عندما هاجر النبى إلى المدينة كان المهاجرون معه كلهم فقراء ما عدا عثمان بن عفان، فآخاهم مع الأنصار الذين شاركوهم فى أموالهم ووهبوا لهم من نخيلهم، وحاول النبى فى بداية الأمر أن يلتزم العدالة الاجتماعية فقال: «الناس شركاء فى ثلاث، فى الماء والكلأ والنار» وهذه، رغم أنها من واقع الحياة البدوية قبل الإسلام، فقد كانت بداية طيبة للعدالة الاجتماعية التى كانت سائدة فى بداية الإسلام بحكم أن أغلب المسلمين كانوا متساوين فى الفقر، فقد روى ابن عساكر: «حدثنا نصر بن علقمة عن جبير بن نفير عن عبدالله بن حوالة قال كنا عند رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فشكوا إليه الفقر والعرى وقلة الشىء فقال النبى «صلى الله عليه وسلم» بل أبشروا فوالله لأنا وكثرة الشىء أخوف عليكم من قلته والله لا يزال هذا الأمر فيكم حتى تفتح لكم أرض فارس وأرض الروم وأرض حمير، وحتى تكونوا أجناداً ثلاثة جندا بالشام وجندا بالعراق وجندا باليمن وحتى يعطى الرجل مائة دينار فيتسخطها». فكانت المائة دينار تعتبر حلماً يتطلع إليه المسلم. ثم بدأت الغزوات والسرايا وبدأ المال يتدفق على المسلمين، فقال ابن قيم الجوزية: «ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر إلى المدينة، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التى كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل، فكانت أم سليم وهى أم أنس بن مالك أعطت رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاقاً «نخلات» فأعطاهن أم أيمن مولاته، وهى أم أسامة بن زيد، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سليم عذاقها، وأعطى أم أيمن مكانهن من حائطه «جنائنه» مكان كل عذق عشرة».