بعد أحكام الإدارية العليا، حزب العدل يكشف تجاوزات المال السياسي في انتخابات النواب    جامعة أسيوط تختتم ورشة العمل التدريبية "مكافحة العنف ضد المرأة" وتعلن توصياتها    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في جنوب سيناء    «الاتصالات» تنفذ مشروعات التطوير المؤسسي الرقمى بهيئة الرقابة الصحية    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    الاحتفال باليوبيل الذهبي لاتفاقية حماية البحر المتوسط خلال فاعليات COP24    ترامب: أنهيت 8 حروب وسأسعى لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني    السعودية تتفوق على عمان 2-1 في افتتاح مشوارها بكأس العرب 2025    انطلاق مباراة مانشستر سيتي وفولهام في البريميرليج    منتخب سيدات اليد يخسر أمام الأرجنتين ببطولة العالم    التشكيل - برشلونة بالقوة الضاربة.. وألفاريز يقود هجوم أتلتيكو مدريد    مرموش على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي أمام فولهام في البريميرليج    ليفربول في مأزق.. الهلال والقادسية على رأس المهتمين بخدمات محمد صلاح    الزراعة:غلق وتشميع محلاً غير مرخص للدواجن بالجيزة    ظهور صادم ل محمد فراج في أحدث أعماله الدرامية «لعبة جهنم»| صور    كارمن يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي 2026    أحمد فهمي يعتذر لهنا الزاهد: مكنش قصدي أجرحها.. ورامز فاجئني بالسؤال    تعرف على التفاصيل الكاملة لألبوم رامي جمال الجديد "مطر ودموع"    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    بابا الفاتيكان يطرح أفكاره بشأن المجمع الذي انتخبه ويتناول الروحانية ورحلاته المستقبلية    وزير خارجية ألمانيا: كييف ستضطر إلى تقديم "تنازلات مؤلمة" من أجل السلام    أستاذ طب نفسى: طفل من بين ثمانية أطفال يتعرض للتحرش فى العالم (فيديو)    251 شاحنة مساعدات تغادر رفح إلى غزة محملة بالغذاء والدواء والبترول والملابس الشتوية    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    الهيئة العربية للتصنيع توقع مذكرة للتفاهم مع الصافي جروب    وزير الحرب الأمريكي: لقد بدأنا للتو في ضرب تجار المخدرات    تعليق ناري من ماجدة خير الله عن أزمة فيلم الست لمنى زكي    مجلس أمناء مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يعقد أولى اجتماعاته برئاسة مشيرة خطاب    العالمى ستيف بركات على المسرح الكبير    بشكل مفاجئ .. ترامب يصدر عفوا رئاسيا عن رئيس هندوراس السابق    وصفات طبيعية للتخفيف من آلام المفاصل في الشتاء    العثور على مسن ميتا في ظروف غامضة داخل منزله بقنا    إحلال وتجديد طريق ترعة الرشيدية بالمحمودية بتكلفة 2.7 مليون جنيه    مدرب العراق: أرغب في تحقيق بداية مثالية في بطولة كأس العرب    مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر    وزير الري: تنسيق مستمر بين مصر والسنغال في مختلف فعاليات المياه والمناخ    مصر والسعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بمجالات الأمان النووي والإشعاعي    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    أخطاء في تغذية الأطفال لاعبي الجمباز تؤثر على أدائهم    هزار قلب جريمة.. حقيقة الاعتداء على طالب باستخدام مفك فى الشرقية    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    تراجع كمية المياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية ل37.1 مليار متر مكعب خلال 2024    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    وزير العمل يسلم 25 عقد عمل جديد لوظائف بدولة الإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    يلا شووت.. مصر تبدأ رحلة كأس العرب باختبار ناري أمام الكويت على ملعب لوسيل اليوم    أحمد بنداري: التعامل وفق القواعد القانونية يُعزز الثقة في العملية الانتخابية    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لويس جريس قديس الصحافة المصرية ل«الوفد»: القبطية ليست ديانة ولكنها جنسية سكان مصر
فى آخر حوار مع لويس جريس
نشر في الوفد يوم 28 - 03 - 2018


حوار: ممدوح دسوقى - تصوير: طارق الحلبى
«السيسى» أطاح بكابوس الجماعة الفاشية وصحح مسار الوطن.. ويبنى نهضة حقيقية لشعب مصر
ظهرت شخصية البابا تواضروس بعد مقولته: وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن
ثورة 30 يونيه قامت ضد تجار الدين والحكم الفاشى
أشعر بمصريتى كاملة دون نقصان لأن المسلم والمسيحى يكمل كل منهما الآخر
وضع المسلم والمسيحى فى مصر هو وضع فريد فى العالم كله
أحمد بهاء الدين وإحسان عبدالقدوس وعبدالرحمن الشرقاوى أساتذتى فى الحياة والصحافة
رؤوف توفيق كان لديه البعد الإنسانى.. ومفيد فوزى الأكثر مكرًا ومهنية
مفيد فوزى ورؤوف توفيق وكريمة كمال وإقبال بركة وصالح مرسى وصبرى موسى وعبدالله الطوخى تلامذتى ولا يعترفون بى أستاذاً لهم
كنت أتمنى أن أجمع كل ما كتبته وترجمته فى كتاب بعنوان «هذا ما كتبه لويس جريس»
«عبدالوهاب» قال لى: الصحافة بتهول لما تقول «عدويه» باع مليون شريط.. أُمال عبدالحليم حافظ يبيع كام؟
شعرت بألم ووجع إحسان عبدالقدوس عندما نُزعت منه مؤسسة «روز اليوسف»
أنا أحد المؤسسين لمجلة صباح الخير والحارس على ازدهارها فى كثير من الأحيان
البابا تواضروس قدم أوراق اعتماده للمصريين جميعًا بعد أحداث 30 يونيه
كان من الملفت للانتباه أن معظم الزملاء الصحفيين والإعلاميين لم ينتبهوا جيدًا إلى لويس جريس، وما لديه من أفكار وآراء ومعلومات ورؤى للأحداث التى مرت بها مصر، وأيضًا ما لديه من أسرار فى خزائن ذكرياته، عن الشخصيات السياسية والأدبية والصحفية والفنية، التى صادقها أو زاملها أو تعامل معها، أو الأحداث التى شارك فيها أو عاصرها.. بل (للأسف) تم اختزال تاريخ هذا الرجل، وهذه القامة والقيمة فى أنه زوج الفنانة سناء جميل، فجاءت جميع الحوارات الصحفية والإعلامية التى كان لويس جريس مصدرها، كانت للحديث عن زوجته الفنانة الراحلة، مع أن سناء جميل جزء مكون من حياته، ولكنه ليس الكل.
