكلاء النيابة أن المتهم أصبح مريضاً نفسياً، وقد ظهر عليه علامات المرض النفسى بعدما فشل فى تحقيق حلم حبه والزواج من إيمان. أصبحت حكاية مجنون «إيمان» على كل لسان، فقد الحبيب عقله وقلبه من أجل حبه الكبير، وأصبح ينتظره السجن لسنوات طويلة، فهو حاول قتل شخصين مع سبق الإصرار والترصد وقتلهما فى بيت من بيوت الله اثناء أدائهما الصلاة، إنها كبيرة فى نظر الجميع أنه لا يمكن أن يحصل على أى تعاطف بسبب فعلته الشنعاء أياً كان سبب ذلك فقد فقد كل مساندة له من أبناء القرية، الكل نبذوه واعتبروه ميتًا أو مجنوناً، انه انتهى من حياتهم وبقيت ايمان بجانب والدها وزوجها حتى تم شفاؤهما من طعنات الغدر التى كادت تودى بحياتهما وعادت إلى بيتها وعشها الذى كاد أن يهدم.. تنفست الصعداء وشعرت بالأمان للمرة الأولى بعد أن انتهى كابوس كان يهدد حياتهما.