كتب - مظهر السقطى: «حرام عليك يا خال.. والنبى بلاش تقتلنى يا خال.. ما عملتش حاجة يا خال» حاولت الطفلة ياسمين ابنة إحدى قرى محافظة سوهاج ذات الخمسة عشر ربيعاً.. بهذه الكلمات استعطاف قلب خالها «أحمد» المتحجر وتوسلت إليه بأن يتركها تعيش ركعت تحت قدميه وقبَّلت حذاءه وهو يسحبها من شعرها على وجهها فى عرض الشارع بيده الفولاذية وقامته الطويلة ومنكبيه العريضين وشواربه التى أخذت مكاناً يغطى شفتيه الغليظتين ووجه العابس وهو ينظر إليها بعينين جاحظتين من الصدمة التى ألجمت لسانه وملأت الحلق غصة. ياسمين تلميذة بالمرحلة الإعدادية وطفلة وهبها الله جمالاً فريداً وطيبة قروية متناهية وجسداً ممشوقاً متناسقاً يحسدها عليه من هن أكبر منها فى العمر، وكل فتيات القرية يتمنين أن يكن فى جمالها وجسدها وشعرها المجدول ضفيرتين على كتفيها ويصل خصرها يتراقص على ظهرها يميناً ويساراً مع خطوات قدميها وهى تطوى الأرض أثناء سيرها ذهاباً وإياباً إلى مدرستها بأطراف القرية، لها ابتسامة ساحرة مصحوبة بالخجل ووجه مشرب بحمرة وغمازتين كأنهما نجمتان غائرتان يزينان خديها ويسحران شباب القرية الذين حاولوا بكل الطرق التودد والوصول إليها ويتصارعون فيما بينهم للفوز بقلب الطفلة البريئة التى لا تعلم معنى نظراتهم الشهوانية الخبيثة. وكان «حسن» أحد شباب عائلة ثرية ولها نفوذ طاغ بقريتها وجار مقرب من أسرتها شاب وسيم مدلل عرف كيف يصل إلى قلبها البكر بكلماته المعسولة ولعب بمشاعرها، ولأنها طفلة غرة انساقت خلف عبارات حسن الغزلية التى سيطر بها على عقلها واستولى على تلابيب قلبها ولعبت حالتها الأسرية المتواضعة دوراً كبيراً فى صالح العاشق المتيم الذى أمطرها بوابل من الهدايا وأغدق عليها بكل ما تتمنى وتحلم، ولأنها خام أو كما يقولون على نيتها عرف كيف يعزف على أوتار مشاعرها بأنها زوجته المستقبلية وأم لأولاده فى الغد القريب. وكانت ياسمين تنتظر لقاء الحبيب بلهفة وشوق لم تعتده وتعلقت به لأبعد الحدود وعرفت عيناها السهر والتفكير وأحلام اليقظة، ومن خلال كلماتها وملامسة يدها أثناء سلامها أيقن أنها وقعت فى شباكه وأصبحت قطعة من العجين سهلة التشكيل وخاتم بإصبعه فأخذ يغيب عنها أياماً ثم يعود إليها لتزداد تعلقاً به، وفى غيابه تصبح الطفلة البريئة كالمجنونة تبحث عنه وتترقب وصوله وهى تقف بالساعات خلف نافذة غرفتها، وعندما يطرق أحد باب منزلهم تركض مسرعة وكأنها رهوان لتفتح الباب وتصدم ويصيبها الإحباط عندما تجد أن الطارق ليس حبيبها. وعندما أحس حسن بأن ياسمين لا يمكنها التخلى عنه أو مفارقته أوعز إليه شيطانه اللعين بأن ينفرد بها ويفض بكارة طفولتها فى غفلة من أسرتها الفقيرة، وفى ظل اندفاع الطفلة فى حبها له وعدم درايتها بمعنى الجنس والشهوة أخذ الجبان التقرب منها أكثر وتقبيلها وتحسس جسدها وتركت له نفسها وهى لا تدرى ماذا يفعل وغرر بها الدنىء وسلبها أعز ما تملك وهى فى نشوة مؤقتة، وعندما أفاقت كان قد سبق السيف