ومن خلال اقترابى من الأستاذ لويس جريس اكتشفت أن لديه الكثير من الأسرار والمواقف، فطلبت منه أن يفتح لى خزائن ذكرياته، التى لم يفتحها من قبل كنافذة على الزمن الجميل، لأبحر معه فى دنيا الفن والصحافة والسياسة، والصداقة والزمالة، والعمل، والانتصارات والانكسارات، من خلال المشاعر الإنسانية التى يُغلف بها كل شىء فى حياته، فوافق وكان هذا الحوار..
بعد هذا المشوار الطويل فى عالم الصحافة والسياسة كيف تتحدث عن نفسك فى سطور؟
لويس جريس حاول أن يكون أديبًا ولم يستمر، وحاول أن يكون صحفيًا ولم يحقق ما كان يتمنى تحقيقه من سبق صحفى، وحاول أن يكون مبدعًا، ولم يقدم إبداعاته بشكل واضح وصريح، ولكنه فى معظم المواقف كان مفسحًا الطريق أمام زملائه لكى يبدعوا وينشر لهم أعمالهم بمنتهى الأريحية والحب.
عملت فى «روز اليوسف» سنوات عديدة ولماذا لم يتم اختيارك لرئاسة مجلس الإدارة؟
أذكر أن عبدالرحمن الشرقاوى ظل يرشحنى مرات عديدة لرئاسة مجلس إدارة روز اليوسف وفى كل مرة كان النظام يرفض، ولا يمكن أحد كان يعرف سبب الرفض، لكنى كنت أعرف ان موسى صبرى كان رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار، وعندما أعين أنا رئيس مجلس إدارة روز اليوسف ورئيس تحرير صباح الخير سيكون فى مصر (2) مسيحيان يتوليان مؤسسات صحفية، وكان يمكن للنظام أن يتغنى بهذا، ولكنهم كانوا يستكفون بوزيرين مسيحيين، ولم يكونوا يريدون فى كل مكان فى الدولة (2) مسيحيين، لأن الشرقاوى كان يلح والنظام يرفض إصدار القرار، وبعد موسى صبرى عين سعيد سنبل مكانه فى الأخبار، وظل سنبل المسيحى الأوحد كرئيس مجلس إدارة مؤسسة صحفية، ولم يكن أحد يعرف حقيقة عدم الموافقة على اختيارى كرئيس مجلس إدارة روز اليوسف، حتى لا تكون عُرفًا فى الدولة.
من هم أساتذتك فى الصحافة؟
أحمد بهاء الدين الذى تعلمت منه كيفية إعداد السؤال الصحفى فى الحوار، وكتابة ما قل ودل أى المختصر المفيد وعدم الإطالة فى الكتابة، وأيضا ماذا يشغل الناس، وان يكون الصحفى على وعى وإدراك بما يقوله الشارع، وماذا يهم القارئ، وتأثرت بإحسان عبدالقدوس فى الجملة الرشيقة، وفى كيفية اختيار الكلمة التى تحمل المعنى الذى يريد إيصاله إلى القارئ، وهذا مهم جدًا لأن مفردات اللغة العربية كثيرة، والكلمة الواحدة لها أكثر من معنى، وعلى الكاتب أن يختار الكلمة التى تحمل المعنى الدقيق ليفهمه القارئ، وتعلمت من عبدالرحمن الشرقاوى اتخاذ المواقف الإيجابية الواضحة فى جميع القضايا، وفتحى غانم تعلمت منه كتابة التحقيق فى شكل قصة قصيرة وان يكون قريباً من الشكل الأدبى.
ومن هم تلامذتك فى الوسط الصحفى؟
كثيرون وإن كانوا لا يعترفون بهذا، ولكنى أرى مفيد فوزى ورؤوف توفيق هما أكثر اثنين أثرت فيهما وتألقا فى المجال الصحفى، وإن كانا يقولان إن أستاذهما أحمد بهاء الدين مع أنهما لم يعملا معه وعملا معى أنا (11) سنة، قبل أن يصبحا رئيسى تحرير، ولكنهما يعتبراننى زميلًا لهما رغم أننى سبقتهما فى رئاسة التحرير وفى العمل الصحفى، وهما حصلا على فرصتهما فى وجودى كرئيس تحرير، وأنا الذى أعطيتهما فرصة النشر، وأيضًا توجد كريمة كمال وإقبال بركة وصالح مرسى وصبرى موسى وعبدالله الطوخى وكل هؤلاء من وجهة نظرى تلامذتى وإن لم يعترفوا بهذا.
ومن أقربهم إلى قلبك؟
جميعهم ولكن مفيد فوزى يأتى فى المقدمة، لأنه أشطرهم، وعندما كنت أطلب منه موضوعًا كان ينتهى منه على وجه السرعة، وكان يأتى إلى مكتبى ويستدرجنى ليعرف ما هو الموضوع الأول الذى سينشر فى المجلة، فأقول: الأستاذ فتحى غانم قال إن رؤوف توفيق لديه موضوع جيد وأخبره عنه، ولهذا سيكون الموضوع الأول، فيغيب مفيد فوزى يومًا ويأتى بموضوع ويعطيه إلى فتحى غانم الذى يطلب منى ترحيل موضوع رؤوف توفيق للداخل ووضع مكانه موضوع مفيد فوزى لأنه سيكون الموضوع الرئيسى للمجلة.
