الظلم عند أهل اللغة: وضع الشىء فى غير موضعه المختّصّ به, إما بنقصان أو بزيادة، وإما بعدول عن وقته أو مكانه. وتشهد دراسة التاريخ البشرى أنّ الإنسان مهما كان دينه ومسلكه وانتماؤه، وأينما حلّ فى بقاع الأرض، يُدرك بنفسه قُبح الظلم وحُسن العدل، كما يُدرك بنفسه حسن الوفاء بالعهد وقبح نقضه، وحُسن معونةِ المظلومين ونصرتهم، والإنسان السليم يدرك حسن الأفعال وقبحها، ويعتبر الفعلَ الحسَن علامة فاعلة، والفعل القبيح علامة نقص. ولهذا فإنّ الخروج عن هذه القاعدة من قبل المتكبّرين فى الماضى والحاضر، وظلم الشعوب وسلبها مقدّراتها وعدم إعطائها ما تستحقّه هو من أجلى مصاديق الظلم والتكبّر والتعالي، خاصة أنّ أساس الظلم نابع إما من جهل الفاعل بقبح الظلم، أو كونه سفيهاً غير حكيم فهو يمارس الظلم مع علمه بقبحه ورغم قدرته على القيام بالعدل، أو من احتياجه للظلم لحفظ مصالحه ومشاريعه. جاء الإسلام والناس متفرِّقون شيعاً وأحزابًا وقبائل، فجمع الله به الناس، وألَّف به بين قلوبهم: قال الله تعالى: «وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا». وقد ربَّى الإسلام أبناءه على أنّهم أفراد فى مجموعة، وأنّهم أجزاء من هذه الجماعة الكبيرة، فالمسلم بشعوره أنّه جزء من الجماعة يحبّ للأجزاء الأخرى مثل ما يحبّ لنفسه، وإنّ انتماء المسلم للجماعة يترتّب عليه حقوق وواجبات، ومن أعظمها واجب التناصر. الظلم من الأمور القبيحة، التى ورد النهى الشديد عنها فى الإسلام، والحث على نصرة المظلومين ودعمهم بالكلمة إذا احتاجوها، وبالمال إن احتاجوه وبالسلاح اعتُدى عليهم. واعتبرت هذه النصرة مواجهة للظالم نفسه، وتعبيراً آخر عن رفضه وعدم الرضا به وجهاده.