التحقيق فى وقائع فساد ب«النيل للأدوية» و«هولدى فارما للتسويق» تفشل فى مهمتها تراجع حصة الشركات الحكومية إلى 9٪ من السوق والخسائر تتجاوز نصف مليار جنيه تمثل الشركة القابضة للصناعات الدوائية حالة خاصة فى قطاع الأعمال العام، ومع أنها مسئولة عن أحد أهم القطاعات الحيوية فى مصر، والمرتبط ارتباطا وثيقا بصحة وحياة المصريين لكنها تواجه العديد من المشكلات التى تؤثر فى أدائها وتهدد استمرارها بوجه عام. النتائج التى أسفرت عنها الجمعيات العامة للشركات التابعة تشير إلى ارتفاع خسائر الشركة المجمعة إلى أكثر من نصف مليار جنيه هذا العام، وهو رقم خطير جدا فى تاريخ القابضة للأدوية، لم يحدث من قبل، وآخر مؤشرات مالية للشركة العام الماضى 2015-2016، كانت تشير إلى أن الشركة حققت صافى ربح بلغ 167.4 مليون جنيه، مقابل 188.6 مليون جنيه ربح عن 2014-2015، بانخفاض بلغ 21 مليون جنيه بنسبة 11%، وكان التراجع ناتجًا عن ثبات تسعيرة الدواء الحكومى مقابل ارتفاع تكلفة الإنتاج، خاصة أن الشركات تعتمد على الاستيراد من الخارج وهى أزمة الأدوية المخسرة التى تواجه الشركة منذ فترة ما أثر فى صافى الربح، وكان التساؤل وقتها كيف سيكون الوضع العام المقبل بعد تحرير سعر الصرف، وما سيصاحبه من ارتفاع فى أسعار المدخلات والمواد الخام؟ وجاءت الإجابة فى صورة النتائج المعلنة لهذا العام وكانت صادمة ومرعبة وتثير القلق حقا على مستقبل شركات الادوية التابعة لقطاع الاعمال العام، حيث انه وفقا للقوائم المالية المجمعة للشركات التابعة للقابضة للصناعات الدوائية فقد حققت خسارة قدرها نحو 505.422 مليون جنيه. أى تزيد على نصف مليار جنيه. لا ينكر أحد أن معاناة شركات الأدوية الحكومية زادت بعد تعويم الجنيه، حيث أصبحت الشركات تشترى الخامات بزيادة تبلغ الضعف ما يمثل أعباء على ميزانيات الشركات فى الوقت نفسه تعانى شركات الدواء الحكومية من انخفاض حصتها فى السوق التى كانت فى وقت سابق تبلغ 60% انخفضت إلى 9% فى الوقت الحالى. وتشير البيانات الأخيرة إلى تحسن نتائج 8 شركات من إجمالى 11 شركة تابعة للشركة القابضة للأدوية، سواء بزيادة أرباحها أو التحول من الخسارة إلى الربح أو تراجع خسائرها، بينما تحولت شركتان من الربح إلى الخسارة، وزادت خسائر شركة واحدة. وقد أثرت خسائر الشركة المصرية لتجارة الأدوية على صافى ربح الشركات التابعة للقابضة للأدوية حيث بلغت خسائر الشركة المصرية لتجارة الأدوية 601.864 مليون جنيه مقابل 136.709 مليون جنيه صافى ربح عام 2015/2016. أسباب التردى فى قطاع الأدوية الحكومى كثيرة، فهناك مستحقات متأخرة للشركة المصرية لتجارة الأدوية لدى وزارة الصحة لم تحصل عليها تخص أدوية موردة للمستشفيات ومعهد الأورام، لا يتحدث عليها أحد، وكأنه ليس حقا للشركة، ويتم التعامل مع الموقف بطريقة «زيتنا فى دقيقنا» أى أنها مطالب حكومية من الحكومة، ونسى الجميع أنها تخص شركة قطاع أعمال محسوبًا عليها أداؤها. ورغم مطالبة الدكتور أشرف الشرقاوى، وزير قطاع الأعمال العام، الشركة بضرورة أخذ حقها، لكنه لم يستجب لها أحد، كما أشار مصدر مسئول بالشركة ل«الوفد». يعد الفساد فى بعض الشركات بابًا خلفيًا لاستمرار التراجع ورغم إعلان الوزارة عن تغيير 22 عضوًا فى مجالس ادارات الشركات التابعة، إلا انه جرى التعتيم على واقعة رهن التحقيق، التى تخص شركة النيل للأدوية، والخاصة بالبحث عن 146 مليون جنيه «تائهة» فى ميزانية الشركة، وهناك شائعات باختلاسها، وتورط مسئول كبير فى الشركة فى الأمر. تبقى أزمة التسويق من أهم مشكلات الدواء الحكومى، حيث تغيب تماما استراتيجية التسويق للأدوية المنتجة مقابل سباق محموم من الشركات الأجنبية للتسويق لمنتجاتها، وإطلاق الشائعات على انهيار الدواء المصرى وعدم جدواه، وأنه بلا مواد فعالة، ورغم سماع تلك الشائعات لكن الدولة لم تحرك ساكنا، اللهم إلا إنشاء شركة تسويق منذ 2008 اطلق عليها «هولدى فارما للتسويق» تعمل تحت لواء القابضة للادوية، كانت مثالًا للفشل الذريع، كما يشير أحد المسئولين السابقين بالقابضة للأدوية إلى أنها انحرفت عن أهداف إنشائها، وتحولت إلى شركة لتعيينات المجاملات فقط بالإضافة إلى أنها شركة تسويق لم تسوق شيئًا منذ إنشائها، وكانت فقط مصدر إنفاق فى صورة الرواتب والأرباح التى يطلبها العاملون فيها، المشكلة الأكبر كما قال المسئول السابق إن هناك أوامر كانت تأتى بالتعتيم على بعض الأدوية التى تنتجها شركات الدولة لصالح دواء جديد تعتزم شركة أدوية أجنبية من العاملة فى السوق المصرى إطلاقه. الأمر الذى اطلق علامات استفهام كبيرة على مهمة التسويق فى الشركة رغم أنها من أهم المشكلات التى يتحدث عنها دائما رؤساء شركات انتاج الأدوية، مؤكدين أن استعادة صناعة الدواء المصرى صدارتها التى تستحقها بالفعل مرهونة بعملية الترويج والدعاية التى تتراجع فى الشركات التابعة للدولة بسبب التكلفة وللأسف تقف شركة التسويق التابعة للدولة متفرجًا على الموقف، الأمر الذى دفع الدكتور أشرف الشرقاوى، وزير قطاع الأعمال العام، للتأكيد فى أكثر من لقاء مع رؤساء شركات الأدوية، على الاهتمام بالتسويق فى إشارة إلى أن هناك سرًا فى الموضوع، نرجو أن تكشف عنه محاولات إنقاذ الصناعة.