العزل وانتفضت ولملمت شتات أفكارها وانهمرت فى بكاء متواصل وهى ترتدى ملابسها. أخذ اللعين يهدئ من روعها ووعدها بأن يصلح ما اقترفت يداه، وأنه سوف يتقدم لطلب يدها صدقته المسكينة وانتظرت أن يفى بوعده الذى قطعه لها، أما هو فقد راق له ما فعله بها وأخذ يجرجرها معه إلى الخطيئة بحجة قرب التقدم لأهلها وطلب يدها وتكررت اللقاءات المحرمة مع تكرار ممارسة الجنس الحرام حملت سفاحاً ووضعت رأس أسرتها وعائلتها فى الوحل وتوسلت ياسمين إلى حسن بأن ينقذها ويفى بوعده هرب الخسيس. انطفأ توهج وجه ياسمين وحل الحزن مكان الابتسامة المشرقة، كل هذا يحدث والأسرة فى سبات عميق حتى جاءت اللحظة الفارقة وأصيب ياسمين بإغماءة مفاجئة وذهبوا بها إلى الطبيب الذى أجرى الكشف عليها وكانت كلماته كالصاعقة التى أذهلت والدتها وألجمت لسانها عندما قال لها «مبروك المدام حامل فى شهرها الثالث» جرجرت الأم خطوات الانكسار وأمسكت بيد ابنتها وهى تسحب قلبها الذى سقط بين قدميها وتحاول بكل ما أوتيت من قوة بأن تكبح جام غضبها حتى لا يعلم أحد بمصيبتها. وعند وصولهما إلى المنزل قصت الفتاة لأمها ما حدث وكانت الفاجعة أكبر لعلم الأم بمكانة عائلة الشاب فى القرية وأخذت تنتحب وتلطم خديها طار عقلها ولم تدر ماذا تفعل وكيف تهرب من العار الذى لحق بهم، واتفقت مع ابنتها بأن تخفى الأمر عن أخوتها وأقاربها وارتدت الفتاة الملابس الفضفاضة حتى تجدا مخرجاً لهذه الكارثة حتى انتهت شهور الحمل ووضعت الفتاة مولوداً ولكن هيهات ولأن القرية صغيرة انتشر الخبر كانتشار النار فى الهشيم ولاكت الألسنة سمعة الفتاة والأسرة. وذهبت الأم لأسرة حسن وتوسلت إليهم بأن ينقذوا ابنتها وأسرتها من العار، وبعد محاولات عديدة ومستميتة رقت قلوبهم ولانت لتوسلاتها، وتم تزويج ياسمين وحسن زواجاً صورياً، وكان أحمد شقيق والدة ياسمين كعادته يومياً بعد أن ينتهى من عمله يجلس على أحد مقاهى القرية، وفى هذا اليوم لم يذهب أحمد الشاب الثلاثينى إلى العمل بل جلس على المقهى ولاحظ الغمز واللمز فانتفض من جلسته ليوبخ العامل على تأخره فما كان منه إلا أن عايره بكارثة ابنة شقيقته، وترك أحمد مكانه وهرول مسرعاً إلى منزل ياسمين وعندما دخل سأل شقيقته عنها والدم يغلى فى عروقه وأجابته بأنها فى مدرستها وروى لها ما يدور فى القرية. وعندما أحست بأنه يضمر فى نفسه الشر توسلت إليه بدموعها بأن يترك ابنتها تعيش، وأنها طفلة ولا تعلم خطورة فعلتها ولكن أحمد دفعها بكلتا يديه بعيداً لتقع على الأرض ويجد أمامه «منجل» فأخذه وأسرع بالخروج من المنزل متجهاً إلى مدرسة ياسمين ليجدها على بعد أمتار منه فيجذبها من شعرها ويسحبها خلفه كبهيمة تجر إلى المجزر وينحرها من رقبتها أمام أهل القرية ويقف على الجثة حتى وصل رجال الأمن واقتادوه إلى مركز الشرطة وتهيل الأم على رأسها تراب القرية الملطخ بدم ابنتها وتضمها إلى صدرها وهى تصرخ دون وعى وبطريقة هيستيرية وتنادى على ياسمين التى لن تسمعها.