من كان لديه بعد إنسانى كبير؟
رؤوف توفيق كان لديه هذا البعد الإنسانى.
ومن كان الأكثر مكرًا؟
مفيد فوزى كان الأكثر مكرًا، والأكثر مهنية.
هل غدر بك أحد من تلامذتك؟
لا.. لم يغدر بى أحد منهم، ولكنهم لم يعترفوا بى أستاذا لهم، وأذكر أن صبرى موسى كان يشرف على باب القلوب الوحيدة مع زينب صادق وذات يوم تم التغيير فى بعض ما كتبه، فغضب صبرى موسى وقال: هذا الباب لن ينشر بعد اليوم، وحصل على (4) صفحات أصول الأفيش وغادر روز اليوسف وكان غضبانًا، فذهبت إلى عدلى فهيم فى المقهى، حيث كان كامل زهيرى رفده، وعين بدلًا منه زميلنا طه حسين، وسهرنا طوال الليل نجهز الأفيش من أول وجديد.
من هم أبناء جيلك من الصحفيين؟
محمد عبدالجواد رئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط، ومحمود السعدنى ومصطفى شردى مؤسس جريدة «الوفد» وعباس الطرابيلى وصلاح منتصر ومحسن محمد وإسماعيل النقيب، وكان صديقى أيضًا جمال الغيطانى ومفيد فوزى وصالح مرسى وصبرى موسى وعبدالله الطوخى مع أنهم من الجيل التالى لى.
كيف كان حجم بنط اسم لويس جريس؟
بنفس بنط زملائى.
هل تم عمل حفل تسليم وتسلم لرئاسة التحرير بعد خروجك من «صباح الخير» إلى المعاش بالقواعد التى كان أرساها عبدالرحمن الشرقاوى؟
يضحك كثيرًا وعاليًا.. ويقول لا لم يحدث، لأننى أخبرت بتعيين مفيد فوزى بدلًا منى وكنت فى رحلة صحفية مع الرئيس مبارك إلى ألمانيا، وحينها تحدثت مع مفيد فوزى وكان فى سفر إلى السعودية، وهذا التغيير تم مع جميع رؤساء تحرير الصحف، وعين سمير رجب بدلًا من محسن محمد، وجميع من صدر ضدهم قرار التغيير غادروا ألمانيا ورحلوا إلى مصر، ولكننى لم أغادر، والرئيس مبارك بدأ يكشر فى وجهى حتى لا يظهر أننا لسه حبايب، أو أن مفيد قادم رغمًا عنه، ولذلك قلت له: يا فندم أنا اتصلت ب«مفيد فوزى» وهنأته ولكنه فى السعودية وقال لى: يا أستاذ لويس استمر فى تغطية رحلة سيادتك، حتى أعود، فصمت مبارك ولم يرد.
وماذا عن أول لقاء بينك وبين مفيد فوزى بعد وصولك إلى القاهرة؟
تم بالفعل حفل تسليم وتسلم، وحينها قلت للزملاء: سأقوم وأجلس مع المحررين، والأستاذ مفيد سيجلس مكان رئيس التحرير، وأنا من اليوم محرر فى مجلة «صباح الخير» وأكتب فيها حتى اليوم.
ما هى أشهر الروايات التى قمت بترجمتها؟
رواية «حب ومال» ل«إيرس كينكارتوال»، وكان كتاب بنفس العنوان ونشرت مسلسلاً فى «صباح الخير»، ورواية «الثمن» ل«آرثر ميلر»، ورواية «الوزير والحب».
ما الذى لم تحققه خلال مشوارك الصحفى؟
كنت أتمنى أن أجمع كل ما كتبته من كتابات فى «صباح الخير» و«روز اليوسف» و«المصور» و«الاثنين والدنيا» و«الكواكب» من موضوعات أو افتتاحيات أو قصص قصيرة أو قصص ترجمتها فى كتاب بعنوان «هذا ما كتبه لويس جريس».
من هم الذين تأثرت بهم؟
وديع فلسطين ورزق جرجس أساتذتى فى الجامعة الأمريكية، وأحمد بهاء الدين وإحسان عبدالقدوس وكان لهما أثر كبير فى حياتى، وأيضًا السيدة أمينة السعيد رئيسة مجلس إدارة دار الهلال، والدكتورة سهير القلماوى التى رأست الهيئة العامة للكتاب وتلميذة الدكتور طه حسين.
ومن من خارج الوسط الصحفى؟
الشيخ أحمد حسن الباقورى وزير الأوقاف الأسبق كان قريبًا منى، حيث كان من بلدة «باقور» القريبة من «أبوتيج» التى نشأت فيها، ويضحك ثم يكمل: ذات يوم جاءنى خبر يقول: إن الشيخ الباقورى وزير الأوقاف على علاقة بفتاة صغيرة ويعلمها القيادة فى سيارته، وأنا لم أنشر الخبر واتصلت به على الفور، لأستفسر منه عن حقيقة الخبر، فضحك كثيرًا وأكد الخبر، ولكنه أكد أن هذه الفتاة هى ابنة شقيقته، وأيضًا يوسف السباعى، والدكتور هانى محمود فهمى النقراشى ابن النقراشى باشا.
