فرحت والله يا سيادة وزير الداخلية، عندما طالعتنى عبر التلفاز لقطات تشبه برنامج الشرطة الأمريكي الواقعى المصور «ريسكيو 911» وقد أمسك رجالك «بفرافيرو» البلطجى لص السيارات، حقا تورم عينا فرافيرو تفضحان ما حدث حتى تمكنوا منه، لا يهم، الأهم أن أحد البلطجية «وقع» والأهم أن غيرهم آلاف تضج بهم شوارع مصر وأن حوادث السطو المسلح تجعلنا نشعر بأننا فى شيكاغو، وأسألك، وماذا بعد فرافيرو وأهديك تلك القصة غير الجميلة. أيام الثورة كان ضمن ملايين الشباب بالتحرير يهتف ويرفع الشعارات، لا يتنفس أبواه الصعداء إلا عندما يرجع بينهما، ليعاود فى اليوم التالى الخروج للميدان رغم اصابته بجروح وضربات عصى وأدخنة الغاز، لكنه بأى حال لم يقتل، وعندما رحل مبارك، وقف بين الجموع يطلق الألعاب النارية متلفحا بعلم مصر، فى احتفالية لم ولن نراها مرة أخرى، فى جمعات الغضب متلونة الأسماء، كان الجدل ثائرا بينه وبين أبويه، حول مشاركته بها، كانا يطالبانه بالتركيز فى مذاكرته، فهو يدرس بنظام تعليم دولى لا يمنح أى اجازات من أجل عيون الثورة أو جمعاتها الغاضبة، بل الامتحانات نفسها تتم فى أيام الجمعة، وكان ينتصر كثيرا لآرائه، فيما يرفع الأبوان الأيدى للسماء بأن يحفظه الله وكل أبنائنا الأبرار. فى أيام هروب المساجين وتربع الخوف بقلب القاهرة، حمل عصا غليظة صنعها بنفسه مع شقيقه الأصغر، وبات الليالي أمام الديار ليحرس هو وغيره البيوت والأعراض، وسجل بطولات فى الامساك بعدد من البلطجية ولصوص محلات السوبر ماركت بالحى وتسليمهم للجيش، وكان يشعر بالزهو، وكأنه جندى مصرى على الميدان يسجل انتصارات على العدو، ومع انطلاق شيطان البلطجة فى أرجاء مصر وانتشار العنف والسرقات بالاكراه، خاض الأبوان معه حربا جدلية لا تنتهى حتى يومنا لرغبته فى التسلح بمطواه أو عصا كهربائية من تلك التى باتت تباع جهارا بالأسواق الشعبية وعلى مفارش تجار الأرصفة، كانت أسبابه تبدو مقنعة، فأصدقائه بالمدرسة والنادى كانوا ضحايا لأعمال البلطجة والسرقة بالاكراه فى الليل أو بوضح النهار وأمام المارة، أو حتى رجال الشرطة، وكان عليه التسلح لحماية نفسه. لا... كله إلا هذا، قالها الأب بحسم وشددت الأم، ابنى يتحول إلى فرد «ميليشيا مسلح» لا يمكن ان نواجه العنف بالعنف، لا لخرق القانون بحمل أى سلاح، لا يمكن تصور أن يتم ضبطه فى حملة أمنية ومعه سلاح، ليتهدد مستقبله الذى بذلت الأسرة ليالي طويلة سوداء من التعب والمال لبنائه، وعندما جئت يا سيادة الوزير، استشعرت الأسر المصرية الجدية فى تعاملك مع البلطجية الى حد الضرب فى «المليان»، نعم تفاءلنا مع وعودك بنشر قوات الأمن وعودة الدوريات ونقاط الشرطة بالشوارع، وتنفس الأبوان الصعداء، قالت الأم ها هو الأمن يعود للشوارع «بجد»، رغم ذلك كانت تبسمل وتحوقل وتكرر نصائحها له بالحذر، وهو فى طريقه الى المدرسة، الدرس، النادى، حتى يوم الجمعة الماضى. انتهى الشاب الصغير من ممارسة رياضته فى نادى الزهور بمدينة نصر والساعة تجاوزت العاشرة مساء بقليل، عندما ودع أصدقاءه، ووقف فى الجانب المقابل للنادى لاستيقاف تاكسى يقله للمنزل، وإذا بصعقة كهربائية تفاجئه من الخلف فى ظهره، ليفقد معها توازنه، وقبل أن يفيق من الصدمة الكهربائية، عاجله آخر بضربة على رأسه بجسم صلب ضربة كادت تقتله لولا رحمة الله، وهجم عليه المجهولان واستوليا على هاتفه المحمول «بلاك بيرى» وهربا على «موتوسيكل»، وسقط هو على الأرض لينقذه سائق تاكسى «ابن حلال» كان مارا بالمصادفة وأقله لمنزله، وليتلقفه الأبوان بذهول، سيدى وزير الداخلية إنها ليست قصة للتسلية، بل واقع تم تحرير محضر به رقم 213 جنح قسم ثان شرطة مدينة نصر، ورقم السيريال الخاص بالهاتف المسروق هو 358139042374045. أقدم بلاغى، ولدى شك كبير فى اعادة الهاتف، لعلمى ان الشرطة توقفت عن تتبع «السيريال نمبر» للهواتف المسروقة، بعد أن باتت سرقتها شيئا تافها فى محاضر الشرطة، أمام السرقات الأخرى التى تعرضت ولا تزال تتعرض لها مصر، وأنا أتحدى أن تعيد الشرطة الهاتف، ولكنى رغم ذلك أطالب باعادة انتشار الشرطة والدوريات بصورة فعلية فى شوارعنا، وبوضع نقطة للشرطة أمام أماكن التجمعات وأمام كل الأندية، لحماية أولادنا من المتربصين بهم ، سواء ببيع المخدرات أو بجرائم السطو المسلح، إذ يرى المجرمون أن شباب الأندية هم من أبناء الأثرياء الذين يجب سرقتهم أو حتى تدميرهم وقتلهم، إنه بلاغ رسمى وأنتظر الرد.