ركز مؤتمر القمة العالمية للحكومات، الذى استضافته دبى قبل أسبوعين، واستمر ثلاثة أيام وشارك فيه أكثر من 4000 آلاف شخصية عالمية يمثلون 134 دولة فى إحدى جلساته الرئيسية على الأخلاق والسلوكيات وعلاقتهما المباشرة باستدامة وتطور ونمو الأوطان وكيف يمكن محاربة كل آفات المجتمع بالقيم والأخلاق. وفى الكلمة التى قالها الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، أشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحارب الطائفية والكراهية والإرهاب والتطرف من خلال منظومة القيم والأخلاق مؤكداً أن الإمارات تمكنت من تحويل هذه المنظومة إلى منظومة حياة، موضحًا أن الإمارات استقت منظومة أخلاقها من تاريخها الذى يرجع إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد والتى أورثها الأجداد إلى الآباء والأبناء. وأضاف الشيخ سيف: أن الإمارات لن تكتفى بمنظومة أخلاقها الموروثة، ولكنها انفتحت على منظومة أخلاق الدول الأخرى، فأرسلت الكثير من أبناء الإمارات إلى اليابان وسنغافورة وكندا لدراسة مناهجهم الأخلاقية والاستعانة بتلك المناهج مع الاحتفاظ بقيم الدين الإسلامى، ليثمر هذا الخليط عن المنظومة الأخلاقية الإماراتية التى تعتبر حائط الصد الأساسى ضد الأفكار المتطرفة، مثل الكراهية والإرهاب. وتناول الشيخ سيف المنظومة الأخلاقية الإماراتية المبنية على التسامح، وقال إن من يحافظ على الكنيسة والمسجد يحافظ على الإنسانية جمعاء. وأشار فى حديثه إلى أسرار نجاح الإمارات وتحقيق الإنجازات من خلال المحافظة على المجتمع، وأوضح أن الشيخ محمد بن راشد يخصص عدة آلاف من المراقبين السريين الذين يقومون بمراقبة موظفى الدولة ومتابعتهم والبحث عن المتميزين منهم وتكريمهم حتى يكونوا قدوة أمام زملائهم، وأكد أن تقييم موظفى الدولة بمن فيهم الوزراء يتم كل ثلاثة أشهر، وليس كل سنة ميلادية. واستشهد الشيخ سيف بن زايد بمقولة غاندى: « ما أجمل أن تسير بين الناس وتفوح منك رائحة أخلاقك». وأشار إلى أن هناك الكثير من الحضارات اندثرت بسبب انعدام الأخلاق وأوضح أنه كلما انحرف المخلوق عن الأخلاق أرسل الخالق رسلاً لتقويم شعوب تلك الدول. وفى هذا الصدد شدد ميرو سيرار، رئيس وزراء جمهورية سلوفينيا، على ضرورة التمسك بالقيم الإنسانية وبالأخلاق فى خضم التحولات العالمية الكبرى التى نشهدها اليوم، وأن يتم اعتمادهما كمكونين رئيسيين فى خطط الدول الاستراتيجية للتنمية المستدامة. وأكد أن الأمم والدول عليها مسئولية كبيرة تضاف إلى مسئوليتها فى أن تحقق الرفاه والرخاء إلى شعوبها، فهناك مسئولية دولية تتمثل فى المساهمة فى الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وتطرق فى كلمته إلى المعانى الخالدة لمقولة الرسام الشهير فنسنت فان جوخ: «الأمور العظيمة لا تتم بالغريزة وإنما عن طريق سلسلة مترابطة أجزاؤها، يكمل أولها آخرها». وتتبع اليابان أساليب مبتكرة وقد تبدو غريبة فى بعض الأحيان فى تعاملها مع مشاكل وقضايا ذات أهمية عالمية كالاستدامة والتنمية الاقتصادية وتدوير الموارد وغيرها. إلا أن هذا هو ما يضفى على الثقافة اليابانية رونقًا براقًا يجعل من الأهمية بمكان لدول العالم الأخرى أن تتطلع إلى التجربة اليابانية وأن تستلهم منها دروسًا وعِبراً للوصول إلى ما وصلته اليابان من تطور. وفى جلسة حملت عنوان: «النموذج اليابانى فى هندسة السلوكيات»، تحدث مورينوسوك كاواكوجى، خبير فى استشراف المستقبل والابتكار، عن أهمية توظيف اليابانيين لأيقوناتهم الثقافية فى مختلف مناحى الحياة العامة، وذكر أنه على غير المعتاد تتبنى حملة توعوية لأجهزة الشرطة فى اليابان، موضوعها مهم وشديد الخطورة هو مكافحة المخدرات، ملصقات مضحكة وكرتونية. كما تقوم البلدية بوضع أشكال من الكرتون اليابانى المحببة للناس عند إغلاق الشوارع للبناء وغيره، بدل أن تضع المخروط البرتقالى المتعارف عليه عالميًا. وقال كاواكوجى: «تكمن أهمية الأيقونات الثقافية فى أنها ناقل مهم لقيم وعادات وتاريخ بلد ما إلى خارج حدوده، كما أنها تلعب دورًا فى إضفاء طابع الحميمية داخل المجتمع اليابانى. وأن فى اليابان تنتشر ظاهرة الاعتذار وإظهار الأخلاق الحسنة مع الآخرين. هى سمة من أهم مزايا الشعب اليابانى والتى تظهر أن الفرد يحرص على عدم الإضرار بمشاعر من حوله، فترى الشاب ينحنى لو رأى كبار سن أمامه على سبيل المثال وهو ما يدل على الاحترام الكبير للإنسان الكبير. ولا يقتصر احترام الإنسان اليابانى للإنسان فحسب، بل يشمل فى هذا الاحترام والمحبة الأشياء كذلك. كما ضرب أمثلة أخرى لمناسبات يقوم فيها اليابانيون بإحياء ذكرى إحدى الأدوات المهمة فى البيت أو الأجهزة الكهربائية التى خربت ولم تعد تعمل. كما أشار إلى أن الشعب اليابانى يحتفل بتوديع وسائل المواصلات العامة التى تنتهى خدمتها، فهم لا يعتبرونها أداة مواصلات فقط، فالنسبة لهم هى شريك فى الحياة، شىء قام بإعانتهم على قضاء حاجة فى حياتنا.