من أهم من حدثك معترضًا على نشر شىء يرفضه؟
أذكر أن الموسيقار محمد عبدالوهاب كلمنى فى التليفون وعاتبنى على نشر خبر فى «صباح الخير» قال إن أحمد عدوية وزع مليون نسخة من شريط الكاسيت الجديد، وقال عبدالوهاب معقول يا أستاذ لويس ألبوم عدوية يوزع مليون؟ طب قول 100
ألف أو 150 ألفاً، فقلت له الخبر جاء إلينا هكذا يا أستاذ عبدالوهاب.. فقال: الصحافة تهول وأعقلها يا أستاذ لويس لما عدوية يبيع مليون شريط، عبدالحليم حافظ يبيع كام؟ فقلت عبدالحليم يبيع أكثر، وكان عبدالوهاب يتمتع بخفة دم عالية وأنهى المكالمة بذكاء وخفة دم.
ما هى أهم الحوارات التى أجريتها ومن هى شخصياتها؟
أهم الحوارات التى أجريتها كانت مع مكاريوس رئيس جمهورية قبرص، وكنت معجبًا به لأنه كان راهبًا، وفى ذات الوقت متمردًا وقاد ثورة، وهذا على غير طبيعة القساوسة، وأيضا أجريت حوارًا مع الرئيس اليونانى أندرياس باباندريو، وكان أستاذاً للعلوم السياسية فى جامعة سان فرانسيسكو، والتقيت به فى اليونان، وأيضًا أجريت حوارًا مع موزينديس وكان رئيس المسرح القومى باليونان، وفى قامة ومكانة يوسف وهبى لدينا، وقاد المسرح اليونانى وأدخل فيه ما كان يريد أن يفعله يوسف وهبى فى المسرح المصرى.
هل شعرت بلحظات ضعف إنسانى؟
هذه اللحظات شعرت بها فى المدرسة الابتدائية، عندما كان كل تلميذ يقف ويتحدث عن والده، فمنهم من كان يقول أبوه وكيل البوسطة، وغيره يقول والده ضابط، أو طبيب، أما أنا غكنت أقول والدى ميت، وكنت أشعر بأننى ضعيف وبدون سند من أبويا، وأيضًا فى حصة الدين قالوا: الإخوة المسيحيين يتفضلوا يخرجوا خارج الفصل، ولكنى لم أخرج، فقال الأستاذ: أخرج يا لويس لأنك مسيحى، وفى هذه اللحظة شعرت بأننى مختلف، وكنا نخرج فى الشمس، ولكنى بعد ما كبرت لم أشعر بهذه اللحظات على الإطلاق.
وهل شعرت بلحظات القوة؟
لم أشعر بهذه اللحظات نهائيًا، ودائمًا كنت أقدم الناس علىّ وخاصة زملائى، مثلًا كنت أكون حاجزاً لنفسى صفحتين سأكتبهما أو موضوع (4) صفحات ثم يأتى مفيد فوزى أو رؤوف توفيق أو زينب صادق أو نهاد جهاد أو عبدالله الطوخى أو صبرى موسى ومعه موضوع فكنت أجور على نفسى وأعطيهم هذه الصفحات، إلى الدرجة التى أصبح مثلًا مفيد فوزى أشهر منى مع أنى رئيسه وأستاذه، إلا أن اسمه كان يكتب كل أسبوع، وأنا كل حين على ما أنشر موضوعًا، وأذكر ذات مرة أحد الشخصيات سأل مفيد عنى قائلًا: مين اللى معاك؟
فقال: لويس جريس مدير التحرير..
فقال: أنا لم أسمع عنه من قبل!!.. لأنى لم أكن من النوعية التى تزاحم أو تفاخر.
موقف مؤلم لم تنسه من ذاكرتك؟
بالطبع يوم تأميم الصحافة شعرت بألم ووجع إحسان عبدالقدوس، عندما نُزعت منه مؤسسة روزاليوسف، فقد كان موقفاً مؤلماً ومحزناً، وأحزننى كثيرًا، لأننى وضعت نفسى مكانه لو أن هذه المؤسسة ملكى ونزعت منى فما هو كان موقفى؟
هل أنت راض عن مشوارك الصحفى؟
راض عنه جدًا، لسبب بسيط وهو أننى ظللت فى صباح الخير منذ إنشائها وقبل صدورها، وحتى هذه اللحظة، وأعتبر أننى أحد المؤسسين لها والحارس على ازدهارها فى كثير من الأحيان.
ما الذى كنت تحلم به وتريد تحقيقه فى صباح الخير؟
كان لدى حلم وأنا أدرس وأعمل فى أمريكا، لأن المجلات الأمريكية التى تشبه روزاليوسف مثل التاييم والنيوزويك كانت توزع (6) ملايين نسخة، وكنت دائمًا أحلم بأن روزاليوسف وصباح الخير توزعان بالملايين.
هل كرمتك الدولة؟
مع خروجى إلى المعاش منحت وسام الاستحقاق من الرئيس مبارك.
موقف إنسانى تأثرت به كثيرًا؟
أذكر موقف زميلتى هدى زكريا المحررة الدبلوماسية فى جريدة الأخبار، وكانت إنسانة ذكية ومن الصحفيات اللاتى برعن فى ذلك الجيل بالحس الخبرى، وكانت تأتى إلينا فى روزاليوسف وتعطى أخباراً إلى إحسان عبدالقدوس وأحمد بهاء الدين، وكانت متزوجة من حمدى فؤاد وكان اسمه الحقيقى سيزوستريس سيداروس وكان المحرر الدبلوماسى فى الأهرام، ولكن هدى كانت أكفأ منه حيث كانت تنفرد بالأخبار الدبلوماسية، ونظرًا للمنافسة الشديدة بين الأهرام والأخبار، وحرصًا على زوجها وعدم منافسته، طلبت نقلها إلى جريدة الجمهورية التى لم تكن تنافس الأهرام التى يعمل بها زوجها.
