كتب - أحمد شرباش: لم تكن تعلم الفتاة العشرينية أن من أحبته وضحت بكل شىء من أجل أن تكون بجواره، سيتسبب يوماً فى إزهاق روحها، وسيكون وسيلتها فى الانتقال إلى العالم الآخر، وهى ما زالت فى ريعان شبابها، تاركة وراءها شامتين فى حكايتها التى أصبحت حديث الجميع، بعد أن خذلها زوج المستقبل. بدأت قصة «ابتسام» بعلاقة عاطفية بينها وبين «أحمد» الذى يعمل مبيض محارة، وأصبح الاثنان لا يستطيعان أن يفترقا، وأدمنا وجودهما فى حياة بعضهما، كما تشاهد القصص الرومانسية فى الأفلام السينمائية، كان هو كل دوره أن يرسم لها الحياة الوردية التى يعتزم أن ينقلها إليها بعد زواجهما، وكانت هى هائمة وحالمة فى تلك الحياة، تتمنى أن تنتقل إليها بفارغ الصبر. بعد فترة طويلة من ارتباطهما، قرر العاشقان أن يأخذا خطوة جادة نحو ضمان بقائهما معاً، وأن ينقلها إلى تلك الحياة الوردية التى وعدها بها، لم يجد الشاب أمامه وسيلة لإثبات رجولته أمام محبوبته سوى بالتقدم إليها وطلب يدها من أسرتها، لم يتردد هو كثيراً، وعقد العزم على الذهاب لأسرتها، لكنه لم يعتقد أنهم سيحطمون آماله بطلباتهم التى لا يقدر على تحقيق أى منها بسبب قلة إمكانياته ودخله المحدود. بعد أن تحطمت أحلام الشاب على عتبة أسرة محبوبته، كل آماله فى الارتباط بها، قرر الاثنان عدم الاستسلام للعادات والتقاليد التى تباعد بينهما، وقررا مواصلة عهدهما والارتباط على طريقتهما الخاصة، ووضعا خطة تضمن بقاءهما مع بعضهما، كانت الفتاة هى الطرف الخاسر فيها، لكنها لم تدرك خسارتها إلا بعد ارتكاب جريمتها التى لن يغفرها لها أحد. فى إحدى الليالى المظلمة اتفق الاثنان على أن تهرب الفتاة من بيت أسرتها وتنتقل للعيش معه داخل منزل صغير بمنطقة الشوبك الغربى، وافقت الفتاة على طلب حبيبها التى ترى الدنيا لا تسوى فى بعده، وسرقت نفسها خِلسة من وراء أهلها بعد أن كسى الليل بظلمته على جوانب الحياة وسادت عتمته فى جنبات الدنيا، وكان حبيبها فى انتظارها بالخارج، واستقلا سوياً سيارة تنقلهما إلى حياتهما الجديدة كما كانا يظنان. داخل منزل صغير من غرفتين أعده الشاب ليكون منزل الزوجية، على الرغم من أنها صدمت من محتويات المنزل التى تعود إلى الطراز القديم ووجود الشقوق به على عكس ما كان يعدها، إلا أنها لم تستطع أن تتحدث إليه بعد مصيبتها التى فعلتها وجلبت العار لأسرتها التى كانت تتمنى لها حياة كريمة، مرت الأيام بينهما بعد أن عقد قرانه عليها وكتب الكتاب بشكل رسمى، لكنه كان دائماً ما يعتدى عليها بالضرب ويسبها بألفاظ لم تسمعها من قبل، ولم تكن تجد من تشكو إليه من أهلها بعد أن اعتبروها فى حكم الميتة. يوم الحادث نشب خلاف بين الزوجين اعتادا عليه، لكن الزوج فى ذلك الوقت لم يكن فى وعيه الكامل بسبب المنشط الجنسى الذى تعاطاه، لكنها رفضت فى إقامة علاقتهما الحميمة فى هذا الوقت، مما زاده غضباً عليها ولم يجد نفسه إلا وهو ينهال عليها بالضرب بآلة حادة هشمت رأسها، ثم قام بشنقها بالإيشارب التى كانت ترتديه. فترة زمنية قصيرة احتسى فيها الزوج سيجارته المحشوة بمخدر الحشيش وبعد أن نفث دخانها أدرك المصيبة التى وضع نفسه بها، وأنه قتل عروسه، تسارعت الأفكار فى مخيلته ليهرب من تلك العقوبة وحبل المشنقة الذى ينتظره، فحملها وأسرع إلى المستشفى القريب من منزله يطلب منهم أن ينجدوها بعد أن شنقت نفسها مردداً: «مراتى انتحرت» وراحت تنساب دموع التماسيح من عينيه، لكن تلك الأفعال لم يقتنع بها الأطباء بسبب اللكمات الظاهرة على وجه الضحية، وأبلغ المستشفى قسم شرطة البدرشين الذى انتقل إلى مكان الواقعة، ومع شرح الزوج تفاصيل عثوره على زوجته منتحرة بعد عودته من شراء الفطار تنافى ذلك مع حالة الضحية لينهار ويعترف بجريمته عندما حاصره رجال الشرطة بأسئلتهم. جلس المتهم واضعاً رأسه بين كفيه يشرح تفاصيل الواقعة، مبدياً ندمه على ضياع رفيقة عمره ومن ضحت بأهلها لأجله، ليتم اقتياده عقب ذلك إلى قسم الشرطة وحبسه على ذمة القضية تمهيداً لمحاكمته. ويتم استدعاء أسرة الفتاة، فى البداية رفضوا استلام جثتها وتبرأوا من فعلتها، ولكن فى النهاية رق قلب أمها، انهارت فوق جثة ابنتها التى حرمت منها فى ريعان شبابها، لم يرحم ضعفها ولا بعدها عن أسرتها، بل استغل وحدتها وعذبها طويلاً، وفى النهاية أزهق روحها دون رحمة، تمنت الأم لو تعود الأيام لترى ابنتها أمامها وتوافق على زواجها من هذا الشاب ربما لم تكن تصل إلى هذا المصير، ولكن ماذا يفيد الندم، أخذت الأسرة جثة ابنتهم وقاموا بدفنها فى جنح الليل حتى لا يعرف أحد حكايتها بعد أن نسوا ما فعلت واعتبروها فى عداد الأموات، فهم ليسوا فى حاجة إلى فتح أبواب القيل والقال مرة أخرى حول سمعة ابنتهم وفضيحتها التى لا تنسى. لملمت الأم بقايا نفسها وانزوت فى مكان بعيد عن المنزل وقالت: ماتت ابتسام هذه المرة ليس ادعاء خوفاً من الفضيحة ولكن دفنتها بيدى.. آه يا بنتى.