كوبرى الإليزيه ليس الأول من نوعه، بل واحد من الكبارى التى أصبحت تحت سيطرة البلطجية والباعة المتجولين، مثل كوبرى ناهيا والخشب، اللذين تحولا لمرتع للنشاط المجهول، وانتهاك صارخ لأملاك الدولة فى استغلال خطوط الكهرباء فى الإنارة. وقد أعلنت وزارة الكهرباء من قبل أن الفقد فى إجمالى الطاقة المولدة من الشبكة الكهربائية يبلغ حوالى 11٪، بما يعادل 15 مليار كيلو وات/ساعة سنوياً. «الوفد» أجرت جولة ميدانية على الكبارى وتواصلت مع عدد من الباعة لتكشف كيف تحولت الكبارى لأملاك خاصة بهم بعيداً عن أعين رؤساء الأحياء والجهات التنفيذية بالمحافظة. انتاب عدد كبير من أهالى أرض اللواء، وبولاق الدكرور وفيصل، حالة من الاستياء والضيق نظراً لتجاوزات الباعة الأخلاقية، فضلاً عن ضيق مساحة الطريق أعلى الكبارى. أهالى أرض اللواء: الباعة حولوا الكبارى مرتعاً خاصاً بهم من أعلى كوبرى الإليزيه الذى لا يبعد سوى أمتار عن شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، تجد عدداً من الباعة يفترشون أمتعتهم وبضائعهم على الأرض ليقاسموا المارة نصف الطريق، ويقومون باستغلال جدران الكوبرى لتعليق بضائعهم من ملابس جاهزة مجهولة المصدر. «مش عارفين نعيش حياتنا الطبيعية».. باستياء شديد استهلت فادية عزيز، موظفة، حديثها، قائلة: إن كوبرى الإليزيه من المفترض أنه ملك للمواطنين وليس ملكاً للباعة الذين حولوه لسوق خاص. وأشارت إلى أن الباعة احتلوا نصف مساحة الكوبرى حتى أصبح المرور فوقه أشبه بالمستحيل حال وقوف أحد المواطنين لشراء أى سلعة من السلع.. متسائلة: إزاى الحكومة سابت الكهرباء تتسرق كده؟.. وأوضحت أن الباعة استغلوا غياب الحكومة فى سرقة التيار الكهربائى وتوصيلها للكوبرى لإنارة المصابيح ليلاً ونهاراً. والتقطت أطراف الحديث أسماء خالد، طالبة جامعية، وقالت: إنها تتعرض يومياً للمعاكسات من قبل الباعة أثناء عودتها فى فترات الليل، ومع ضيق مساحة المرور أعلى الكوبرى فتصبح الفرصة للباعة كبيرة فى ملاحقة السيدات بالكلمات الخارجة والنظرات المحرمة. وأشارت إلى أن البضاعة التى يتم تسويقها أعلى الكبارى «فرز ثالث» وغير مطابقة للمواصفات وغير صالحة للاستخدام. وقالت سالى فتحى، ربة منزل: إنها سبق أن اشترت طقم ملابس لأطفالها من الباعة، ولكن «تلفت» مع أول غسلة وتمزقت، بسبب رداءة صناعتها، موضحة أن ضحاياهم دائماً من البسطاء أو محدودى الدخل. ورفض أحد الباعة الإعلان عن مصدر شراء البضائع، مؤكداً أن مصدرها يدخل ضمن أسرار المهنة. وبسؤال بائع آخر عن كيفية حماية أنفسهم من سرقة التيار الكهربائى؟.. قال: يا بيه كل واحد فى حاله والحكومة مش فاضية للقصة دى. قبضة قانون الشارع «قانون الشارع» ذلك الذى يحكم عمل الباعة أعلى الكوبرى الخشب القريب من محطة مترو البحوث، وناهيا، فى شارع السودان، حيث يقوم الباعة بتقسيم الكوبرى فيما بينهم وكل فرد يحتفظ بالمربع الخاص به وحال تعرض الآخر له يكون «قانون الشارع» الفيصل بينهم، فيتحول الكوبرى لساحة قتال. وبين محمد رشوان، وكيل لجنة الطاقة والبيئة بالبرلمان، أن من الأسباب الأساسية فى انتشار سرقة التيار الكهربائى خلال الأيام الماضية، انتشار المبانى العشوائية التى تم بناؤها أسفل أبراج الضغط العالى والكبارى، خاصة فى القرى والأرياف والمناطق النائية والشعبية فى القاهرة والجيزة، مؤكداً أن 90٪ من المبانى العشوائية تسرق العدادات الكهربائية. وطالب «رشوان» الإدارات المحلية بتشديد الرقابة على أعمدة الإنارة فى الشوارع، حتى لا يتم استغلالها بهذا الشكل، مشيراً إلى أن واحداً من الأسباب الأساسية فى سرقة التيار الكهربائى هو رفض المواطنين تقبل أسعار فواتير الكهرباء، ولذلك يتفننون فى كيفية سرقتها سواء من الباعة أو الأهالى، مؤكداً أن لجنة الطاقة لم تناقش ملف سرقة التيار الكهربائى لانشغالها فى الوقت الحالى بمناقشة قانون سوق الغاز.