من الذى يعجبك من الفنانين؟
أعجبت بيوسف وهبى فى مقدمة فنانين هذا العصر، وكنت أحرص على مشاهدته فى استوديو مصر، وأيضًا زوزو ماضى، وميمى شكيب وسراج منير وفريد شوقى ومحمود المليجى وهند رستم وعمر الشريف وفاتن حمامة، والجيل الذى يليهم، مثل سميحة أيوب وسناء جميل ومحمود ياسين وحسين فهمى وسعاد حسنى وكانت صديقة عزيزة لى وعندما كانت تأتى إلى إحسان عبدالقدوس كان يقول لها انتظرينى فى مكتب لويس جريس.
ومن هم الكُتاب السياسيون الذين أعجبت بهم؟
هيكل فى مقالة بصراحة وأحمد بهاء الدين فى مقاله «هذه الدنيا» والذى كنت أميل له أكثر من هيكل.
وماذا عن الروائيين؟
دائما كنت أتابع يحيى حقى ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعى وتوفيق الحكيم حيث كنت أهتم بمسرح المجتمع لديه، حيث جمعت مقالاته فى أخبار اليوم ووضعتها فى كتاب باسم مسرح المجتمع، وأذكر أننى مثلت احد الأدوار من مسرحية «أريد هذا الرجل» لتوفيق الحكيم على خشبة المسرح فى قاعة «ايوارت» التذكارية عندما كنت طالباً فى الجامعة الأمريكية، وحضر الرئيس عبدالناصر عرض هذه المسرحية، وبعد أن صعد عبدالناصر وسلم علينا فوق خشبة المسرح، قالت لى زميلتى «آن هارت» ابنة المستشار الثقافى فى القاهرة: جريس.. جريس هل معك منديل؟
فقلت لها: آه معايا.. فقالت: من فضلك هاتوا.. وأعطيته لها فقامت بلف يديها به طوال اليوم وقالت لى هذه اليد سلمت على أقوى رجل فى مصر مستر عبدالناصر.
هل تعرضت للرفد أو تم منعك عن الكتابة؟
لا.. ولكن كمال الدين حسين عضو مجلس قيادة الثورة، أراد يرفدنى بعد تأميم الصحافة، ولكن إحسان عبدالقدوس دافع عنى وحمانى لأنى نشرت قصة بعد ما بدأ إحسان عبدالقدوس يتكاسل عن كتابة حكاياته فى روزاليوسف، وطلب منى أن أتصرف فى هذا الأمر، وكنت أحاول أن أترجم قصصًا تكون قريبة من حكايات إحسان، وأسفل الصفحة أكتب ببنط (9) عن قصة للكاتب (فلان) الإنجليزى أو الأمريكى أو الأسترالى، وفى بعض الأحيان كنت أكتب أنا القصة، وعندما قرأ كمال الدين حسين إحدى القصص اعتبرها خارجة.. وقال ل«إحسان»: البنت اللى اسمها لويس جريس شوف لك طريقة معها ومشيها.
فقال «إحسان»: لويس رجل ومش بنت وهو مجتهد ودارس فى أمريكا، ومعه ماجستير فى الصحافة، وليه عاوز تمشيه؟.
فقال له: قرأت له قصة وكانت خليعة.
ورد إحسان: لا.. بس هى كانت محاولة لسد الفراغ فى الصفحة، ولكنى سألفت نظره، ولن يكررها مرة ثانية، ومرت الأزمة على خير.
وهل تكرر هذا الموقف بعد عصر عبدالناصر؟
نعم.. تكرر هذا الموقف مع الدكتور فؤاد محيى الدين رئيس الوزراء الراحل الذى قال ذات مرة وكنا فى قصر رأس التين مع مبارك: يا ريس لويس جريس أهوه..
ورد عليه مبارك: إيه مالوا لويس؟
فقال فؤاد: حول صباح الخير إلى منشورات للشيوعيين..
فنظر إلى مبارك وقال: أسمع يا لويس.. خد بالك أنت ما تستحملشى غلوة.
فقلت له: ولا نص غلوة يا ريس.
فقال مبارك: أيوه خد بالك وفتح عينيك على كل ما ينشر لأنك المسئول قصادى.. فقلت له حاضر يا ريس وتحت أمرك..
وذهبت إلى الدكتور «فؤاد» وقلت له: يا دولة رئيس الوزراء هل عملت حاجة؟
فرد علىّ وقال: أتلم يا لويس.. ومشى وتركنى..
وحاولت أن أمشى وراءه لأعرف لماذا هو غضبان منى، ولكنى لم استطيع أن أفهم شيئًا، لأنه كرر قائلًا: أتلم يا لويس، أتلم يا لويس، وتركنى ومشى.
كيف تم اختيارك عضوا فى اللجنة العليا للانتخابات فى عهد مبارك؟
اعتقد أنهم كانوا محتاجين واحد مسيحى، وكنت من أبرز المسيحيين الموجودين فتم اختيارى، وكنا نطلق على رئيس اللجنة وصف أمير القضاة، والأعضاء أفراد بحكم مناصبهم مثل رئيس محكمة النقض والاستئناف ومعظم الأعضاء كانوا من القضاة، وكان معنا رئيس أحد البنوك، وكانت اللجنة فى انعقاد دائم لفض المنازعات ومواجهة كل ما يحدث من أزمات فى حينها، وكنا نعرف وجود تزوير فى الانتخابات ونحقق فى الشكاوى ونكتب التقارير بنتيجة التحقيق ونحيلها إلى لجنة لتقوم بالتحقيق فيها.
مشهد عبثى لم تنسه من ذاكرتك طوال هذه السنوات؟
هو بالفعل مشهد أقرب إلى العبثى، عندما تشكلت لجنة العشرين فى الاتحاد الاشتراكى خلال عصر عبدالناصر، وكان فيه تكوينات اشتراكية وغيرها وتحاول أن تجمع الكل فى بوتقة واحدة لتصهرهم، ليكونوا أعضاء فى الاتحاد الاشتراكى، ذلك التنظيم السياسى الوحيد فى تلك الفترة، وكنا جميعًا اشتراكيين ولكن بدرجات متفاوتة، وكنت أحتار وأقول ما هى الاشتراكية؟، وكيف يمكن أن تكون هناك اشتراكية ونحن ما زلنا فى لجان مختلفة ومختلطة؟ ولا يوجد فاصل يفصل بين الاشتراكى وغير الاشتراكى، وكان الأعضاء يتحدثون عن الاشتراكية كطلاسم غير مفهومة، أو متحققة على أرض الواقع، وأنا كنت عضوًا فى لجنة العشرين ومعى عبدالله الطوخى وصالح مرسى وصبرى
موسى وكانوا يتخذون موقفًا رافضًا لوجودى، على اعتبار أننى أمريكانى، وهذا كان مشهداً عبثياً لأن ما الذى كان يميزهم عنى كاشتراكى، بل قد أكون أنا فى سلوكى ومواقفى أكثر اشتراكية منهم، وكانت الأمور ليست بالهينة أو البسيطة التى يمكن أن تستمر فى هدوء، وكنا دائمًا نردد شعار «حرية، اشتراكية، مسئولية» ولكننا لم نكن نفهم معناها.. وكانت اللجان تجتمع وتتحدث عن الاشتراكية وهى لا تفهم شيئًا فيها، ولجان أخرى تتحدث عن الرأسمالية دون أن تفهم ماذا تعنى الرأسمالية، وكانت اللجان تضم مديرى المؤسسات الصحفية الذين من المفترض أنهم ضد الاشتراكية، والمحررين الذين من المفترض أن يروجوا للاشتراكية، وكنا نتساءل مندهشين كيف تضم اللجان الرأسماليين مع الاشتراكيين؟ ولكن هكذا كان سمة عصر عبدالناصر.
لماذا لم تحصل على السيارة المرسيدس من صدام حسين؟
يضحك.. ثم يقول لأننى نمت، وصحوت متأخرًا عن طائرة الرئيس مبارك، وعلى ما وصلت المطار كانت الطائرة أقلعت، ولكن الوحيد الذى احتفظ بالسيارة المرسيدس 500 هو الدكتور عاطف صدقى رئيس الوزراء حينها، وقال ل«مبارك»: يا ريس بعد إذنك أنا ما عنديش عربية وسوف أدفع جمرك السيارة واحتفظ بها، ووافق مبارك له فقط، لأنه قال تسحب جميع السيارات المرسيدس بالكامل وتضم إلى أسطول سيارات رئاسة الجمهورية.
كيف ترى وضع الأغلبية المسلمة فى مصر؟
أنا ك«لويس جريس» المسيحى أتفهم وضع الأغلبية فى مصر وأعرف انه لا يقلل منى ولا يضيف إلىّ، ولا يجعلنى أقل شأنا من الآخرين، بل بالعكس أشعر بنفسى كقبطى تمتد جذورى إلى أقباط مصر القدامى الذين ظلوا على دينهم لأن أجدادى دفعوا الجزية، وإخوانهم المسلمون هم أقاربى ولكنهم دخلوا فى الإسلام، ولكن أهلى استطاعوا أن ينفذوا من الباب الضيق للحكام والذى لم يستطع أن ينفذ منه إخوانهم الذين دخلوا فى الإسلام، وهذا ما جعلنى أتفهم وضع الأغلبية وأحترمها، كما أنهم يحترمون وجودى بين الأقلية، مع أن المسيحيين فى مصر لا يشعرون بأنهم أقلية أو ينقصهم شىء بما يجعلهم كاملى الأهلية المصرية، وأنا أشعر بمصريتى كاملة دون نقصان، وأعرف أن المسلم والمسيحى يكملان بعضهما.
كيف ترى التعايش المصرى بين المسلمين والمسيحيين؟
لا أريد أن أقول إن المسلم والمسيحى فى مصر يختلفان عن غيرهما فى أى دولة فى العالم، لأنهما فى مصر نسيج واحد وشبه واحد، ولا يستطيع احد أن يفرق بينهما فى الشكل أو اللبس أو طريقة المعيشة، كما قال اللورد «كرومر»: هذا يدخل الجامع وذاك يدخل الكنيسة، إلى أن قامت ثورة 32 يوليو 1952، وبدأت الثورة تنظر إلى بعض الأمور بنظرة ضيقة، وبدأوا بتعيين وزيرين مسيحيين، بل كانوا أوشكوا أن يجعلوا فى الوزارة وزيراً مسيحياً فقط، ولكنهم قالوا لا يصح لأن مصر اعتادت أن يكون فى وزارتها (2) من المسيحيين.. ومع هذا وضع المسلم والمسيحى فى مصر هو وضع فريد فى العالم كله، فلا يوجد مسلم مثل المسلم المصرى، وكذلك لا يوجد مسيحى مثل المسيحى المصرى، لأنهما يختلفان عن غيرهما فى جميع أنحاء العالم، لأن المسيحى المصرى هو الذى صدر المسيحية إلى العالم، والمسلم المصرى هو الذى صدر علم الإسلام إلى العالم، والإسلام الوسطى المعتدل العاقل يتمثل فى المسلم المصرى، لأنه متعايش ومنفتح ومتسامح يتقبل الآخر أسرع من غيره ويتفهمه ويتفهم طبيعته، والمسلم الآخر تجده منغلقاً ومن السهل تزمته وتطرفه.. والمسلم المصرى يعتبر ان سيدنا «عيسى» مولود نبى، ويحترمه ويقدسه مثل غيره من الأنبياء، ومن السهل ان تجد المسلم المصرى يقول: «موسى» نبى، و«عيسى» نبى و«محمد» نبى وكل من له نبى يصلى عليه.
ما الذى يميز المسيحيين المصريين؟
الذى يميز المسيحى المصرى هو انه يتعايش ويتعاون مع جاره المسلم باحترام عقيدته وإيمانه دون تقليل أو تسفيه، والمسلم يتعامل من منطلق القاعدة القرآنية لكم دينكم ولى دين، والمسيحى يتعامل من منطلق لكم إيمانكم ولى إيمانى، وكل واحد بما يؤمن به عليم، ثم أن مشاكل الحياة وهمومها وصعوبتها وظروفها القاسية التى يعانيها المصريون على مر العصور، واعتيادهم جور الحاكم، أصبح ينطبق عليهم المثل القائل: لا تعايرنى ولا أعايرك دا الهم طايلنى وطايلك، ولكن الجميع فى مصر يعرف أن القبطية ليست ديانة ولكنها جنسية سكان مصر.
فلتعطنى مثالًا قويًا عن هذا التقارب بين المسلم والمسيحى فى مصر؟
يضحك عاليًا.. ويقول الأمثلة كثيرة يا ممدوح مثلًا بيوت المسلمين والمسيحيين فى صعيد مصر متلاصقة، والسيدات يتعاملن فيما بينهن بمنتهى الأخوة والمحبة لدرجة إننا كنا نسمع فى الصعيد بعض السيدات وهن يضحكن ويقولن: هذه البنت (وتكون مسيحية) لا تجوز لهذا الولد (ويكون مسلمًا)، لأنهم أصبحوا إخوة فى الرضاعة، لأنه عندما كانت تنشغل إحداهن فى أى من الأعمال سواء فى البيت أو الغيط، فكانت تترك ابنها أو ابنتها الرضيعة لدى جارتها المسلمة أو المسيحية إذا كان لديها وليد آخر، حتى تنتهى من عملها، وبالطبع كان هذا الوليد يبكى احتياجا للرضاعة، فما كان من السيدة المصرية مسلمة أو مسيحية إلا أن تقوم بإرضاعه حتى يهدأ وينتهى بكاؤه، ومن هنا ظهرت مقولة فلان المسلم لا يجوز لفلانة المسيحية.
كيف حاز البابا تواضروس على قبول المصريين خاصة أنه جاء بعد البابا شنودة الذى كان شخصية وطنية احترمها المصريون؟
البابا تواضروس قدم أوراق اعتماده للمصريين جميعًا بعد أحداث 30 يونيه، وبعد الإرهاب الذى وقع من جماعة الإخوان ومؤيديها، وإحراقهم للكنائس، فمنع المسيحيين من التصدى لهم وهم يحرقون كنائسهم، وقال جملته الشهيرة: وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن.. لأن الكنائس يمكن تعويضها أما إذا احترقت الأوطان فماذا سنفعل، وأين نعيش؟، ومن هنا ظهرت شخصية البابا تواضروس، الذى كان يضع فى الاعتبار الكنائس التى أغلقت فى ليبيا، والحرب الأهلية الدائرة هناك، ولكن فى مصر فوت الفرصة على الجماعات الإرهابية حتى لا تشعل حربًا أهلية، أو تعطى للخارج الذريعة بالتدخل فى شئون مصر بحجة حماية الأقليات، وأصبحت مقولته شهيرة ويرددها المصريون.
وكيف ترى ثورة 30 يونيه؟
ثورة 30 يونيه قامت على تجار الدين، والحكم الفاشى الذى كان يريد أن يغتنم الفرصة، أكثر منها التمسك بنهضة دولة، لكن إخوان الخارج كانوا أسبق من الدولة المصرية فى طرح رؤية مغايرة للحقيقة من خلال علاقتهم بدول الخارج، لكن مع مرور الوقت اعترف العالم بالنظام المصرى الجديد الذى اختارته ثورة 30 يونيه، وأوباما كان يريد أن يسيطر على الجماعات الإسلامية فى العالم عن طريق السيطرة على جماعة الإخوان فى مصر، لكى تنفذ ما تريده أمريكا، وهو فى صالح إسرائيل وليس فى صالح الشعب المصرى.
لماذا لم نسمع عن أقباط المهجر بعد 30 يونيه؟
لأنه لا يوجد من يخرجهم، وهم عرفوا الخطر الحقيقى من جماعة الإخوان، فوقفوا جانب 30 يونيه، وأيدوا الدولة، وساندوا السيسى بعد إزاحة كابوس الإخوان، ثم خطا السيسى خطوات مهمة جدًا مع المسيحيين خاصة بعد ما ذهب إلى الكنيسة وهنأهم بعيدهم وأيضًا عزاهم فى قتل المسيحيين الذين قتلهم تنظيم داعش فى ليبيا، بعد أن وجه ضربة جوية إلى مواقع داعش فى ليبيا وهذا أسعد المسيحيين والمسلمين فى مصر.
كيف ترى الرئيس عبدالناصر؟
الرئيس عبدالناصر رغم أنه لعب دورًا مهمًا فى حياة مصر والمنطقة العربية والإفريقية، إلا أنه كان ديكتاتورًا عطل الإنسان المصرى، وفى عهده هرب كثير من المثقفين والصفوة والمفكرين إلى خارج مصر، واتسمت معظم قراراته بالتصرفات السريعة الحمقاء وبدون وعى لأنها كانت ردود فعل لكل ما يجرى من أحداث سواء فى الداخل أو الخارج، وأعفت المواطن المصرى من المشاركة السياسية وتحمل المسئولية، وجعلته يطيع الدولة ويمشى وراءها كما تريد.
أليست له إيجابيات؟
عبدالناصر أرسل معاونيه إلى البرتغال لدى الديكتاتور «سالى زار» ونقل معاونو عبدالناصر شكل نظام الحكم هناك، حتى اسم الاتحاد الاشتراكى جاء من البرتغال، وأنشأ التنظيم الطليعى كالخلية الشيوعية، ووضع فيه أفرادا يتجسسون ويكتبون التقارير فى بعض البعض، فأنهت على العمل السياسى الذى يفرز الكوادر السياسية، ولهذا لم تنتج يوليو الوزير السياسى بل أنهت عليه وفضلت أهل الثقة وأهل المحبة والإخوان والأحباب فى المناصب بديلًا عن اختيار الشخص المناسب، بل إن ثورة يوليو لم تترك المسئول الجيد يستمر فى منصبه، وأصبح لا يعرف أحد من الذى كان يلعب فى الاختيارات؟ لأن الديكتاتور عندما يتشكل لا يريد لأحد أن يعارضه أو يشاركه فى رأى أو قرار، ولهذا قضى عبدالناصر على كل من عارضه، وكانت قراراته كارثية بسبب تسرعها، وعدم الاستماع إلى أحد فلم تتم دراسة الوحدة مع سوريا دراسة حقيقية، ثم جاء تورط مصر فى حرب اليمن، ومن الطبيعى أن تنتقص الديكتاتورية من كل الإنجازات، لأن هذه الديكتاتورية عطلت الإنسان المصرى وقهرته.. ثم أن الحريات فى عهده، لم تكن موجودة أو متاحة، بل كانت القيود المفروضة كثيرة جدًا، وربما كانت غير محسوسة بسبب حالة الغموض والتعتيم التى كانت سمة العصر، وكانت مفروضة فرضًا وبالقوة من خلال الرقابة والمنع والقمع والتجسس، ولم يكن فى قدرة احد ولا استطاعته معرفة حقيقة ماذا يحدث؟ أو ما الذى دخل مصر من أموال، أو ماذا خرج منها؟ فلم يكن مسموحًا بنشر أى شىء من هذا القبيل، وأيضًا كان ممنوع منعًا باتًا نشر أى من قضايا الفساد الكبرى.
وماذا عن الرئيس السادات؟
الرئيس السادات رجل لم يجد الزمان من قبل ولا بعد بمثله، فهو سياسى من طراز فريد، وفى منتهى الذكاء الشخصى والاجتماعى، وداهية كبير فى مجال السياسة، بل إنه كان من أعظم السياسيين فى العالم، لأن له رؤية جيدة وكان متنبئًا جيدًا لردود فعل الغير، وصاحب فكر بعيد يسبق عصره وأقرانه.
لكن يوجد جدل شديد حول الرئيس السادات؟
الحقيقة ان السادات، تعرض للكثير من الهجوم الظالم، والتجرؤ على شخصه وعلى سياساته حيًا بحجة عدم الاستعداد للمعركة، أو انه لا يسير على نهج «عبدالناصر»، وميتًا بحجة انه فرط فى السلام.. حيث اختلفت وجهات النظر حوله فرأينا من لم يحبه وهؤلاء بالطبع لن ينصفونه فى أى سياسة أو قرار، لأن هؤلاء يحبون عبدالناصر كما أن ولاءهم مستمر له، ولم يكن الولاء لمصر، ولهذا لا يعترفون ب«السادات» خاصة أنه قال فى بداية حكمه: انه سوف يسير على خطوات عبدالناصر، وهو بالفعل سار عليها ولكن باستيكة، ولهذا نجح وانتصر وأعاد الأرض وتنفس الشعب فى عهده نسائم الحرية.. ويوجد من يحب السادات لأنه استعد للمعركة وحارب وانتصر واسترد الكرامة المصرية والعربية، وأنا من هؤلاء الذين يميلون إلى تأييد الخطوات التى كان يخطوها السادات، لأنها خطوات وسياسات عملية بعيدة عن الدخول فى مغامرات غير محسوبة، أو مهاترات سياسية، أو خطب حنجورية أو معارك عنترية، بل كانت سياسات تقود مصر إلى التنمية ومحو آثار العدوان، وقد كان.
وكيف استقبلت مقولته عندما قال: أنا رئيس مسلم فى دولة مسلمة؟
أنا أحب الرئيس السادات وأعلم أن المسيحيين مصريون يعيشون فى دولة مسلمة، ولكن السؤال المطروح دائمًا والذى أود أن أجيب عنه فى هذا الشأن، وهو كيف يعيش المسيحى فى مجتمع مسلم فى مصر؟.. فأجد أن المسيحيين والمسلمين فى مصر يختلفون عن غيرهم فى جميع أنحاء العالم، لأنهم نسيج واحد بالفعل، ولهذا لا يستطيع احد أن يقول هذا مسلم، وهذا مسيحى لأنهم جميعًا مصريون..
وكيف ترى الرئيس مبارك؟
يضحك قائلًا: مبارك كان موظفاً كبيراً أو مديراً عاماً لكن بدرجة رئيس جمهورية، ولو نظرنا إلى بر مصر سواء حول نهر النيل، أو على الظهير الصحراوى الغربى أو الشرقى، فسنرى بسط نفوذ رجال الأعمال على مصر كلها، بالإضافة إلى توحش الدولة البوليسية فى عهد مبارك وتمكينها من رقاب الناس، لدرجة أن الشعب شعر بالموت وأصبح يعيش فى انتظاره، ولم يكن الشعب يعيش ليفلح الأرض أو ليدير مصنعًا، بل كان ينتظر الموت، وكان يحسد الذى يموت منه فى عصر مبارك، بسبب توحش النظام بشكل لا يتصوره احد، حيث انعدمت المواجهة مع السلطة نهائيًا، وبشكل مخيف وكأنه لا وجود للحياة على أرض مصر.
هل يمكن أن تقيم محمد مرسى؟
محمد مرسى لم يكن رئيسًا للجمهورية، بل كان مندوب مكتب الإرشاد فى قصر الاتحادية.
وماذا عن الرئيس السيسى؟
الرئيس السيسى أطاح بكابوس جماعة الإخوان الفاشية وصحح مسار الوطن، ويبنى نهضة حقيقة لشعب مصر، ولكن من الأفضل الحكم على أدائه بعد نهاية فترة حكمه، حتى يتم تقييم الإيجابيات والسلبيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.